تسريب الاسئلة كارثة اخرى تحل بالتعليم

تسريب الاسئلة كارثة اخرى تحل بالتعليم

ماجد زيدان

لم تمر على التعليم في البلاد كارثة مثلها , فعلى غفلة في هزيع الليل الاخير بالنسبة للعامة اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي ونشأ حراك بين الطلبة وذويهم ومدرسيهم وصل ذروته مع خيوط الفجر حين اعلنت وزارة التربية عن تأجيل امتحانات مادة الرياضيات للصف الثالث المتوسط من دون ان تكشف السبب الذي حدا بها , ولكن وسائل التواصل الاجتماعي تكفلت بالأمر , كالعادة , وازاحت الغطاء عن بالوعة واقعة فساد جديد كانت كافية لتغطي رائحتها البلاد , غابت عنها المبادرة والحرص وكانت بعيدة عن المسؤولية والتربية الصحيحة والشفافية في التعامل مع الكارثة .

للأسف لم تكن على قدر المسؤولية في اداء مهامها وكان رد فعلها بطيئا , ويعتقد على نطاق واسع انه لولا انفضاح الجريمة لتمت لفلفتها مثلما حدث في اكثر من عام , فهي ليست المرة الاولى التي تسرب بها الاسئلة , والان ايضا , سيتم التعمية على النتائج كم هو الحال مع قضايا الفساد الاخرى , رغم اهمية ان يكون العقاب علنيا ويشهر في وسائل الاعلام احتراما للعملية التربوية وحسن سيرها وحمايتها وتلافي التداعيات السلبية وسمعة التعليم التي هي اساسا في ادنى مكانة .

كارثة تسريب الاسئلة هي نتاج العملية السياسية التي ميزتها الاساسية الفساد وسيادة فقدان المبادئ الايجابية والمناخات الصحية لعملية تربوية سليمة في مختلف مفاصلها وصعدها , وفي المقدمة منها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتشديد المحاسبة والاشراف التربوي وتوفير المستلزمات الضرورية للتعليم والفحص المستمر للنواقص ومعالجتها .

من الطبيعي هذه وغيرها من المسائل التي يتم تدثيرها تتفاقم وتنفجر وتعيق اي معالجات جدية وناجعة للسلبيات في مراكزنا التعليمية , بل انها تسهم في تقليل شعور طلبتنا وذويهم بأهمية العلم والدراسة وتحصيل المعارف والخلاص من الامية والجهل والتخلف الذي يلف الكثير من مناحي الحياة .

لقد حاول المجرمون الذين امتدت ايديهم لسرقة الاسئلة وتسريبها الى استدامة الجهل والتخلف بطعنه بأخلاقه وتخريب حياة شعب بأكمله , كما انهم اثبتوا بالملموس ان الفوضى وضعف سلطة الحكومة وعدم احاطة المسؤولين فيها بأعمالهم واتقانها , وهذه نتيجة للخيارات الخاطئة لمن تسلم هذه المهمات .

صحيح ان السلطات الامنية تمكنت من القبض على المرتكبين , ولكن هذا ليس بكاف , فقد بقيت اسئلة برسم الاجابة , لابد من الاعلان من هم هؤلاء ؟ ماذا قالوا ؟ الى اي جهة يتبعون ؟ لصالح من فعلوا فعلتهم الشنيعة ؟ ما هي الدوافع وراء ذلك ؟ واخيرا على اي اساس تم اختيار هؤلاء المجرمين لتولي مهماتهم ؟ .

الناس كانوا اكثر شعورا بالمسؤولية الوطنية حين هبوا الى ادانة واستنكار الجريمة وطالبوا بمعاقبة كبار المسؤولين في التربية ,بما فيهم الوزير لإنقاذ التعليم من وهدته حفاظا على حاضر ومستقبل ابنائهم وبلادهم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here