ماهو الفرق بين الميت والميت سريريا والميت عقليا والميت ضميرًا:

 قلم ( كامل سلمان ) :

هؤلاء كلهم أموات والميت لا ينفع ولا يضر لأن وجوده انتهى من عالم الوجود ، اما الميت سريريا فحاله أسوأ من الميت جسديا يحتاج الى رعاية ومتابعة و مشاغلة عدد غير قليل من الكوادر الطبية والاجهزة والاموال فقط لمعرفة متى يموت ويصبح حسابه مساوٍ للميت ، فوجوده على السرير مضرة ولكن تبقى مضرته محدودة ضمن الحسابات المادية اما الميت عقليا ، فهذا الصنف الأكثر توفرا حاليا ، فهو حي يرزق كما باقي الكائنات يؤدي وظائف مفروضة عليه وغالبا ما تكون هذه الوظائف ضارة للمجتمع لأنه مسلوب العقل ومسلوب الارادة فعقله قد مات وترك جسده سائبا كالسفينة في البحر بلا ملاح تتقاذفه الامواج اينما تشاء فوجوده خطر كبير على المجتمع وقد يكون سببا من اسباب دمار المجتمع وهذا النوع من الاموات يمكن تصنيعه محليا اي يسلب منه العقل ليكون اداة من ادوات الاشرار ، فعملية تصنيعه وطرحه في الاسواق لا تحتاج سوى الى بعض الخزعبلات فيكون جاهزا للاستعمال وما أكثرهم ، اما الميت ضميرا فهذا هو المهم ، هذا هو السر وراء ما يصيب الناس من مصائب وويلات ، هذا عنده كل شيء حي الا ضميره ، الا إنسانيته ، الا الخير جف وتصحر في داخله فلم يعد يحمل من صفات الإنسان الا الشكل والمظهر ، هذا هو بيت الداء الذي يخشاه الناس . الإنسان الذي يتحول الى ميت ضميرا لا يتحول الى هذا الكائن الممسوخ بين ليلة وضحاها بل يمر بمراحل تجفف ضميره وتسلب منه حلاوة الاخلاق وتجعل إنسانيته رهن المصالح والاهواء ، فهو يحمل من الموروث الجيني نسبة ومن التربية نسبة ومن التجارب نسبة وتتجمع هذه النسب لتخلق منه إنسانا ميت ضميرا ولن يتأمل منه اي خير ، فيكون سكينا في خاصرة الإنسانية والمجتمع . في مجتمعاتنا الميت ضميرا يأخذ مكانته المحترمة المرموقة الموقرة ( خاصة عندما يكون هذا الميت ضميرا كثير الشر ويملك القوة ) ويستطيع ان يتلاعب بمقدرات الناس وعقولهم بل يستطيع ان يكسب الانصار والاتباع ولعل السبب هو ان افراد مجتمعاتنا يبحثون عن الظل الذي يدفع عنهم الشرور القادمة من حيث لا يحتسبون وتحديدا في اوقات ضمور القانون وضعف الدولة وهذه تتكرر في مجتمعاتنا بشكل دوري مستمر فيجدون ضالتهم بالميت ضميرا ، ليبتعدوا عن شره و ليصدوا به شرور الاخرين ، وهذا الشيء موجود في تراثنا كأنه شيء طبيعي ، ولكن الشيء الخارج عن المألوف وغير طبيعي هو تكاثر اصحاب الضمائر الميتة بشكل مخيف ليصل الى نسبة كبيرة مؤثرة وفي كل مكان . هنا اصبحت الحياة لا تطاق لصعوبة التواصل مع الناس والمجتمع ، هنا اصبح العيش ظلام وجحيم ، هنا بات من الضروري ان يبحث الناس عن الحلول للخلاص او ان مصيرهم الى الهلاك لا محالة .!!

الحياة وجدت للأحياء وليست للأموات ، فعندما ترى الاموات من كل الانواع يتحكمون بالحياة تبدأ في حياة الإنسان مشاكل من نوع خاص وهذه المشاكل تعصف بالمجتمع كما يعصف الجراد بالزرع او كما يعصف النار بالهشيم اي لا تبقي ولا تذر ، فمن واجب الناس ومن باب الدفاع عن النفس ان تتوحد الانفس للدفاع عن وجودها من هجمات الاموات ولا يمكن ان تترك الدنيا بيد من هم ليست لهم صلة بالحياة وحلاوتها .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here