مصالح اقتصادية لمسؤولين تمنع طمر آبار تسببت بجفاف ساوة

ترجمة: حامد أحمد

ذكر تقرير لوكالة انباء أميركية أن حفر آلاف الآبار غير القانونية تعود لمصانع تسبب بجفاف بحيرة ساوة في المثنى، منوها إلى أن طمر تلك الآبار قد يكون له تأثير مباشر على مصالح اقتصادية لمسؤولين في المحافظة، مؤكداً أن استمرار جفاف البحيرة سيسهم في تغيير العديد من الطيور النادرة المهاجرة مسارها بعد أن كانت تعتمد في غذائها على اسماك غير صالحة للاستهلاك البشري.

وذكر تقرير لوكالة (اسوشيتد برس) الأميركية ترجمته (المدى)، أن “حسام العكيلي يتذكر جيداً الموقع نفسه بالضبط حيث غمرت ابنتاه اقدامهما وسط المياه الصافية على امتداد بحيرة ساوة جنوبي العراق، الآن وبعد مرور سنتين يقف هناك في نفس المكان حيث أرض جرداء متصدعة تحت قدميه”.

وأضاف التقرير، أنه “للمرة الأولى في تاريخ هذه البحيرة الممتد لقرون تتعرض للجفاف هذا العام”، لافتاً إلى “عوامل متراكمة من سوء إدارة مستثمرين محليين واهمال حكومي وتغير مناخي ساهمت في انكماش شواطئها الزرقاء وتحولها الى قطع من ملح”.

وأشار، إلى أن “بحيرة ساوة هي مجرد آخر مثال على الخسائر في خضم هذا الصراع الواسع الذي تخوضه البلاد مع شح المياه والذي يقول عنه خبراء انه من آثار تغير المناخ والذي يشتمل على تدني قياسي بمعدل هطول الامطار ومواسم جفاف متتالية”.

وشدد، على أن “الوطأة الشديدة على موارد المياه تدفع الى تنافس أصحاب مشاريع ومزارعين ومربي مواشي على مصادر المياه الثمينة”، مبيناً أن “أكثر الناس فقرا من العراقيين يشكلون الشريحة الأكثر تضررا من هذه الكارثة”.

وأوضح التقرير، أن “العكيلي، 35 عاماً، من أهالي مدينة السماوة القريبة، قال وهو ينظر في الفراغ الكهفي الجاف: هذه البحيرة كانت تعرف باسم لؤلؤة الجنوب، أما الان فهي تعبر عن مأساتنا.”

وأفاد، بأن “المثنى، التي تقع ما بين العاصمة بغداد ومحافظة البصرة الغنية بالنفط، هي من بين أفقر محافظات العراق”.

وأضاف التقرير، أن “عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر في هذه المحافظة هو أكثر من متوسط المعدل الوطني بثلاث مرات”.

ولفت، إلى أن “الزحف الصحراوي يهيمن على المشهد العام للمساحات الأرضية مع شريط ضيق من الأراضي الزراعية على امتداد حوض نهر الفرات في الشمال”.

ونوه التقرير، إلى أن “التنمية الاقتصادية تعرقلت بسبب تاريخ البلاد المضطرب والإهمال من قبل النظام السابق منذ حقبة الثمانينيات ومن ثم الحروب ومرحلة العقوبات”.

ويواصل، أن “الأهالي المحليين يطلقون على المنطقة المحيطة ببحيرة ساوة عبارة (العطشان)، التي تدل على غياب المياه”.

وأكد التقرير، أن “البحيرة ليس لها مدخل او مخرج وان مصدر مياهها قد حير العلماء على مدى أجيال كونها متشكلة من حجر جيري ومرصعة بتشكيلات جبسية هندسية، مما زاد ذلك من ذكر أقاويل فولكلورية وخيالية عنها وحتى دينية يرددها الأهالي كحقيقة تاريخية عنها”.

وأردف، أن “العكيلي قضى مرحلة طفولته وهو يتردد على البحيرة مع امه وابيه واخوته، يقول انه يتمنى ان يفعل نفس الشيء ما عائلته الصغيرة الآن”.

وزاد التقرير، أن “البحيرة ترتفع بمعدل 5 أمتار فوق سطح البحر ويبلغ طولها بحدود 4.5 كم وعرضها بحدود 1.8 كم”، مؤكداً أن “الرواسب المعدنية الغنية بها تجعلها بمثابة مياه صالحة لعلاج كثير من أمراض جلدية”.

ونقل، عن “دراسات بان البحيرة تغذيها مصادر مياه جوفية عبر منظومة التصدعات والتشققات الأرضية”، وتحدث عن إمكانية أن “تتلقى البحيرة مياه الامطار من الاودية المحيطة بها”، متابعاً ان “الامطار الغزيرة في السنوات الماضية قد تسببت بفيضانات في البحيرة”.

من جانبه، قال ليث علي العبيدي، ناشط بيئي من جنوبي العراق، إن “تدهور معدلات المياه في البحيرة بدأ منذ عشرة أعوام، ولكن هذا الصيف كان بمثابة أول مرة نفقد فيها البحيرة بأكملها.”

وأفاد التقرير، أن “خبراء ذكروا بان البحيرة لم تجف لحالها ولكن اختفاءها هذا العام كان جراء عواقب مقلقة بقيام أصحاب مشاريع بحفر آلاف الآبار غير القانونية لمصانع اسمنت ومناطق صناعية قريبة منها، وذلك بسبب الجفاف وتناقص مناسيب مياه نهر الفرات”.

ويواصل، أن “أكواما من الملح ممتدة على طول الطريق المؤدي الى النهر في محافظة المثنى، وتتم رعايتها من قبل مستثمرين محليين يستخرجون الملح عن طريق تحويل المياه الجوفية وحفر الابار، ويستخدم الملح كمادة أولية بصناعات مختلفة في المنطقة”.

وبحسب التقرير، فأن “مرتضى علي، 45 عاماً، من الذين يعملون بمهنة جمع الملح في المثنى يشكو الإهمال الحكومي على مدى سنوات لتسببه باختفاء البحيرة في المحافظة، ويقول: على الحكومة ان توفر فرص عمل للأهالي لكي لا يضطروا الى حفر آبار من اجل كسب العيش.”

من جانبه، قال مستشار في وزارة الموارد المائية عون ذياب، إن “فرض غلق الآبار غير القانونية والإجراءات الوقائية الإضافية كان من الممكن لهما ان يحافظا على بحيرة ساوة من الاندثار، ولكن هذه الإجراءات قد يكون لها تأثير مباشر على مصالح مسؤولي المحافظة الاقتصادية”.

ويعود الناشط البيئي ليث علي العبيدي، ليؤكد أن “هذا الجفاف أثر على النظام البيئي الحساس الذي كانت تحافظ عليه هذه الواحة الصحراوية”.

وأضاف العبيدي، أن “أنواعاً كثيرة من الأسماك، غير الصالحة للاستهلاك البشري، كانت تعتبر مصدرا غذائيا لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة النادرة التي كانت تأتي لضفاف البحيرة في رحلاتها”.

وتوقع العبيدي أن “تغيّر الطيور وجهتها في رحلاتها الموسمية والا فانها ستموت، مع غياب هذه الأنواع من الأسماك”.

ومضى العبيدي، إلى أن “بحيرة ساوة تعتبر مادة لموضوع دراسة التغير المناخي في العراق، فهي تمثل المستقبل”.

عن: وكالة اسوشيتد برس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here