المستقبل المجهول  

المستقبل المجهول  
منذ  سنيين وأنا أركن  إلى جنب  الشعب في رغبته  و خطواته  نحو الأمل والرجاء  في أن ينهض   من جديد  ويُعاد  له أسمه ورسمه وتاريخه   ،  ولكن  الواقع  وفعل الساسة  عديمي  الضمير والشرف  جعلت  حياة العراقيين   تتراجع  و تزداد سوءا  سنة بعد سنة  ويوما بعد يوم   ،  ولم يعد الكلام عن الحال  والمستقبل  المجهول ضرباً من الخيال  ، بل أصبح ذلك المجهول هو الواقع  مع هذا العنت والضيم  الذي  يلاقيه  الجميع ،   وهم يرتشفون  من حنظل  هذا الواقع  بعدما سقطت  عن  سياسي  العهر كل أوراق العنب والتوت . 
لا أحد يشك بان العراق لم يكتمل  رشده  بعد   ،  ولم يصل  إلى الحد  الذي فيه  يعرف  ان الفوضى واللانظام  تراكم  المشاكل وتزيد من حجم المعانات   ،  وقد  كان المحتل  في صوره  الثلاث أساس كل البلايا والخطايا  فضاعت  المعرفة  وتاهت  الديمقراطية  ، وتسيد  البلاد الجهل  والتخلف  والفقر والضعة  وساد أهل الطوائف  والملل والنحل  وصاروا حكام وقادة  هؤلاء  الشرذمة  من حثالات  هذا الزمان   ،   والشعب  لم  يجهز  ولم يهيء  ليكون  رافعة  الديمقراطية  والسلام  في المنطقة بل كان  هو العكس   ، وكل  الممارسات الرعوية  من الجيران  أدت  إلى تفتييت  هذا المكون القديم وإستبداله بمسخ لا نعرفه نحن أهل العراق ،  وفي شأن إعادة وإحياء  ملامحه القديمة  كلها  بأت بالفشل تباعاً منذ 2004 وإلى يومنا الحاضر ، ولم تنفع  خطوات الترقيع وشعارات أهل الدجل من  المساعدة  بل زادت الطين بله   ،  ولم تستطع ان تحتضن هذا التشتت والفوضى التي تعصف بالعراق . 
أقول :  من المفيد ان  –  ننظر وتنظرون   –  لما يأتي به الرئيس بايدن حين يحط  رحله   في  بلاد العرب ،  وسنرى  إن كان له خطة عمل تتلافى كل  تلك النواقص والإنتكاسات التي صنعها  مراهقي  السياسة في البيت الأبيض  ،   وسنرى  أن كان يحمل معه  ما يقوله  لشعوب المنطقة   ،   ونحن لسنا مستعجلين  وما يهمنا  أن يكون عرب الجزيرة  لديهم مايقولونه  من غير حنق وتنابذ  وحمل السيوف على جهات  ثانية  ،  ورأينا أن  التعجل وعدم إحترام الشعوب وهوياتها ، أسقط  كيانات  ودول وحكومات   ،  وانا واحد من العراقيين الذين يسألون الناس إلحافاً  ، وهل في جعبة هذا القادم من بعيد شيئا يمكننا البناء عليه والثقة به ؟  ، وهل لدى عرب الجزيرة  مجتمعين ما يمكنهم  التشاور فيه بروية  من أجل  حل المعضلات  والمشكلات  التي  طالت وتطال حاضر ومستقبل اجيال واجيال المنطقة والأقليم ؟  ،  وهل هناك شيء في الأفق يمكننا تسجيله من أجل حماية هذا السيل من الدماء التي تناثرت هنا وهناك في بلادي المشرقية ؟ ،  أم إن القادمين من بعيد يبحثون عن مصالحهم عن النفط والطاقة والغاز وعن رؤوس أموال يريدون نهبها  عبر كلام معسول وأماني   ؟  . 
أقول :   لقد أخطاؤا كثيراً منذ أربعين عاما حين أستبدلوا لغة السلام بلغة الفوضى ، وأخطاؤوا كثيرا حين جيشوا الجيوش ودمروا البلاد من غير ترتيب ولانظام ولا قانون ، ولهم في الهيئة هذه الكثير الكثير وكما يقول عادل إمام – الساعة بخمسه جنيه والحسابه بتحسب –  ، سنيين والحساب طويل وليس فيه ناتج غير المهانة والهوان والذل وتدمير البلدان الواحد تلو الأخر . 
وإني شديد الحرص على ان لا تضيع هذه الفرصة في جدل ومهاترات ، فالعراق ومعه محيطه العربي قد أكتوى بكل النيران وله حق ان يرفع الصوت عالياً  ، من أجل ان يعرف ماله وماعليه   ويعرف نوايا القوم البعيدين والقريبين منه  ، ماذا يريدون منه  ؟  وماذا يريد منهم  ؟  ،  وهل بمقدوره ان يصدح بالحق غير متلعثم بكلام ؟  وهل بقي له من صوت يستطيع ان يرفعه ليسمع الجميع ؟  ،  وإني أجد  ومن موقعي  أن العراق يجب ان يشارك  بهذه القمة  ،  وأن يختار الوفد المشارك بعناية  من أصحاب الرأي والشجاعة والإقدام  ، فمعركة تقرير المصير تبدأ من هناك ،  ولا يجب التفكير بمصالح الأخرين  فلكل له لسانه ويده ويستطيع أن يعبر بالشكل الذي يرآه ،  وأرجوا ان لا يتخذ  الإجتماع  من طرف العراقيين كلقاء أبروتوكولي لجمع الصور  ،  وأرجوا من الرافضين للمشاركة  ان يكون لهم ما ينفع  قوله من رأي ومشورة  ، فالإنكفاء  وإنتظار من يقرر عنا  سلبية وجبن  لا نعهده بالرجال الرجال  ،  وأعيدها  تقرير مصير العراق والنظر إلى مستقبل المنطقة أهم الأشياء الممكنة والواجبة في هذا الوقت  من حياة العراق والأقليم والمنطقة .  
راغب الركابي  

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here