فشل ساسة مكوننا بكسب حاضنتهم الشعبية

فشل ساسة مكوننا بكسب حاضنتهم الشعبية، نعيم الهاشمي الخفاجي

العراق للأسف ساحة للصراع الدولي بأدوات عراقية محلية وعربية، المتابع للأحداث في منطقة الشرق الأوسط يكتشف بوجود تحالف مابين قوى الرجعية البدوية مع القوى العالمية لمحاربة الشعوب التي مازالت ترفض التطبيع والانبطاح، والعراق هو المستهدف الأول، جربوا الاستعانة في العصابات التكفيرية لكنهم فشلوا بالعراق وسوريا ولبنان واليمن بفضل صمود القوى المقاومة بتلك البلدان، ووصلوا الى مرحلة اليأس والهزيمة، هم يملكون المليارات والدعم الدولي لاستهداف شعوب معينة، بالعراق توجد انتخابات برلمانية، بغض النظر هل الانتخابات والنظام السياسي صالح أم غير صالح، لكن قوى الاستعمار والتطبيع استهدفت الشعب العراقي وبالذات استهداف المكون الشيعي، استعملوا الارهاب وشراء الذمم وتوزيع الأموال لخرق الحاضنة الشيعية العراقية، ونفس الشيء طبق في الساحة اللبنانية لإيصال القوى المطبعة لسدة القرار من خلال الصندوق الانتخابي وذلك من خلال دعم فئات وقوى مرتبطة بقوى الاستعمار والتطبيع من خلال الدعم المادي اللامحدود وبظل دعم الفوضى والخراب والتجويع والقتل لإحداث خرق في البيئة الشيعية في العراق ولبنان، لكن بالعراق أقسى وأمر، رغم صرف المليارات وشراء الذمم لكنهم خابوا وخسروا ويبدوا أن تعطيل المخططات سيكون سيّد الموقف.

هناك حرب إرهابية تستهدف القسوة في سفك الدم الشيعي العراقي والعمل على تقيد عمل الساسة من خلال التدخلات الأمريكية والدولية والعربية، عملوا كل الموبقات من قتل وتفخيخ واسقاط هيبة الدولة بشكل علني وزرع روح اليأس في نفوس عامة الناس بسبب تخاذل وتشرذم غالبية ساسة المكون الشيعي، بحيث المتابع للوضع العراقي الشيعي لايعلم ما الذي يريده ساسة أحزاب شيعة العراق، الذي يريد أن يقاوم المشاريع الدولية عليه اولا ان يعمل على توحيد الخطاب السياسي الشيعي العراقي والاتفاق على التعاون في تشكيل جبهة قوية وصلبة نستمد شرعيتها من الجماهير المليونية الشيعية المضحية، هناك حرك ناعمة دولية تستهدف تشويه سمعة المرجعيات الدينية الشيعية بعد أن تمكنت هذه القوى الدولية المحترفة في شن الحروب الناعمة في خسارة غالبية ساسة الأحزاب الشيعية العراقية حاضنتهم الشعبية، وأصبح المسؤول السياسي الشيعي العراقي عرضة لهجوم عامة الناس في المدن والمناطق العامة والمطارات…الخ

