آخر مدع عام حارب النازية: هكذا يمكن محاكمة بوتين

بوتين أطلق العمليات العسكرية ضد أوكرانيا في 24 فبراير

طارد، بن فيرينتيش، 102 عاما، النازيين في محاكمات نورمبرغ الشهيرة، وهو الآن آخر مدع عام في تلك المحاكمات التي بدأت عام 1945، بعد دحر الجيش الألماني وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

والمفارقة، أن تلك المحاكمات، التي صيغت استنادا إلى اتفاق عقد في روسيا سمي باسم “اتفاق موسكو” بين بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة، ينظر إليها على أنها توفر السابقة القانونية لملاحقة رئيس روسيا الحالي، فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

ويشير عدد متزايد من الأدلة إلى أن الجيش الروسي مسؤول عن جرائم حرب واسعة النطاق وجرائم ضد الإنسانية.

وفي نورمبرغ، شهدت أولى المحاكمات التي أجريت وفقا للقانون العسكري مثول قادة النظام النازي في قطاعات السياسة والقضاء والجيش والاقتصاد، بتهمة الاشتراك في فظائع الحرب، مما قد يشير إلى أن المحاكمات بشأن أوكرانيا، إن أقيمت، فستشمل أركان النظام الروسي بالإضافة إلى رئيسه.

محاكمات نورمبرغ

وفي نورمبرغ، تمت الإشارة أول مرة إلى جريمة الإبادة الجماعية وتعريفها.

ويقول موقع The Express News وصحيفة يو إس آي تودي، إنه يجري حاليا التحقيق في الهجمات العشوائية على المدنيين، والعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، وعمليات الإعدام، وغيرها من الجرائم الدولية المرتكبة في بوتشا، وماريوبول، وخاركيف، وتشيرنيهيف، وأماكن أخرى كثيرة في أوكرانيا، حتى يمكن مقاضاة مرتكبي هذه الجرائم ومهندسيها المباشرين.

ونقل الموقع عن موقع USA Today الإخباري، في مقال مطول، قوله إن أوكرانيا اتخذت بالفعل إجراءات سريعة، حتى قبل أن تنتهي الحرب، لتوثيق الفظائع التي قامت بها روسيا.

وفتح المدعي العام الأوكراني حتى الآن نحو 15 ألف تحقيق في هذه الفظائع. كما كانت استجابة المجتمع الدولي للعدالة والمساءلة سريعة، حيث بذلت المحكمة الجنائية الدولية والمدعون العامون لجرائم الحرب في 10 بلدان على الأقل جهودا كبيرة لفتح تحقيقات.

وقال المدعي العام السابق في محاكمات نورمبرغ، بن  فيرينتيش، في لقاء مع موقع USA Today  “أعرف عن كثب حجم الجهد المطلوب لتقديم مجرمي الحرب إلى العدالة”.

وأضاف “قبل خمسة وسبعين عاما، اتهمت 22 ضابطا نازيا بقتل أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل بدم بارد في المدن والقرى في جميع أنحاء أوروبا الشرقية”.

لكن مع هذا يقول فيرنتيش، إن إرث نورمبرغ يتلخص في أن يظهر للعالم أنه من الممكن تشكيل محكمة تحاكم رؤساء الدول، الذين غالبا ما يكونون محصنين ضد سيادة القانون، على جرائم متطرفة وواسعة النطاق.

وخدم فيرنتيش كرقيب في مشاة الجيش الأميركي، وبدأ بجمع الأدلة من معسكرات الاعتقال التي قتل فيها ملايين البشر فور تحريرها من قبل الجيش الأميركي.

ويقول “من المؤسف أن الشرور التي رأيتها هناك، والتي سعيت إلى تصحيحها في نورمبرغ، لا تزال معنا اليوم”.

جريمة “العدوان”

ويقول فيرنتيش “أعتقد أنه بالإضافة إلى محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من المهم للغاية أيضا محاكمة الجريمة التي وصفتها المحكمة العسكرية الدولية بأنها “الجريمة الدولية العليا”، والتي حوكم على أساسها 21 من أهم القادة الباقين على قيد الحياة في ألمانيا النازية، وهي جريمة العدوان”.

ويؤكد أن “الهجوم العسكري الروسي غير المبرر على أوكرانيا هو المثال الأوضح والأكثر وضوحا على جريمة العدوان منذ عقود”، مشيرا إلى أن “من الممكن بناء قضية قوية ضد الرئيس فلاديمير بوتين وغيره من كبار المسؤولين الروس”.

ودأب الإعلام الروسي على ترديد بيانات بوتين التي برر بها الحرب في أوكرانيا على أنه “عملية لمحاربة النازية”، لكن المدعي العام، فيرنتيش، في القضايا ضد النازيين سابقا يقول إن “العدوان، هو أسهل أساس لمحاكمة بوتين لأن جريمة العدوان تركز على رؤساء الدول، في حين أنه في حالات جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، يجب على المدعين العامين إثبات الصلة بين الجرائم المرتكبة على الأرض في أوكرانيا والقيادة في موسكو”.

وليس للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على جريمة العدوان التي ارتكبها مواطنون روس.

جثث عشرات المدنيين وجدت في الشوارع بعد انسحاب القوات الروسية من بوتشا

وتتطلب الملاحقة القضائية لجريمة العدوان إنشاء محكمة واحدة قادرة على إجراء هذه المحاكمة، تتميز بخاصيتين حاسمتين، بحسب فيرنتيش.

أول الخصائص هي أن المحكمة يجب أن تكون قادرة على تفادي أية حصانات قانونية قد تنطبق على بوتين وغيره من كبار المسؤولين، كما هو الحال بالنسبة للمحاكم الدولية وتلك التي تشكل بدعم من المجتمع الدولي، حيث لا تنطبق هذه الحصانات.

والثاني هو أن تتمتع هذه المحكمة بشرعية موضوعية حقيقية ومتصورة، بحسب فيرنتيش، الذي يقول إن من شأن إنشاء محكمة يدعمها المجتمع الدولي، من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة مثلا، أن يعزز الحياد والاستقلالية والشرعية.

ودعا فيرنتيش الدول إلى أن تتكاتف للانضمام إلى الحكومة الأوكرانية في دعم إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة بوتين وكوادره الداخلية على جريمة العدوان.

وقال إن من شأن ذلك أن يوفر دليلا قويا على تصميم المجتمع الدولي على إدانة غزو روسيا لأوكرانيا والإصرار على مواصلة أعمال العدوان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here