بهدف إيقاف القرصنة الفيسبوكية

بقلم مهدي قاسم
باتت صفحات التواصل الاجتماعي ميدانا واسعا لممارسة القرصنة ضد حقوق التأليف والنشر والعملية الإبداعية عموما و على نطاق واسع و شاسع !!..
ربما أحد الأسباب في انتشار هذه الظاهرة السلبية في العالم العربي يرجع إلى افتقار كثير من الناس إلى” ثقافة ” قانونية ” و تحديدا لعدم علمهم أو معرفتهم بأن أي نص منشور لكاتب ما وبغض النظر عن صنف أو نوع و قيمة ذلك النص أو التأليف يدخل ضمن ملكية شخصية قيمة للمؤلف حاله في ذلك حال نجار الذي يصنع خزانة ملابس أو كرسيا أو بابا ، أو رسام يرسم لوحة تشكيلية أو صانع عربة أو ملكية خياط يخيط قميصا جميلا أو بذلة أنيقة ..
فمثلما تعتبر عملية سرقة كرسي أو لوحة تشكيلية أو قميصا أو حذاء من محلات ، تعد سرقة ذات طابع جنائي وبالتالي تترتب عليها طائلة قانونية عقابية وجزائية تحددها محكمة ذات صلاحية، طبعا ، في حالة توفر أدلة قاطعة ، فأن عملية سرقة تأليف أو نص مؤلف ، مهما كان حجمه سواء طويلا أو قصيرا * ــ حتى ولو بحجم عدة سطور فقط ــ فأنها تعتبر هي الأخرى جريمة جنائية تترتب عليها عواقب قانونية مشددة ..
و اعتقد أن معظم الكتب القانونية العقابية والجزائية المعتمدة من قبل المحاكم في العالم ( ومن ضمنها كتاب القانون الجزائي العراقي ـتخص حصريا مسألة التأليف و الطبع و النشر ) تحتوي على بنود وفقرات من هذا القبيل بكل وضوح و صريح ، و أن اللجوء إلى القضاء في حالة حدوث عملية سرقة كهذه مع وجود أدلة كافية ستعرّض السارق إلى محاسبة قانونية جرمية حازمة سواء بعقوبة حبس أو بغرامة مالية ..
لهذا فيجب على الذين ينشرون في الفيس منشورات بأسمائهم ــ وهي ليست من تأليفهم ـــ دون الإشارة إلى اسم المؤلف الحقيقي أو بعدم التوضيح بكلمة ” منقول أو منقولة ” فأنه في حقيقة الأمر يسرقون جهود الآخرين ، لذا فعملهم هذا ، إلى جانب كونه عملا أو سلوكا غير أخلاقي ، ضمن معايير حضارية ، فأنه يتسم و يُصنف بالسرقة بالمعنى الجنائي للكلمة ، من حيث يحق للمؤلف مقاضاة السارق ــ في حالة التأكد من بياناته الثبوتية الكاملة ،،و من ثم المطالبة بالتعويض لاحقا ..
و يبقى أن أضيف إلى أن الزعم بعدم المعرفة بمواد قانون التأليف والنشر لا يعفي السارق من المساءلة والعقاب ..
على غرار ما يُقال ان القانون لا يعفي المغفلين ..
و لا كذلك السراق المتعمدين. .
* أتذكر أنه قبل سنوات ماضية اتصلت بي دار نشر هنغارية لترجمة كلمة عربية وردت في رواية لكاتب اسباني ، تنوي دار النشر طبعها ، فبعد ترجمة الكلمة وإرسالها إلى الدار تفاجئتُ بدار النشر ترسل لي مبلغا بسيطا من النقود مقابل جهود الترجمة !، فاستغربت من أنهم يدفعون حتى من أجل ترجمة كلمة واحدة فقط ! علما أنا قلتُ لهم هذه مساهمة متواضعة من عندي لنشر الثقافة وبالتالي لا أريد شيئا مقابل ترجمة هذه الكلمة..
فآنذاك خطرت على بالي شكوى الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل غارسيا ماركيز كيف أن دورا عربية تنشر أعماله دون أن تدفع له فلسا واحدا كحقوق التأليف و النشر ..
فقلت مع نفسي :
ــ آه .. لو تعلمين أيتها الدار الموقرة ماذا يفعلون في بلاد العرب من سرقات شبه يومية لأعمال فكرية و فنية و إبداعية أخرى لينسبوها لأنفسهم و كأنهم هم ، مِمَن قاموا بتأليفها !! ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here