ألفاشيون في بغداد من جديد

ألفاشيون في بغداد من جديد

لم تكن ألأولى و لن تكون ألأخيرة و هؤلاء ( المتدينون ) يجثمون و يكتمون أنفاس الشعب العراقي التواق الى الحرية و الجمال و ألأبداع فمن هذه البلاد كانت القيثارة السومرية و التي ابدعت اعذب ألألحان و لم تتوقف ألأشعار و ألألحان و الموسيقى حتى ( زرياب و الموصلي ) شيوخ العود و التلحين و أستمرت آلات العزف الموسيقية في ألأبداع و صدحت حناجر المطربين و المغنين و هي تشدو للحب و الجمال و الحياة كان هذا قبل الهجوم الديني الفاشي الذي أعقب ألأحتلال ألأمريكي و الذي أسقط حكم ( البعث ) الفاشي و جاء بالأحزاب الدينية الفاشية الى سدة الحكم لتبدأ مأساة و معاناة الشعب مع الفاشيين الجدد .

لا يغرنكم معاداة هؤلاء للفكر السني المتطرف ( القاعدة و داعش ) فهم لا يختلفون معهم في ألأصول و المحرمات و الممنوعات لكنهم لا يتفقون في الفروع و هي ليست بأهمية ألأصول و حين أفترش ( المتدينون الشيعة ) سجادات الصلاة أمام القاعة و التي من المفترض ان تشهد الحفل الغنائي تعمدآ و تقصدآ في احداث البلبلة و الفوضى بغية الغاء الحفل تحت طائلة التهديد بالأقتحام و الحرق و لو كانت هذه المنطقة و التي يقع فيها مكان الحفل الغنائي هذا و كان تحت سيطرة ( القاعدة او داعش ) و غيرها من الحركات ألسلامية المتطرفة لكان ألأمر ذاته قد حصل من التهديد و الوعيد و من ثم الزام الجمهور و أجبارهم على التوبة و ألأستغفار ان كانت لهم توبة .

ليس أعتباطآ او تحاملآ و كرهآ او من باب التهكم و السخرية ان تقسم ( داعش ) الى سنة و شيعة حينما تكون ألأفعال و الممارسات هي ذاتها و قائمة الممنوعات هي ذاتها و ألأعمال التي يعاقب عليها هي ذاتها فلم يتبق الا ألأسماء و العناوين و طريقة الصلاة و ألأفطار مبكرآ او متأخرآ و لكن في أقامة ألأمارات و تأسيس الدول ألأسلامية هم متفقون و متفاهمون و كذلك في العقوبات ( الأسلامية ) من الرجم الى الجلد الى بتر ألأيادي و جدع ألأنوف و غيرها من العقوبات الغارقة في القدم و الوحشية و التي تمس كرامة ألأنسان و آدميته و هذا ما دأبت على أرتكابه الحكومات ألأسلامية في السعودية و ايران و أمارة طالبان القاعدية في ( أفغانستان ) و اخيرآ دولة ( داعش ) ألأسلامية اما في ( بغداد ) فأن العبوة الناسفة و كاتم الصوت حل مكان العقوبات ألأسلامية العلنية .

في مشهد مسرحي هزيل أفترشت جموع من ( ألأسلاميين ) الساحات المقابلة لمكان أقامة الحفل الغنائي ألأخير و أقامت تلك المجموعات ( صلاة ) ليست في وقتها و ليست في محلها و لم تكن تظاهرة سلمية معارضة و احتجاجية على ما يعتقد انها مخالفات ( شرعية ) تمس المعتقد الديني لكن ألأمر وصل الى حد التهديد بأقتحام المكان و أحراقه و ألغاء الحفل عنوة و بالقوة الغاشمة و هذا هو الفكر الفاشي بعينه الذي تتبناه المجموعات ألأسلامية كافة مهما تبجح البعض منها بالمدنية و أحترام الحريات و المعتقدات و ما ان تسنح الفرصة المؤاتية حتى تكشف عن وجهها الحقيقي و هذا ما فعلته حركة ( طالبان ألأسلامية ) في أفغانستان بعد ان تعهدت بأحترام الحريات الشخصية لكنها سرعان ما انقلبت و بانت ملامحها الحقيقية و كذلك كان الحال مع حكومة ( ألأخوان المسلمين ) في مصر و قبلهما كانت حكومة الخميني في ( ايران ) وكل هذه الحكومات تنصلت عن وعودها و عهودها .

يبدو ان مبدأ ( التقية ) لا يختص بالشيعة فقط حيث ان جميع حركات ألأسلام السياسي تؤمن وتعمل وفق هذا المبدأ دون ألأعتراف صراحة بذلك و هذه ألأحزاب و الحركات ألأسلامية السياسية متمرسة في المكر و الخداع و غالبآ ما تظهر الجانب السلمي و ألأيجابي ادعاءآ و نفاقآ و ألأيمان بالتعددية الفكرية و الحريات الشخصية كذبآ و بهتانآ و ما ان تسنح الفرصة للأنقضاض حتى تنزع ألأقنعة و تتكشف الحقيقة في العداء السافر و الشرس لكل ماهو يخالف أفكار و معتقدات هذه ألأحزاب و الحركات ألأسلامية السياسية و تأخذ صفة التصفيات الجسدية للمعارضين و المناؤين و التهمة ألأزلية ( ألأفساد في ألأرض ) كما قتلت و أغتالت حكومة ( ايران ) ألأسلامية الألأف من المخالفين و المعارضين تحت هذا الشعار .

و وفقآ لمبدأ ( التقية ) قبلت ألأحزاب و التيارات و الحركات ألأسلامية العراقية مفهوم ( الديمقراطية ) و هذه ألأحزاب لا تؤمن اساسآ بالديمقراطية و التعددية و التبادل السلمي للحكم في مجتمع متعدد ألأعراق و ألأديان و المذاهب كالمجتمع العراقي و لا يمكن و بأي حال ان يحكم هذا المجتمع من قبل حزب قومي لأنه متعدد القوميات و لا حزب ديني فهو متنوع ألأديان و لا حزب مذهبي كونه متشعب المذاهب الا ان هذه ألأحزاب ألأسلامية ما ان ظفرت بالحكم في العراق حتى كشرت عن أنيابها و كشفت عن وجهها القبيح في عدم القبول بالآخر و رفض أفكاره و معتقداته و ما تلك ( الصلاة ) امام مكان الحفل الغنائي الا تعبير وقح و أستهتار واضح بكل الحريات الشخصية و التي كفلها الدستور العراقي لكن السلاح ألأسلامي الفاشي أبى الا ان تتحول هذه المدينة اما الى ولاية ( بغداد ) ألأسلامية او الى ولاية ( بطيخ ) ألأسلامية .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here