معهد أميركي: النزاع المسلح خيار مطروح للأزمة السياسية في العراق

ترجمة: حامد أحمد

أفاد تقرير لمعهد أميركي بأن اللجوء إلى النزاع المسلح بين الخصوم السياسيين في العراق أمر وارد في ظل استمرار الخلافات، لكنه استغرب الاتفاق الحاصل على تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، وأشار إلى ان هذا القانون يمثل حبل حياة للكتل السياسية بان تستمر في جمودها هذا لأشهر قادمة.

وذكر تقرير تحليلي لمعهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن عن الوضع السياسي الحالي للعراق ترجمته (المدى)، إن “هناك حدثان رئيسان بالنسبة للعراقيين حصلا الأسبوع الماضي سيعيدان صياغة المرحلة المتبقية من هذا العام، ولكن على أمل ان لا يحدث شيء أكثر بعد ذلك”.

وأضاف التقرير، أن “الحدث الأول، انه في 8 حزيران صوت البرلمان المقسم على نحو متناغم مثير للدهشة على تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية المثير للجدل بميزانية قدرها 25 تريليون دينار (17 مليار دولار)”.

وأشار، إلى أن “الحدث الثاني الذي تبع ذلك مباشرة في 9 حزيران هو دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاتباعه في البرلمان ان يستعدوا لتقديم استقالاتهم”.

ولفت التقرير، إلى أن “ذلك جاء وسط انسداد سياسي يحول دول تشكيل حكومة بعد مرور سبعة أشهر على نتائج الانتخابات البرلمانية لتشرين الأول 2021”. وأوضح، ان “الصدر الذي فاز بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان تحالف مع الكرد والسنة من اجل تشكيل اول حكومة اغلبية وطنية لما بعد عام 2003 ضمن ائتلاف حمل مؤخراً اسم تحالف انقاذ الوطن”.

وبين التقرير، أن “الطرف الخصم المكون من أحزاب شيعية ضمن تحالف الإطار التنسيقي يسعى بدلاً من ذلك لحكومة وحدة وطنية”.

ويواصل، أن “الأهم من ذلك ان جماعة الإطار التنسيقي أرادوا من الصدر بشكل او بآخر ان يكون جزءً من البيت الشيعي الذي تتحالف فيه الأحزاب الشيعية وتسوي خلافاتها فيما بينها”.

ولفت التقرير، إلى أن “الصدر وكما فعل خلال الأشهر القليلة الماضية عندما رمى كرة تشكيل الحكومة بملعبي الإطار التنسيقي وحتى الأعضاء المستقلين، فان دعوته في 9 حزيران لاتباعه بالاستقالة قد نظر اليها على انها مجرد تكتيك آخر”.

وأوضح، أن “اتباع التيار الصدري البالغ عددهم 73 نائباً قدموا على حين غرة استقالاتهم في 12 حزيران، وقفز العراق هذه المرة في فراغ أعمق من التشوش السياسي”.

وأضاف التقرير، أن “الخوض في سيناريوهات ما قد يحدث بعد ذلك، ينبغي أن يسبقه أولا الاطلاع على قانون الامن الغذائي والتنمية الذي مرره البرلمان”، ورأى أن “توقيت القانون مهم جداً لفهم ما تضعه الطبقة السياسية في أولوياتها وما تبغي من ذلك”.

ونوه، إلى “تمرير القانون بأغلبية 273 صوتاً من بين 329″، مؤكداً ان “التصويت على القانون شهد تقارب الطرفين الإطار مع تحالف انقاذ الوطن رغم أسابيع من تبادل الاتهامات، حتى الكرد صوتوا لصالح القرار”.

ويواصل، أن “القانون يسمح للحكومة بحق الانفاق الضروري بعد تعرقل تمرير موازنة 2022 بسبب تأخير تشكيل الحكومة”.

وأفاد، بان “المحكمة الاتحادية العليا كانت قد حكمت في 15 أيار بان صلاحية رئيس وزراء حكومة تسيير الاعمال هو مقتصر على تمشية المهام اليومية ضمن موازنة 2021 التي تنتهي في 31 كانون الأول”.

وأشار التقرير، إلى أن “كلا من الجهة التنفيذية والتشريعية اخبرت العامة بان السبب الرئيس لهذا القانون هو الامن الغذائي والزراعي وفقا لاسم القانون”. وأوضح، أن “تحديات الامن الغذائي للعراق هي حقاً تحديات حقيقية رغم المناورات السياسية”.

ويسترسل، أن “أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية منذ نهاية العام الماضي بدأت بالارتفاع وزاد الامر سوءا في عام 2022 جراء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بارتفاع كبير بالأسعار منذ شباط الماضي”.

وزاد التقرير، أن “هناك دعما داخليا واسعا لمعالجة هذه المشكلة، وان نقطة الامن الغذائي توفر تبريرا راسخا لتشريع القانون”.

