«إطاريون» يحاولون إقناع المعترضين داخل الكتلة ببقاء الكاظمي لوقت أطول

بغداد/ تميم الحسن

للمرة الثانية في غضون أيام تأتي من إقليم كردستان مؤشرات تحريك مياه السياسة الراكدة منذ أشهر، وسط أجواء متوترة وحديث عن «تهديدات».

وحتى الآن، يبدو أن كل الأوراق التي رمتها القوى السياسية للخروج من الأزمة خلال الـ 7 أشهر الماضية، لم تخرج بالحل، والثابت هو استمرار حكومة مصطفى الكاظمي لوقت أطول.

ورغم الإخفاق، فإن ما تشير إليه الحوارات الجانبية بين بعض التيارات تفيد بأن هناك مراجعة دورية لكل الاقتراحات السابقة، لكنها مراجعة تشبه «الدوران في حلقة مفرغة».

كانت واحدة من الاقتراحات أن يتم إعلان الكاظمي استقالته فيضطر رئيس الجمهورية إلى تكليف مرشح الكتلة الأكبر.

وعملياً، فان «التحالف الثلاثي» هو الكتلة الأكبر، بحسب ما أعلنه في مؤتمر رسمي في آذار الماضي، ورغم أنه لم يحدد عدد مقاعده، فإن التقديرات تتحدث عن 180 مقعدا.

هذا الاقتراح يصطدم بالكثير من العقبات القانونية والواقعية، حيث لا توجد مؤشرات حتى الآن على نية رئيس الوزراء الحالي وهو رئيس حكومة تصريف أعمال يومية، على تقديم استقالته.

كما أن تقديم الاستقالة يعني وبحسب آخر تفسير للمحكمة الاتحادية، بقاءه رئيسا لحكومة تصريف الأعمال.

وهذا التفسير الأخير هو أيضاً من أحرق مقترحاً آخراً طرح في وقت سابق وتتم مناقشته في بعض الأحيان، بأن يتم تغيير بعض وزراء حكومة الكاظمي، كورقة ضغط على الإطار التنسيقي.

وأغلقت «الاتحادية» الباب بعد أن جاء في تفسيرها بأن الحكومة الحالية (حكومة تصريف أعمال) ليس من حقها إقالة أو تعيين وزير أو أحد المناصب المهمة.

كذلك وبحسب التفسير نفسه، فإنه لا يحق للبرلمان الحالي أن يصوت على إقالة الوزراء الحاليين، لأنه ليس البرلمان الذي صوت على استيزارهم، في إشارة إلى مجلس النواب السابق الذي حل نفسه قبل أيام من الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الاول الماضي.

أما حل البرلمان الجديد، فإن أوساط التيار الصدري، وبحسب ما أفادت به إلى (المدى)، بأن «أحد المقترحات التي قد تطرح مجددا بعد انتهاء مهلة زعيم التيار مقتدى الصدر الأخيرة».

وهذا الخيار لو طرح فعلاً، فإنه سيواجه أيضا بعقبة سياسية وقانونية، حيث قد ترفض بعض القوى القريبة من الصدريين مثل تحالف سيادة السني أن تمضي بهذا الاتجاه، خصوصا وأنها كسبت موقعاً مهماً في رئاسة البرلمان.

وهذه العقبة تؤدي بالنتيجة إلى العقبة القانونية، لأنه في آخر بيان لمجلس القضاء حول إجراءات حل البرلمان فإنه يتطلب إجراءات معينة وتصويت غالبية أعضاء البرلمان، ورفض بعض الأطراف «الثلاثي» المتوقع لحل المجلس إضافة إلى الرفض المعلن من «التنسيقي» الذي يعني صعوبة تحقيق هذا الهدف.

كذلك تؤشر مراجعات القوى السياسية، إلى وجود «مغامرة» في الذهاب مرة أخرى إلى انتخابات مبكرة بعد أقل من سنة من آخر انتخابات والتي جرت في تشرين الأول الماضي وكانت مبكرة أيضا، حيث من الطبيعي أن يصار إلى انتخابات جديدة في حال حل البرلمان.

المغامرة تكمن في احتمال اهتزاز قواعد بعض الأحزاب بسبب ما جرى في الأزمة السياسية، والخوف من اتساع جمهور المقاطعين، حيث سجلت الانتخابات الماضية أدنى مستوى للمشاركة منذ 2005 (أول انتخابات بعد 2003) بأقل من 45 %.

فتحالف «الفتح» مثلا، وهو أحد مكونات الإطار التنسيقي، فقد نحو 30 مقعداً عن نتائجه في 2018، حيث حصل في 2021، على 17 مقعداً فقط مقابل نحو 50 مقعداً في الانتخابات السابقة.

بالإضافة إلى أن القوى السياسية عليها تحمل تكاليف جديدة للدعاية الانتخابية بعد أشهر فقط من إنفاق أموال قدرت على الأقل بـ 8 ملايين دينار للنائب الواحد.

كما كانت مفوضية الانتخابات قد منحت ميزانية وصلت إلى 300 مليون دولار، وهو ما يعادل نحو 45 مليار دينار.

