بابل تتحدث عن تراجع في الثروة السمكية أضر بالمنتج والمستهلك

سجّلت الثروة السمكية في بابل تراجعاً كبيراً، تسبب بارتفاع أسعار الأسماك في أسواق المحافظة إلى حوالي الضعفين مما كانت عليه في العام الماضي.

ويعزو منتجو الأسماك، السبب وراء تراجع الإنتاج إلى حجم الهلاكات التي تعرضت لها أحواض تربية الأسماك منذ عام 2018 بعد تفشي فايروس “كوي” إضافة إلى تغير العوامل المناخية وانخفاض مناسيب المياه.

فايروس “كوي”

يقول رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك إياد الطالبي لـ(المدى) إن “فايروس (كوي) الذي أصاب الأسماك عام 2018 تسبب بهلاك أعداد كبيرة من الأسماك، وتحول إلى وباء بسبب عدم إيجاد العلاج اللازم للقضاء عليه، وتكررت الإصابات بهذا الوباء بمعدل ثابت خلال شهري آذار ونيسان من كل عام”.

واشار الى أنه “في العام الماضي، وهذا العام، أصبح الوباء يستمر أكثر من شهرين مستوطناً في أحواض الأسماك بسبب التغير المناخي، خاصة في هذا العام الذي ما زال يسجل انخفاضا في درجات الحرارة الأمر الذي يزيد من استمرار تفشي الفايروس”.

وأضاف الطالبي أن “الكثير من منتجي الأسماك عزفوا عن الإنتاج، وتركوا المهنة بعد أن تعرضوا لخسائر مالية كبيرة دون أن يستلموا أية تعويضات مالية من الدولة، رغم المطالبات المتكررة منذ أربعة أعوام”.

أسباب أخرى

ولم يقتصر أمر تراجع الثروة السمكية في بابل، التي يشكل إنتاجها ما نسبته 40% من قيمة الإنتاج الكلي للأسماك في العراق على مشكلة فايروس “كوي”، بل يؤكد مختصون ان ثمة أسباب أخرى أدت إلى تدهور الإنتاج في هذا القطاع.

إذ يؤكد الدكتور أحمد عماد أحد منتجي الأسماك في بابل لـ(المدى) أن “انخفاض مناسيب المياه في العراق تسبب أيضا بتراجع مستوى الإنتاج خاصة في مجال الأقفاص العائمة التي تحتاج إلى مناسيب مياه مرتفعة في نهر الحلة، وهذا بدوره أثر بشكل واضح على الأحواض الطينية “البحيرات” التي تعرض معظمها إلى الجفاف”.

واشار إلى “ارتفاع أسعار الأعلاف إلى حد بعيد”، اذ تجاوز سعر الطن المليون ومئتي ألف دينار بعد أن كان لا يتجاوز الـ400 ألف دينار فقط، وهذا زاد من عزوف منتجي الأسماك، عن المهنة، لعدم إمكانيتهم تأمين مبالغ الأعلاف قياساً بحجم الهلاكات التي تتعرض لها الأسماك”.

جفاء حكومي

ورغم كل تلك المشاكل التي تتعرض لها الثروة السمكية التي تشكل موردا ماليا للكثير من العاملين في هذا القطاع فضلا عن كونها موردا غذائيا مهما وأساسيا لدى العراقيين، الا أنها لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل المؤسسات الحكومية المعنية وتحديدا وزارة الزراعة.

حيث يؤكد أحد منتجي الأسماك في بابل حاكم عبد عون لـ(المدى) أنه “رغم كل ما تعرضت له الثروة السمكية من مشاكل وتحديدا مشكلة النفوق التي باتت تتكرر سنويا ما تزال الحكومة تتجاهل هذا القطاع، ولم تكلف نفسها يوما بالجلوس مع العاملين في إنتاج الأسماك لتستمع لمشاكلهم، وتتباحث معهم في دعم هذا القطاع المهم ووضع الحلول اللازمة لتفادي جميع المشكلات”.

ولفت إلى أن “التفات الحكومة لقطاع إنتاج الأسماك من شأنه أن ينهض بهذا القطاع، ويعيده إلى ما كان عليه قبل أربع سنوات ليساهم في تنمية الإنتاج المحلي وتأمين الغذاء للمواطن العراقي، خاصة وأن هناك إمكانات كبيرة وخبرات علمية في هذا المجال، لكنها تحتاج لمن يأخذ بيدها، ويوفر لها الدعم المالي والمعنوي لتقدم أقصى ما لديها في النهوض بواقع إنتاج الأسماك”.

حلول مقترحة

وتقترح الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك عددا من الحلول التي تعتقد أنها تساهم بشكل كبير في رفع مستوى الإنتاج من الأسماك في العراق وإعادة أسعارها إلى ما كانت عليه في السابق. حيث يقول رئيس الجمعية إياد الطالبي لـ(المدى) أن “من بين الحلول المقترحة هو أن تسمح وزارة الموارد المائية باستخدام النهر الثالث أو ما يسمى بالمصب العام لنصب أحواض الأسماك هناك، بعد انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات”.

وأوضح أن “السماح باستخدام النهر الثالث بتربية الأسماك من شأنه أن يساهم في نمو الثروة السمكية وتعافيها بعد الانتكاسة التي تعرضت لها والتي مازالت آثارها حتى اللحظة تلقي بظلالها على المستهلك”.

وأشار إلى أن “هناك حلولا أخرى يجب على الحكومة أن تتخذها للنهوض بهذا القطاع الاقتصادي المهم والمتمثلة بتعويض المتضررين جراء نفوق الأسماك ودعم أسعار الأعلاف ليتسنى لمنتجي الأسماك استئناف العمل بعد أن توقف معظمهم بسبب الخسائر المالية الكبيرة التي تعرضوا لها”. وتحوي بابل قرابة الـ112 مشروعاً من الأقفاص العائمة إضافة إلى 180 مشروعاً من الأحواض الطينية لتربية الأسماك، الا ان العمل في هذه المشاريع تراجع الى اكثر من 60% في غضون الأعوام الثلاثة المنصرمة ما تسبب بارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here