وأفاد، بأن “القانون يراد منه أيضاً حل سبب شائع آخر يحرض للتظاهر والاحتجاجات، فعندما ترتفع درجات الحرارة لما فوق الـ 50 درجة مئوية في الصيف، فان العراقيين ينزلون الى الشوارع للاحتجاج على انقطاعات الكهرباء، وهو تحد سنوي تواجهه الحكومة”.

وذكر التقرير، أن “العراق يعتمد على ما يقارب من 40% من تجهيزات الكهرباء في الصيف على إيران، كأن يكون طاقة كهربائية او غاز مستورد يحرق في محطات الكهرباء الوطنية”.

وتحدث عن، “أسباب على اجماع الكتل السياسية الواسع لتمرير القانون، فبالإضافة الى تفادي المعوقات القانونية المفروضة على حكومة تسيير الاعمال من الانفاق والصرف، فان القانون يوفر حبل حياة للكتل السياسية بان تستمر في جمودها هذا لأشهر قادمة”.

ويجد، أن “الاشهر الستة القادمة ستكون بمنزلة صراع حاسم للديمومة المالية ما بين اللاعبين الرئيسين”.

ولفت التقرير، إلى أن “تمرير العقود يتطلب حكومة ميسورة وموهوبة”، مشدداً على أن “تنفيذ النفقات وفرص التشغيل ستكون عوامل رئيسة في كسب تعاطف العراقيين”.

وبحسب التقرير، فأن “هنالك وجهتي نظر يتطلب التفكير بهما بما يخص الوضع الحالي، أولا ما الذي ستقوم به المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؟ وثانيا هل ان الصدريين قرروا فعلا التخلي عن العملية السياسية؟”.

وأوضح، أن “البند الخامس من المادة 15 لقانون انتخابات مجلس النواب يشير بوضوح الى انه في حالة وجود مقاعد شاغرة فان المرشح ذو النقاط الأعلى في الدائرة الانتخابية يمكن له ان يشغل المقعد”.

وتوقع التقرير، أن “يحصل أعضاء الإطار التنسيقي على مزيد من المقاعد سيما وانهم كانوا على هامش المنافسة للصدريين في المحافظات الجنوبية”.

واستدرك “حتى لو تقرب الاطاريون أكثر نحو تشكيل حكومة من خلال هذه المقاعد فانهم سيبقون بحاجة لجمع ثلثي مقاعد البرلمان والتي تبلغ 220 نائباً وحتى لو حصلوا على جميع مقاعد التيار الصدري وأصبح عددهم 151 فانهم سيكونون بحاجة لـ 69 مقعداً آخر لتشكيل حكومة”.

ومضى التقرير، إلى أن “الإطار التنسيقي لن يتمكن من تشكيل حكومة ما لم يتحالف مع ما تبقى من تحالف انقاذ وطن من سنة واكراد، بدون شك ان ذلك كان جزءا من اقدام الصدر على هذا القرار”.

ويخرج التقرير بسيناريوهين محتملين، الأول “إقدام الإطار التنسيقي على محاولاته تشكيل حكومة بعد التوصل لاتفاق مع الاكراد والسنة، في هذه الحالة سيذهب الصدريون للمعارضة خارج البرلمان”.

ويجد، أن “مكامن الخطورة في ذلك بالنسبة للإطار والحكومة الجديدة هو ان الصدر واتباعه ومئات الآلاف المؤيدين له بإمكانهم اسقاط هذه الحكومة في غضون أشهر بعد تشكيلها، وان سقوط حكومة عادل عبد المهدي السابقة هو درس يمكن التعلم منه”.

وأردف التقرير، أن “السيناريو الثاني هو ان تقوم جماعة الإطار بالتخفيف من خطط الصدر وان يعرضوا للصدريين بدلاً من ذلك مناصب في الحكومة القادمة”.

ورأى، أن “ذلك قد يتحقق كحل وسط لتوحيد البيت الشيعي وإلحاق جميع اللاعبين السياسيين في البلاد، وكذلك الاعتراف بنفوذ الصدر وحقوق حركته باعتبارها الفائز الأكبر بالانتخابات”.

وأقرّ التقرير، بـ “صعوبة التنبؤ بأجواء العراق السياسية بسبب عداءات وخلافات شخصية وتاريخية قد تعود للظهور مرة أخرى، تجعل من الصعب التوصل لتوافق”.

ومضى التقرير، إلى أن “إمكانية أن يستمر وضع التسييس هذا لفترة أطول الان، وفي أسوأ حالاته فان احتمالات تسوية الأمور بالسلاح، إذا لم يكن أي طرف راض، هي احتمالات تبقى غير مستبعدة”.

عن: معهد الشرق الأوسط

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here