النجيفي يطلق مبادرة لحل الأزمة في العراق: حكومة انتخابات مصغرة أعضاؤها غير مرشحين

في محاولة للخروج من الأزمة الخانقة التي يمر بها العراق على وقع الخلافات الناشبة بين الكتل السياسية وتصاعد موجة الاحتجاجات والعنف، قدم رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي مبادرة تتضمن استقالة الحكومة وحل البرلمان تمهيداً لإجراء انتخابات عامة مبكرة، في وقت تسعى القيادة الكردية إلى حلحلة الازمات المتراكمة بين حكومتي بغداد واربيل عبر لقاءات جمعت رئيس وزراء اقليم كردستان نجيرفان البرزاني بقيادات سياسية في مقدمتها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي .
ووسط الأجواء الملبدة بالخلافات، داهمت سيارات مفخخة أمس عدداً من مدن الجنوب الشيعي لتحصد عشرات القتلى والجرحى، في محاولة لزيادة حدة الاحتقان وإشعال الحرب الطائفية بين مكونات البلاد.
سياسياً أطلق النجيفي مبادرة جديدة لحل الأزمة السياسية الحالية تضمنت استقالة الحكومة وتشكيل حكومة مصغرة موقتة من أعضاء مستقلين وحل البرلمان تمهيداً لإجراء انتخابات عامة مبكرة.
وأمل النجيفي في الرسالة التي وجهها الى رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان أن “يجد الشركاء في هذه الرسالة مخرجاً يفضي الى تجنيب البلاد شبح الحرب والدمار ويضع حداً لحالة انعدام الأمن وما رافقها من إخفاقات متتالية على المستوى الأمني والسياسي والخدماتي”.
وأضاف النجيفي أن “المبادرة جاءت لترسيخ معالم الشراكة الوطنية وتكريس المصالحة الوطنية والتداول السلمي للسلطة، ومن أجل تجنيب البلاد شبح الحرب الأهلية والفتن الطائفية ودخول البلاد في نفق مظلم”، لافتاً إلى “عدم وجود بوادر أمل بنجاح المؤسسات الدستورية الحالية في اخراج البلاد من هذا المأزق الخطير”، ومشيراً إلى “اتساع هوة الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.
وفي أول رد فعل على مبادرة النجيفي أبدى التحالف الشيعي اعتراضه على اقتراح تشكيل حكومة موقتة مصغرة على الرغم من تأييده إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان .
وقال النائب جواد البزوني عن ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) إن “العملية السياسية وصلت الى طريق مسدود نتيجة الأزمات المتكررة والمشاكل بين الكتل والأحزاب”، معتبراً أن “البرلمان أصبح عاجزاً عن عقد جلساته نتيجة الخلافات، فضلاً على التقصير الواضح في أداء الحكومة الأمر الذي يدفعنا لتبني اقتراح إجراء الانتخابات المبكر”.
واضاف البزوني أن “اجراء الانتخابات المبكرة وحل البرلمان هي اقتراحات تقدم بها التحالف الوطني خلال الفترات السابقة وتبناها”، ورأى أن “احد الحلول المهمة من أجل انهاء حالة الجمود السياسي في البلاد”، ومنتقداً في الوقت نفسه اقتراح النجيفي بتقديم الحكومة استقالتها وتشكيل حكومة موقتة ومصغرة “كونه قد يدخل الساحة السياسية في خانة المجهول”.
في هذه الأثناء، وفي خطوة لتهدئة التوتر بين بغداد واربيل والذي خيم على أجواء الطرفين خلال الأشهر الماضية بسبب شكاوى كردية من محاولات تفرد الحكومة بصنع القرار، اتفق المالكي ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان البرزاني على حل المشكلات وإنهاء الأزمة استناداً للدستور والنظام الفيدرالي.
وقال مكتب المالكي في بيان صحافي أمس إن “الطرفين ناقشا نقاط الخلاف في جو من الصراحة والجدية والرغبة المشتركة في ايجاد الحلول لكل القضايا العالقة، واتفقا على ضرورة العمل لإقرار قوانين وتشريعات مهمة سيكون لها أثر فاعل في حل المشكلات العالقة كقانون النفط والغاز وقوانين اخرى، فضلاً عن الاتفاق على مواصلة الاجتماعات وتعزيز التواصل لحل كل القضايا”.
