شــكوكـو

شــكوكـو

بقلم: محمد هاشم الصالحي

.

تحدثت إلى أحد الكتاب الذين أقرأ لهم مقالات ذات معاني كبيرة مباركاً له على هذه الأفكار النيرة والأسلوب الفريد في التقديم. عاتب الكاتب على أن عدد القراء لمقالاته قليلة جداً. قلت له بالعكس نحن جميعاً نقرأ ونستمتع بما يكتب. طلب مني أن أراجع صفحته في التواصل الإجتماعي وأن أنظر إلى عدد التعليقات والإعجاب بمقالاته وإنها لا تتعدى عدة تعليقات مع عدد من الإعجاب. وقال متألماً أن إمرأة نشرت صورتها مع تهنئة للعيد وقد حصدت قرآبة ألف إعجاب ومثلها من التعليقات في غضون سويعات، بل أن هناك من شارك صورتها وتهنئتها ولا أدري لماذا؟ هل أن سطرين من تهنئة عيد بكلمات ركيكة أفضل من المقالات التي أصرف عليها جهداً كبيراً؟.

في زمن تهميش منظومة القيم وصعود نظام التفاهة حضرني مقال قرأته قبل حين عن الأديب المصري النابغة عباس محمود العقاد عندما سأله أحد الصحفيين حينها: من منكما أكثر شهرة أنت أم شكوكو؟.

فرد العقاد على الصحفي المتحذلق:

مين شكوكو ده؟

العقاد هو الفيلسوف الكبير القائل: (الأمة التي تحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل، تمتنع فيها أسباب الفساد).

وشكوكو هو المونولوجست الهزلي محمود شكوكو الذي كان يتنكر بثوب مهرج لإضحاك الناس.

بلغ الخبر إلى المونولوجست شكوكو الذي قال للصحفي: قول لصاحبك العقاد ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، ويقف على أحد الأرصفة وسأقف أنا على ﺭﺻﻴﻒ مقابل، ﻭﻧﺸﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ هتتجمع ﻋﻠﻰ ﻣﻴﻦ.

وهنا رد العقاد على إدّعاء شكوكو: قولوا ﻟـ (ﺸﻜﻮﻛﻮ) ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺻﻴﻒ ﻭﻳجيب (ﺭﻗّﺎﺻﺔ) ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﺍﻟمقابل ﻭﻳﺸﻮﻑﺍﻟﻨﺎﺱ حتتجمع على مين؟.

هذه هي الحقيقة فإن الغالبية تبحث عن صغائر الأمور وأتفهها متجاوزين الفكر والتدبر، بل على العكس كلّما تعمق الإنسان في الإسفاف والإبتذال والهبوط ، كلّما إزداد جماهيريةً وشهرةً.

لهذا السبب نجد أن التعليقات والإعجاب لا تأتي إلى أمثال هذ الكاتب الكبير بقدر ما تأتي إلى إمرأة جميلة أو شخص ذات منصب أو راقصة متبرجة، فشبيه الشيء منجذب اليه. وماذا برأيكم يمكن أن يفرز واقع كواقعنا الأليم الذي نعيش فيه اليوم؟

فأصبح المجد لـ شـكوكـو بإمتياز.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here