تشرين تبقى بالگلب

حسين النجار

فشلت قوى منظومة الأقلية الحاكمة في بناء نظام سياسي، يتم فيه تداول السلطة وفق التوقيتات الدستورية المحددة. ففي كل الدورات النيابية السابقة، خُرق الدستور في مجال انتخاب الرئاسات الثلاث.

وعجزت تلك القوى عن بناء منظومة اقتصادية، تمكّن الجهات المعنية من توفير عيش كريم للشعب العراقي، تيح له الاستفادة من ثروات وطنه الوفيرة.

فلقد دُمرت البنى التحتية في صفقات فساد مفضوحة، وعُطلت المشاريع التنموية، ولم يمكن حتى الآن بناء مشروع يشار اليه بالذكر الطيب.

ونهب الفاسدون الكبار المدعومون من هذه القوى الموازنات الانفجارية، وأهدروا أموالها. فيما غيّبوا الحسابات الختامية وبيّضوا الأموال، وعطلوا كل مسعى لاسترداد الأموال المنهوبة او المهربة الى الخارج.

وأفشلت الطغمة الفاسدة محاولات احياء الصناعة والزراعة، وراحت تسعى لبيع ما تبقى منهما الى الفاسدين، وهذا ما أدى الى غياب الفرص التنموية وحفظ حقوق الأجيال المقبلة.

وخلال الفترة الماضية غابت القوانين التي تدعم التحول الديمقراطي سياسياً واجتماعياً، مثل قوانين الضمان الاجتماعي والنفط والغاز وحرية التعبير وغيرها، فيما تم بسلاسة تشريع القوانين التي تصون مصالحها الفئوية الضيقة.

وانهكت هذه القوى المشاريع الخدمية مثل الشوارع والمتنزهات ومجاري الصرف الصحي والمياه.

كما لم تسع القوى المذكورة الى بناء نظام صحي متين، وانشاء مستشفيات مناسبة جديدة، وبقيت المدارس والجامعات على حالها، ان لم تتراجع.

وسعت هذه القوى المتنفذة الى حصر قوى التغيير الديمقراطية والأحزاب الوطنية والمدنية في زاوية ضيقة، لمنع تمثيلها في البرلمان. وبالتالي عرقلت الشروع في بناء دولة المواطنة والعدالة وحقوق الانسان، وجهدت لتغييب صوتها الرافض لسياسات هذه القوى الخانعة والخاضعة لدول الجوار الإقليمي.

وهناك المزيد من امثلة الفشل اليومية لمنظومة المحاصصة المتنفذة.

نعم ان المذكور أعلاه يعدُ “نجاحاً” لهذه القوى في تحقيق مساعيها، ما جعل المنظومة السياسية تعاني من ازمة خانقة تريد قوى المحاصصة وحدها التحكم فيها!

ويبقى الفشل الحقيقي لقوى طغمة الحكم الفاسدة يكمن في بقاء الأصوات الجماهيرية الواسعة وقوى الاحتجاج الكبيرة ومعها قوى التغيير المدني الديمقراطي، عالية عصيّة على الاسكات، وبقاء شرارة الاحتجاج متوهجة منذ اتقادها في شباط 2011 حتى يومنا الحالي.

صحيح ان اغلب الاحتجاجات المتواصلة مطلبي، ولم تتحول بعد الى غضب جماهيري عارم رافض لمنظومة الحكم، التي لا شك انها سترتعب من اول فعل جماهيري سياسي كبير، وستعاني كما عانت في انتفاضة تشرين، حينما نزلت الجماهير الى الشوارع والميادين. وخير دليل على ذلك هو التقرير الحكومي الذي صدر تقييما للموقف بعد احتجاجات تشرين 2019.

وستتحول الفعاليات المطلبية عاجلاً ام آجلاً، الى اصوات ناقمة راعدة، وستنهار قوى المحاصصة.

ان انتفاضة تشرين المجيدة تبقى حيّة، وتشكل محفزا دائما للشباب العراقي، وما حدث اثناء متابعة المباراة الختامية لدوري ابطال اوربا السبت الماضي، واطلاق المشجعين هتاف (تشرين تبقى بالگلب)، دليل ناصع على حيوية الانتفاضة وإمكانية تجددها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here