جماهير شيعة العراق تحدت الارهاب وذهبت إلى انتخابات للتصويت على الدستور والتصويت في انتخاب حكومات عراقية وسط تفجير المفخخات والاحزمة الناسفة من مئات البهائم البشرية الوهابية الجاهزة للانتحار، سطر رجال ونساء الشيعة أروع المواقف البطولية في تحدي الارهاب والذهاب لمراكز الاقتراع، في أول انتخابات عراقية أجريت حاول انتحاري تفجير نفسه في مركز انتخابي في قضاء الدجيل واحتضن الإرهابي جندي من قوات الشرطة الاتحادية اسمه عباس والارهابي فجر نفسه والشهيد السعيد عباس محتضنه، قدم نفسه شهيد لكي ينقذ أرواح المقترعين، كان يفترض ننصب تماثيل إلى هذا البطل الصنديد، لكن للاسف لم يذكره ذاكر وربما انا الوحيد من الكتاب والصحفيين العراقيين الذين ذكروا هذا البطل الشهيد عباس رحمه الله، نساء طاعنات بالسن تجاوز أعمارهن الثمانين عاما ذهبن للانتخابات، ذهبوا للانتخابات بدون اي مقابل وإنما من تلقاء انفسهم، لكن المشكلة أن الغالبية الساحقة من المسؤولين الشيعة الذين تسلموا المسؤولية والمناصب، من وزراء وبرلمانيين، وموظفين وقادة أحزاب أصابهم الغرور وتكبروا على الناس واغلقوا ابوابهم وقطعوا علاقاتهم حتى مع رفاق دربهم، عندما يكون الوزير والنائب والمدير العام والمسؤول الشيعي غير مهتم في الرد على مايريده منه المواطن ويتم تجاهله وعدم متابعة شؤونهم اكيد يتسبب نفور الناس منهم، أن تسنم المنصب ومهما علا المنصب كان يفترض على الوزير والمسؤول والسياسي الشيعي يزداد تواضعا وعليهم أن يعلموا ان مسؤوليتهم هي خدمة المواطن وليس التعالي، ولولا وجود عامة المواطنين فلايمكن لهذا السياسي والمسؤول يحصل على منصب مدير ناحية وليس رئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة.

‏سئل أنطون تشيخوف ؛ عن المجتمعات الفاشلة : أجاب في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق مقابل كل عقل راجح وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية، تظل الغالبية بلهاء على الدوام ولها الغلبة دائماً على العاقل . فإذا رأيت التافهون يتصدرون المشهد ، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جداََ.

‏الاسباب التي جعلت الشعب يبتعد من السياسين ويفقد الثقه كثيرة منها أن العراق يعاني من صراع قومي مذهبي منذ يوم ولادته عام ١٩٢١، مضاف لذلك ان الاحزاب التي استلمت السلطة بعد سقوط النظام عملت من أجل بناء احزابها وتركت شعبها وقواعدها تهوم بالجوع والهموم بفقدانهم الامل

بعضهم حتى أهملوا احزابهم وفقط بنوا قصورهم ونفعوا أنفسهم والدائرة المصغرة في احزابهم وهنا الكارثة.

المرجعيات الشيعية وساسة أحزاب الشيعة مستهدفين من حرب إرهابية مباشرة، من خلال دعم العصابات الإرهابية وحرمان المواطن البسيط من الخدمات واستنزاف واردات الدولة العراقية لشراء السلاح ومرتبات ملايين الجنود والضباط والصحوات ومجالس الإسناد في وزارة الدفاع والداخلية، مضاف إلى ذلك تدار حرب ناعمة تستخدم بها وسائل متطورة وأساليب متنوعة وضعها علماء نفس واجتماع للتأثير في الآخرين، والسيطرة على عقولهم وعلى دينهم وثقافتهم، الحرب الناعمة حرب اعلامية وكلامية ونشر الشائعات والاكاذيب فهي ليست فهي حرب مباشر بين القوات العسكرية وجها لوجه، الكثير من السذج في بيئتنا الشيعية يرفض وجود حرب ناعمة رغم أنها مستعرة بساحتنا العراقية الشيعية، بل حتى المحللين الامريكان ومنهم الدكتور جوزيف ناي المتخصص في الشؤون العسكرية ووكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابق الذي تحدث عن الحرب الناعمة بالقول التالي (استخدام كل الوسائل المتاحة للتأثير في الآخرين باستثناء الاستخدام المباشر للقوة العسكرية).

وقال أيضا في توصيف هذه الحرب التي تستخدم القوة الناعمة بالقول ( القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلا عن الإرغام).

