موازنتنا تدخل مرحلة الاحتضار

موازنتنا تدخل مرحلة الاحتضار

باسل عباس خضير

الموازنة الاتحادية تشكل عقدة للعراقيين ، فقبل عام 2003 غابت الموازنات المالية بحجة الحروب و الحصار ، وبعد ذلك العام لم نرى موازنة تثلج الصدور من حيث أسلوب الإعداد والتحديث وموضوعية التخصيص ، وفي كل سنة تتحول الموازنة إلى ( Copy – Paste) و يتأخر إصدارها بحيث لا يتم نفاذها الفعلي إلا بعد مرور عددا من الشهور، وفي العامين 2014 و2020 غابت الموازنة بشكل كامل بعد أن أمطرونا بالأعذار، وفي هذا العام لم نرى أملا في إصدار الموازنة رغم مرور 5 أشهر على بداية السنة المالية ، وبعد أن فشلت حكومة تصريف الأعمال في إعداد وتقديم موازنة 2022 ( لا قبل ولا بعد الانتخابات ) بالتوقيتات التي حددها القانون ، وبعد أن اخفق البرلمان في تشكيل الحكومة رغم مرور 7 أشهر على الانتخابات ، فقد قامت الحكومة بإعداد قانون الأمن الغذائي لذر الرماد في العيون وهو قانون فيه اختلاف كبير بين العنوان والمضمون ، وبعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها بتحديد مهام الحكومة الحالية بما يمنعها من تمرير أي قانون ، فقد بدأت المحاولات لإحياء قانون الأمن الغذائي باقتراح عددا من أعضاء مجلس النواب ، وهو قانون يمثل النسخة المعدلة للقانون الذي اقترحته حكومة تصريف الأعمال بدعوى تخليصه من العيوب التي أثارت حفيظة وانتقاد الكثير .
والقانون الذي يروج له حاليا لا يخلو من العيوب ومن المتوقع أن لا يحظى بالسريان ، فهو يتقاطع مع قرار سابق للمحكمة الاتحادية بحصر مهمة اقتراح مشاريع القوانين التي تحوي التزامات مالية على السلطة التنفيذية ، كما انه يواجه تساؤلات تتعلق بمدى مشروعية مصادقته من قبل رئيس الجمهورية لانتهاء ولايته ، فضلا عن احتمال أقامة الدعاوي بعد تشريعه للحؤول دون نفاذه الفعلي ، وبغض النظر عن كل التفاصيل الغامضة المتعلقة بهذا الموضوع فان الشيء الواضح للعيان إننا لا نرى أملا في إصدار موازنة لعام 2022 ، فقانون الأمن الغذائي عبارة عن ( ركعة ) كبيرة لتمكين الحكومة بالصرف بأكثر من 1\12 شهريا بعد أن ازدادت الإيرادات الحكومية لأكثر مما كانت عليه نظرا لارتفاع أسعار النفط ، ويعني ذلك إن هذا القانون وما قد يلحق به من تشريعات مالية ما هي إلا قرابين تقدم لغياب موازنة 2022 مما يجعلها بحالة احتضار ، واحتضار موازنة العام الحالي يعني خيبة أمل للكثير ، فقد عشنا خلال السنوات الماضية بالتقشف وشد الأحزمة على البطون لحين تحسن الأمور وتوفر الأموال ، وغالبية الشعب بفئاته المحرومة والمتضررة من التقشف بانتظار الفرصة التي تحررهم من الحرمان لمعالجة مشكلاتهم في الفقر والبطالة والغلاء وجمود الأعمال وانكماش الاقتصاد ، ولكنها تتحول اليوم إلى أحلام وردية ، فالموازنة التي تحتضر بالفعل من المحتمل أن تكون غائبة او مغيبة حتى نهاية العام وان الأمور ستتم تمشيتها ب( المكرمات ) ، والموضوع الذي سيتباهى به من يعنيهم الأمر انه حققوا وفرة بأكثر من 40 مليار دولار، ولا خير بوفرة لا تلبي احتياجات الناس التي توفر لهم العيش الكريم دون منة وصدقات .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here