اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة النساء (ح 47)

الدكتور فاضل حسن شريف

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: قال الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ” (النساء 59) ما ذكرناه في تاريخ الغيبة الكبرى من ان الغيبة الكبرى تتضمن طول العمر المتزايد للامام عليه السلام وطول العمر يقتضي طبعا لا محالة مواكبة كثير من الاجيال من البشرية مما يتيسر له خلال ذلك الاطلاع على كثير من التجارب والاراء والفلسفات والاطلاع ايضا على نقاط الضعف للانظمة والحكام والاتجاهات الباطلة والدول الكافرة الامر الذي ييسر له ثقافة عامة ومعمقة تفيده جدا بالانتصار عند ظهوره باعتباره تطبيقا لتلك الخبرات التي كان قد اكتسبها من مرور الاجيال خلال عمره الشريف الطويل. وهذه وجهة نظر طيبة لو اقتصرنا على مستواها الا انها بطبيعة الحال مبنية لاحظوا على تصور معين للمعصومين وبالتالي للامام المهدي نفسه عليه أفضل الصلاة والسلام بحيث يستفيد من التجارب الدنيوية ويحصل مضمونا متزايدا خلال عمره الطويل وهذا يعني انه لولا هذه التجارب ولولا عمره الطويل لفشل حال ظهوره ولم يكتب له النصر.
وهذا فيه فائدة القول بضرورة الحصول الغيبة وطول العمر للامام عليه السلام لأنه مما يتوقف عليه انتصاره وكل ما يتوقف عليه انتصاره فهو لازم بحسب الحكمة الالهية لان ظهوره وعد والله لا يخلف الميعاد الا ان تصور الامام عليه السلام بهذا المستوى الدنيوي المتدني بحيث يستفيد من التجارب وتحصل له خبرة جديدة لم تكن حاصلة من قبل مخالف لما نعرفه من استغناء الامام وكل المعصومين فردا فردا منهم عن كل ذلك بوجوده النوراني العالي الشأن المدعم بالتسديد الالهي وبالنظر الرباني وبه يستغني عن الدنيا وما فيها ومن فيها. نعم طول العمر مفيد بالنسبة إليه فيما سميناه بتكامل ما بعد العصمة من حيث ان الكمال لا متناهي الدرجات وكلما يصل الفرد مرحلة منه يستحق المرحلة التي بعدها وهذا شامل حتى للمعصومين بالذات عليهم السلام وحيث نعلم ان دار الدنيا دار تكامل او هي الدار الانسب له اذن فطول العمر للمؤمن نفترض أي مؤمن يقتضي زيادة حسناته وقلة سيئاته وزيادة توبته وخشوعه وبالتالي يؤدي الى تكامله المعنوي المستمر فكيف بالمعصوم عليه السلام وكلما كان العمر اكثر كان ذلك أعمق وأوضح كلما في الامر ان هذا لاحظوا لا يحدث لسائر الناس لان في زيادة العمر صعوبات ومسؤوليات ونتائج كثيرة وعجيبة وغريبة لا يتحملها الفرد ولا يتحملها المجتمع مضافا إلى أنها تكون في الفرد العادي زيادة في عيوبه وذنوبه ويكون الموت له خلاصا من الذنوب والعيوب والبلاء ومبادرة الى الحصول على الثواب.

جاء في كتاب نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: تشاور الأصدقاء، والمداولة بينهم حول أمورهم الخاصة. أي أن الفرد منهم لا يبت بأمر من أموره إلا بعد مشاورة أصدقائه وإخوانه في الدين، لأجل أن لا تزل قدمه في حل مشاكل حياته، فيكون التشاور، بذلك، مستمراً بين المسلمين، و لا يعني ذلك بحال من الأحوال إجراء إستفتاء شعبي لإقرار أو رفض قانون من القوانين بل ينبغي للمسلمين أن يشاوروا الإمام عليه السلام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله عز وجل: “وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ” (النساء 83). والمشورة في الأمور المعاشية والحياتية الإعتيادية أمر مستحسن في الشريعة ألإسلامية وذلك لأن الفرد العادي قد يمكن ان لا يهتدي إلى الطريق الصحيح ، او أن تخفى عنه جوانب من أموره ، فيستعين بعقول أخرى لأجل مساعدته في حل مشاكله وتسوية أموره. وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام كما في نهج البلاغة: (من استبد برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها). وقال عليه افضل التحية والسلام: (و الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه). وقد ورد عن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله: (ما من رجل يشاور أحداً إلا هدي إلى الرشد). ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق أن يكون القانون الإلهي الإسلامي عرضة للتحوير والتطوير بيد آراء بشرية قاصرة ، وأهواء طائشة. ومن هنا يتضح مناقشة القسم الثاني من المادة وهو أنه ( لا يجوز لأي جماعة أو فرد أن يمارس سلطة ليست مستمدة منها) فإن مثل هذا الفرد إنما يكون مستحقاً للعقاب إذا نفذ على الأمة قوانينا تعسفية ظالمة، لا فيما إذا نفذ في صالحهم القانون الإلهي الحكيم.

جاء في كتاب الاسرة في الاسلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: الكفاءة في نظر الإسلام: نبغي لنا الآن أن ننظر لنعرف مدى التكافؤ الذي يريده الإسلام بين الزوجين. وإذ ننظر في الحكم الإسلامي، نجد إن المشرع لهذا الدين العظيم، لم يشرع من التكافؤ بين الزوجين أكثر من كونهما معتنقين للإسلام معتقدين بعقائده وتعاليمه. فالمسلم كفؤ للمسلمة والمسلمة كفؤ للمسلم، ولا يراد بالإسلام في هذا المجال، إلا ذلك المقدار الذي تصان بمقتضاه النفس ويحفظ المال عن الهدر والضياع. ومن هنا روي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام انه قال: تتكافؤ دمائكم ولا تتكافؤ فروجكم. فالدين الذي جعل معتنقيه سواسية كأسنان المشط ـ بتعبير النبي صلى الله عليه واله أمام القانون وتجاه الحقوق والواجبات، هو الذي جعل الجنسين في الإسلام سواسية أمام الزواج. وليس أدل على ذلك ولا أوضح مما روي من إن رسول الله صلى الله عليه واله، زوج جويبر الصحابي ابنة زياد بن لبيد وهو من أشرف بني بياضة حسبا. ولم يكن جويبر هذا ألا رجل دميما قبيحاً معدماً، إلا إن اعتناقه الإسلام وإخلاصه النية له، هو الذي جعله في نظر الدين الحنيف في مصافّ أعلى الناس شرفاً وفخراً. إذ إن الشرف والعز في نظر الإسلام ليس بالنسب ولا بالمال. وإنما مقاييس التفاضل عنده ثلاثة منها الجهاد: قال الله تعالى: “فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً” (النساء 95).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here