كما تشير مصادر من داخل الإطار التنسيقي، الى أن الأخير لا يمكن أن يعيد نفس الخطأ، وهو القبول بخوض الانتخابات مرة أخرى بنفس قانون الانتخابات.

وكان «التنسيقي» قد اعتبر تراجع مقاعده في الانتخابات الأخيرة، هو بسبب قانون الانتخابات «الذي شرع على مقاسات التيار الصدري»، بحسب زعمهم، ولذا في حال قبل «الاطاريون» إعادة الانتخابات فإنهم سيطالبون بتغيير القانون.

ووفق ذلك فإن ما يتسرب من نقاشات بين القوى السياسية، فإن الحل الأسلم هو القبول بالوضع الحالي واستمرار حكومة مصطفى الكاظمي لحد إيجاد حل يرضي جميع الأطراف.

وتقول المصادر داخل «التنسيقي» إن «هذه الفكرة تطرح بين حين وآخر… والمعترضون على بقاء الكاظمي يمكن إقناعهم».

حل آخر!

بالمقابل ان هناك حلا آخر قد يوازي بقاء «الكاظمي»، وهو مقترح لم يغب عن خطابات ومبادرات القوى السياسية المتعددة خلال الازمة، وهو اندماج طرفي الخصومة (التيار) و(الاطار) او جزء من الاخير.

والمقترح الاخير قد يكون ضمن المبادرة التي يتم الحديث عنها، وهي التي يفترض ان يقدمها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

حيث تشير بعض التوقعات إلى عدم إمكانية ان تخرج المبادرات عن وضع مقترحات لتقريب وجهات النظر من خلال عقد «صلح» او «دمج بعض الاطراف المتخاصمة».

وكان الصدر، وبحسب اوساط مقربة من التيار، «يقبل بكل أطراف الإطار التنسيقي باستثناء نوري المالكي، رئيس الوزراء الاسبق، وقيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق».

وعن المبادرة المرتقبة، يقول عبد السلام برواري وهو عضو في الحزب الديمقراطي في حديث مع (المدى) ان «المبادرة غير مطروحة حتى الان، لكن ثقة القوى السياسية بقدرة رئيس الحزب مسعود بارزاني على حل الازمات كما فعل في 2010 و2014 تدفع الجميع لدعوته الى التدخل».

وكان برواري قد قال في وقت سابق، ان المبادرة الكردية يجب ان يكون قبلها استعداد من القوى السياسية لبدء حوارات جديدة.

وكشف برواري حينها لـ (المدى) ان «وفداً من الحزب سيصل الى بغداد قريباً لجس نبض القوى السياسية، وقد تطلق بعدها المبادرة».

وبدأ الكلام عن «الحل الكردي» يتصاعد مع لقاءات جديدة بين القوى الكردستانية تجري لأول مرة منذ 4 أشهر.

وجدد أمس، رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، الامل في فتح الطريق امام تسوية الخلافات في بغداد، عبر لقاءات تجري في الاقليم بين الحزب الديمقراطي ومنافسه الاتحاد الوطني.

وأكد رئيس الاقليم في لقاء أمس مع أحد سفراء الدول الاوروبية، على أهمية وجود رؤية وفهم مشتركين بين الأطراف العراقية من أجل التوصل إلى حل، يؤدي إلى تجاوز الانغلاق والانسداد السياسيين.

وجاء هذا التصريح في بيان صدر عن مكتب الاخير خلال استقباله صباح الاربعاء، مارك برايسون سفير بريطانيا في العراق ووفداً سياسياً وعسكرياً مرافقاً له.

وقبل ذلك بوقت قصير، أعلن مكتب رئيس الاقليم، عن موعد اجتماع بين رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، ورئيس حزب الاتحاد الوطني بافل طالباني.

وذكر أحد الموظفين الرفيعين في المكتب لوسائل اعلام كردية، انه من المقرر ان يجتمع وفد من المكتب السياسي للحزب الديمقراطي اليوم الاربعاء (أمس)، مع وفد من المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، بحضور رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني.

وجاء هذا التطور عقب لقاء الاخير الذي جرى مؤخراً، بين رئيس الإقليم وقيادات «الاتحاد» واحزاب كردية اخرى في السليمانية.

وبحسب عبد السلام برواري فان «هناك لقاء قريبا على مستوى القمة سيجري بين الحزبين (الديمقراطي والاتحاد)».

وكانت بعض التسريبات قد اعتبرت ان الاتفاق الكردي- الكردي قد يضر بـ «الاطار التنسيقي» لأنه سيزيد مقاعد جبهة «الثلاثي»، وهو ربما كان وراء التصعيد الاخير من المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «المقاومة العراقية».

وكانت هذه المجموعة قد اتهمت رئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني، بانه يقوم بتدريب «جماعات تخريبية» في الاقليم برعاية من اسرائيل، لضرب اهداف حيوية في البلاد، وهو ما رفضته السلطات في إقليم كردستان، وهددت برد عنيف على اي عدوان ضدها.

وتنظر اغلب القوى السياسية إلى تقارب الحزبين الكرديين الرئيسين على أنه سينهي نصف عقدة تشكيل الحكومة، حيث من المؤمل اتفاق الطرفين على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية والذي بدوره يكلف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here