عراقيون في مهب الذاكرة الضعيفة

عراقيون في مهب الذاكرة الضعيفة *

بقلم مهدي قاسم

وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة على صعيد إهدار الطعام عبثا مرميا و هباء منثورا و متراكما كهضبة مرتفعة ! يأتي العراق في الدرجة الثانية من هذه الناحية والمركز المرموق !!..
و هذا التقييم أو الحصيلة النهائية هي صحيحة إلى حد كبير ، خاصة بالنسبة للزائر إلى العراق و لا سيما إذا كان من العراقيين القادمين الذين يحضرون ضروب الضيافة العراقية المعروفة بكثرة أنواع الأطعمة المختلفة و العزائم العامرة و الحافلة والاحتفالية أو العزائية في مناسبات مفرحة أو مفجعة على حد سواء ..
ومن ثم ملاحظة كثرة و تراكم الأطعمة المتبقية ــ كفضلات ــ وهي ترمى إلى جنب القمامات المزنجرة و المسودة القذرة لتكون طعاما ــ من حسن الحظ ــ لكلاب و قطط سائبة و جرذان شرسة التي تشبع وتمضي إلى شأنها و لا زالت فضلات الطعام باقية بكميات كبيرة !!..
فمعظم العراقيين أو بعضهم يرفض تناول طعام ” بائت ” من يوم البارحة ،إذن فلابد من طبخ جديد و طعام طازج و لذيذ !!..
فربما إن هؤلاء المبذرين ، أو أغلبهم ، هم نفس أولئك العراقيين الذين عاشوا سنوات الحصار الاقتصادي الظالم الذي فُرض على العراق لمعاقبة الشعب العراقي وليس النظام السابق، و ذلك بسبب عملية غزو الكويت ، حيث و بحكم تأثيرات هذا الحصار ، كان سعر طبق بيض وحده فقط يفوق راتب الموظف بكثير ، و الطحين الذي كان يتحول إلى عجينة خبز ، فيما بعد ، كان مخلوطا بخلطات عجيبة و أسراب ديدان غريبة ، حيث كان الفقر والحرمان على أشدهما من درجة عالية ومرتفعة يوما بعد يوم طيلة فترة الحصار القاسي ..
ولكن بعد عملية الغزو الأمريكي للعراق ، وبحكم ارتفاع أسعار النفط أخذ الوضع المعيشي لشرائح و فئات مختلفة تتحسن نحو أفضل و أحسن، حيث شبعت بطون و امتلأت معدة و انتفخت كروش إلى حد جعل هذه الفئات و الشرائح تنسى أيام الحصار القاسية المثقلة بفقر مدقع وحرمان قاس وموجع ..
فمن هنا و بسبب هذا الإهدار العشوائي و غير المسؤول للأطعمة ، احتل العراق المرتبة الثانية ــ عالميا ــ كأنما كمناسفة عظيمة و بطولة دولية لفوز تاريخي مظفر !!..
علما أن فوائد الذاكرة المهمة ـــ حسب اعتقادنا ــ تكمن في الاستفادة من تجارب سابقة وتوظيفها لتقدم ورقي نحو إنسانية متمدنة و متحضرة أنبل وأسمى ..
بطبيعة الحال لا يفوتنا هنا التأكيد على أن الأوروبي و الأسيوي ــ بشكل عام و بغض النظر إذا كان ثريا جدا أو متمكنا ــ فهو لا يرمي طعام اليوم إلى قعر القمامة أنما يضعه في الثلاجة ، لكي يستهلكه في يوم الغد ، لكونه لا يضع في صحنه إلا مقدار أو كمية من أطعمة التي يستهلكها حسب شهيته و متطلبات طاقته وباكتفاء ومقدار قد تعوّد عليهما جيدا ! .
ملحوظة : قلت : عراقيون .. ولم أقل العراقيين و ذلك تجنبا للتعميم على الجميع ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here