وبعيد اللقاء أجرى البرزاني محادثات مع رئيس البرلمان الذي أكد أن “البلد يمر بمرحلة خطيرة تتطلب التواصل واستمرار الحوار لحل جميع المشاكل العالقة”.
وذكر بيان لمكتب النجيفي أن “رئيس البرلمان أعرب خلال لقاءه البرزاني عن قلقه من استخدام قوات الجيش والأجهزة الأمنية كأداة ضد الشعب”، مشيراً الى “ضرورة الدفاع عن حقوق الانسان، وعن المصالح المشتركة لجميع العراقيين”.
من جهتة أكد البرزاني ان “الحوار ارتكز على ثلاثة مبادئ أساسية هي الشراكة والتوازن والتوافق”، موضحاً أن “الحوار لا يقتصر على المشاكل العالقة بين الاقليم وبغداد، بل يشمل الواقع العراقي ككل، وان الاقليم لا يرغب بحل مشاكله على حساب اي جهة أخرى”.
وتظهر مواقف البرزاني رداً واضحاً على محاولة التحالف الشيعي تصوير أطر الحل بأنها تقتصر على المشاكل بين الحكومة الاتحادية والاقليم حيث يظهر الأكراد إصراراً على ضرورة اعتماد الحل الوطني الشامل كون المشكلة في البلاد هي مشكلة حكم تعنى بها أطراف متعددة وليس الأكراد وحدهم، والتشديد على اتباع الشراكة الحقيقية والتوافق والتوازن كأساس لأي حل مطروح ومن دون تلبية هذه الشروط تصبح الخيارات مفتوحة للجميع.
وكان وفد القوى الكردستانية برئاسة البرزاني وصل صباح أمس إلى بغداد وعقد على الفور اجتماعاً مع رئيس التحالف إبراهيم الجعفري لبحث القضايا العالقة بين الإقليم والمركز وإمكان العودة إلى مجلسي الوزراء والنواب.
وتعد زيارة البرزاني هي الأولى منذ الأزمة التي اندلعت بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان على خلفية الاحتكاك بين قوات الجيش وقوات البيشمركة قبل نحو ستة أشهر في قضاء طوز خرماتو (شرق تكريت) أحد المناطق المتنازع عليها.
كما تأتي هذه الزيارة في ظل أوضاع سياسية أمنية مضطربة تشهدها البلاد على خلفية اقتحام قوات الجيش لساحة اعتصام الحويجة في وما تلاه من اشتباكات بين الاجهزة الامنية ومسلحين في الانبار ونينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى.
وتتزامن الزيارة مع إعلان أمر قوات البيشمركة في كركوك اللواء شيركو فاتح رؤوف أن قواته انتشرت في محيط المدينة الجنوبي والغربي بعد معلومات عن نية الجماعات “الإرهابية” القيام بأعمال مسلحة في المنطقة”، فيما أبدت استعدادها لتسلم المهمات الامنية في قضاء الحويجة.
وقال رؤوف في تصريح صحافي إن “وزارة البيشمركة قررت نشر قواتها في مدينة كركوك لسد الفراغات”، مؤكداً أن “الهدف من ذلك هو حماية أرواح وممتلكات المواطنين”.
وأضاف رؤوف أن “انتشارنا في محيط المدينة هو فقط لمنع تسلل المسلحين والمجموعات الإرهابية عقب الأحداث في الحويجة وقره تبه وسليمان بيك، وورود معلومات تفيد بأن الجماعات الإرهابية تنوي القيام بأعمال إرهابية في المنطقة وقوة بيشمركة كردستان ترى أنه من واجبها حماية المنطقة ومواطنيها”.
الى ذلك، ضربت سلسلة هجمات بسيارات مفخخة في مدن شيعية هي المحمودية وكربلاء وميسان والديوانية أوقعت 19 قتيلاً و92 جريحاً.
المستقبل…بغداد ـ علي البغدادي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here