اذا كان مسؤول ومحلل أمريكي مثل جوزيف ناي يعترف في وجود (الحرب الناعمة)، بل وأصدر كتابا بعنوان القوة الناعمة، نفسه يعترف ويقول الحرب الناعمة أخطر وأفتك من الترسانة العسكرية الأمريكية، نعم هي أفتك من الحرب العسكرية الصلبة لأن الحرب العسكرية هي حرب في مواجهة عدوك المعروف الظاهر الذي لا يخفى عليك، بينما الحرب الناعمة عدو يتسلل إلى بيئتك المجتمعية ويخلق وضع بيىتك وحاضنتك الاجتماعية تقف ضدك، من سرق أموال الشعب ونشر الفساد ليس ساسة المكون الشيعي وإنما من فجر وفخخ وعمل واجهة سياسية يعمل في الحكومة لشلها واسقاط هيبتها والتآمر عليها هم ساسة ووزراء ممثلي المكون البعثي الذي يمثل المكون السني بالعملية السياسية، بل الوزراء والثواب والمسؤولين السنة خلال زياراته للدول العربية والعالمية هدفهم نقل صورة سلبية وتشويه الواقع، تصوروا رئيس برلمان عراقي سابق وهو سني حضر إلى الاتحاد الأوروبي في وقت كان الشيعة يقدمون آلاف الشهداء لتحرير الموصل والرمادي وتكريت من العصابات الداعشية وهذا المسؤول السني رئيس السلطة التشريعية في الاتحاد الأوروبي يقول قوات الحشد والجيش العراقي تابعون إلى إيران وأنهم ميليشيات ……الخ.

ظافر العاني عضو بالبرلمان العراقي يذهب لتمثيل العراق في اجتماع البرلمانات العربية في الدوحة ويصرخ ان إيران محتلة العراق والعجيب ان من يحمي ظافر العاني بالخضراء قوات عسكرية عراقية غالبيتهم شيعة هو يسميهم ميليشيات ايرانية، وزير التخطيط سلمان الجميلي يذهب في زيارة إلى مصر يبلغ شيخ الأزهر ان ميليشيات إيران الشيعة يقتلون السنة، هذا الكلام قاله الشيخ خالد الملا عبر قناة فضائية عراقية يقول شيخ الأزهر هو من أبلغني بذلك، حتى شيخ الأزهر قال إلى خالد الملا يا اخي اصدقك ام أصدق الوزير سلمان الجميلي، كان ولازال يفترض بساسة المكون الشيعي استماد قوتهم من جماهيرهم، وتحريك الجماهير للخروج بمظاهرات تقتلع كل فلول البعث وواجهاتهم السياسية من الوزارات والجيش والدوائر واستبدالهم في شخصيات سنية شريفة تؤمن بالعيش المشترك.

لا يستطيع ساسة المكون الشيعي العراقي من إطارهم إلى تيار الصدر بناء تواليت صحية صالحة للاستعمال وليس بناء دولة عراقية مستقرة ومزدهرة مع شركائنا بالوطن، بلد يعاني من صراع قومي ومذهبي واضح و ساحة للصراعات الدولية الذي يريد أن يصون سيادة العراق وأمنه عليه إيجاد نظام سياسي يقبله الكوردي والسني والشيعي، مانراه شريك كوردي لايثق في ساسة المكونات الأخرى ويطمح للاستقلال، وشريك سني يعتبر نفسه هو الأحق بحكم العراق ويستعبد الآخرين، ومكون شيعي يمتلك كل مقومات القوة لكنه مبتلى بساسة متخاصمين بينهم أحقاد وتطرف أشبه في حقد فصيلة قردة البابون التي تكن الحقد والكراهية إلى أبناء فصيلتها وتنبطح أمام المخلوقات الحيوانية والبشرية الأخرى وتكون مهذبة للنخاع.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

27/5/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here