بمناسبة مجزرة سبايكر: اصحاب الاخدود في القرآن الكريم (الحلقة الخامسة)
الدكتور فاضل حسن شريف
من عبر قصة أصحاب الأخدود أن الخسارة الحقيقية ليست ازهاق النفوس بوضع المؤمنين الأبرياء في مقابر جماعية وانما الخسارة هي عندما يصبح الدين العوبة بيد الطغاة يسيرونه كما يشاؤون، او فرض عقيدة مضادة لعقيدة الإيمان بالله الخالق الحق وليس بعقيدة السحرة والشعوذة والباطل.
قال الله عز وجل ” وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (البروج 8 – 9) تشمل الايتان المباركتان اوصاف الله تعالى للدلالة على ان ايمان هؤلاء المؤمنين كانت لخالق عزيز أي الغالب حميد مالك السماوات والأرض وسيشهد على المؤمنين والظالمين كل وعمله فاصحاب المقابر الجماعية على باطل فطريقهم الضال سيؤدي بهم الى هلاك الدنيا والاخرة.
قال السيد محمد عبد الجبار الشبوط في موقع كتابات في الميزان عن سبايكر لحظة تأمل: سبايكر هي لحظة تفجر هذا الحقد المتراكم منذ سنين، لا اقله منذ استولى البعث على السلطة في العراق وهو يحمل كل ذلك الحقد الطائفي الموغل بالتخلف والحيوانية والوحشية والقسوة. لم تولد سبايكر فجأة، فقد كانت ولادة لحمل مشوه تغذى على الحقد لأكثر من ثلاثين سنة كان الخطاب البعثي يزرع فيها كل بذور الكراهية والتعصب في اذهان الناس، حتى انتجت هذه التربية اولئك الاشخاص الذين سولت لهم انفسهم قتل إخوانهم في الانسانية والوطن والدين. سبايكر احدى الثمار العفنة لما فعله البعث في المجتمع العراقي. لقد عبث البعث في هذا المجتمع، الى الدرجة التي صار من الممكن فيها أن يلد مجموعات تتلذ بالقتل مثل مجموعة سبايكر. وفي لحظة التأمل المرعب هذه، نكتشف ان العوامل النفسية والاجتماعية التي أنتجت سبايكر ما زالت موجودة. ليس من الآمن أن ننكر ان عوامل الحقد والتعصب ورفض الاخر مازالت موجودة في شعور او لا شعور المجتمع العراقي. انها هناك ما زالت ترقد في الخلايا الخلفية والبنية التحتية لعقل بعض شرائح المجتمع وهي قابلة للانفجار في اية لحظة، انفجار يعبر عن نفسه بالقتل والدمار وتصفية الاخر. سبايكر حادثة رهيبة وجريمة مروعة وانتكاسة جارحة لكل قيم الإنسانية والمروءة والاخوة والشرف. والذين ارتكبها اناس نزعت التربية البعثية المتخلفه من نفوسهم كل عناصر الحب والخير، وجعلتهم قردة خنازير قادرين على فعل الشر بامكانية مطلقة. والمرعب ان هذه البذور مازالت موجودة في بعض النفوس وكأن واقعة سبايكر لم تكن كافية لتنظيف المجتمع العراقي من أدرانه التي تراكمت فيه طيلة سنوات حكم البعث العجاف. وحين نستعيد الذكرى الدموية المؤلمة لسبايكر، فما احرانا ان نعمل على تغيير تلك البيئة النفسية والاجتماعية والطائفية التي سمحت لبذور الحقد ان تتفجر قتلا واجراما.
قال الله تعالى “فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” (الاعراف 176)، فقصة اصحاب الاخدود وهم اصحاب المقابر الجماعية هي للتفكر والاعتبار واتخاذ العبرة بعدم تكرار عمل اصحاب الاخدود المشين والسير بما قام به الذين وقفوا ضد الطغاة المجرمين.
في جوامع الجامع: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أي أحرقوهم وعذبوهم بالنار وهم أصحاب الأخدود فلهم في الآخرة عذاب جهنم بكفرهم ولهم عذاب الحريق وهي نار أخرى عظيمة بإحراقهم المؤمنين ولهم عذاب جهنم في الآخرة ولهم عذاب الحريق في الدنيا لما روى أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم.
وذكر الشيخ جلال الدين الصغير في فيديو له ان وزارة العدل العراقية هي التي تعرقل احكام الاعدام لمجرمي سبايكر حتى وإن صادق رئيس الجمهورية على قرارات الاعدام.
جاء في قصص الأنبياء للجزائري: ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها، فإذا أهلها أسلموا فبنى لهم مسجدا فسقط، ثم بنى فسقط، ثم بنى فسقط، فكتب إلى عمر بذلك. فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد صلى الله عليه واله وسلم هل عندكم في ذلك علم؟ قالوا: لا. فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقرأه الكتاب، فقال: هذا نبي كذبه قومه فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد وهو متشحط في دمه، فاكتب إلى صاحبك فلينبشه فان جسده طريا، ليصل عليه وليدفنه في موضع كذا، ثم ليبني عليه مسجدا فإنه سيقوم. ففعل ذلك، ثم بنى المسجد فثبت. وفي رواية: اكتب إلى صاحبك ان يحفر ميمنة أساس المسجد، فإنه سيصيب فيها رجلا قاعدا يداه على أنفه ووجهه، فقال عمر: من هو؟ قال علي عليه السلام: اكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته، فان وجده كما وصفت أعلمتك إن شاء الله. فلم يلبث ان كتب العامل: أصبت الرجل على ما وصفت، فصنعت الذي أمرت به، فثبت إلينا. فقال عمر لعلي عليه السلام: ما حال هذا الرجل؟ فقال: هذا نبي من أصحاب الأخدود، قصتهم معروفة في القرآن.
قال الكاتب نعيم الهاشمي الخفاجي: أما في جريمة سبايكر والتي نفذتها عشيرة البوناصر والبوعجيل أقارب صدام الجرذ الهالك تم عرض صور لقتل الضحايا الشيعة والقائهم في نهر دجلة بحيث احضروا طفل صغير اعطوه مسدس لكي يتسلى في إطلاق الرصاص على رؤوس الشباب المغدور بهم بمنظر قذر يكشف نتانة الفكر الوهابي الظلامي الفاقد لأبسط مقومات الانسانية.