من يتعب أولاً؟

من يتعب أولاً؟

 نوئيل يلدا
الثرثرة الفارغة علامة بينة في حياتنا السياسية والإعلامية وسواء جاء الحوار على المستويات العالية من الدولة أو على درجة المقاهي وعتبات البيوت فإن الحياة العراقية بمجملها كلمات غير مجدية وأصوات لا أكثر.
لا يمكن الخروج بمعنى من كل المناظرات التلفازية التي تعرض علينا كما لا نجد أي مغزى من كل الخطابات الرسمية التي تطلق في المناسبات، فقد أدمن العراقي الظاهرة الصوتية المفرغة من المعنى. هذا ما يراه كاظم وهو مهندس حاسبات ويتابع: أحاول جاهدا فهم الرسائل الحوارية في كل ما يضخه الإعلام علينا ولكنني أفشل في هذا. ولأنني واثق من أن الخلل لا يكمن في عقلي فمن المؤكد أن الجميع لا يعرفون أي شيء عن الحقيقة.
رشا كانت أكثر دقة في تشخيص الموضوع حين قالت: الكل في تقاطع مع الكل، لذلك لا توجد مشكلة أساسا في أزمتنا السياسية. إنهم لا يختلفون في طرق تحقيق الرفاهية أو في سبل تطبيق الازدهار وإنما يتعاركون من أجل مصالح حزبية وهذا الأمر في غاية الغرابة فالمشروع السياسي غير مطروح بالمرة وبالتالي هم يبحثون في كيفية إخراج الخصم مهزوما من الحلبة.
جعفر من جهته قال إن المشهد التنافسي يقوده صقور من كل الجهات المتعاركة وهم يريدون التأثير من خلال خلق الأزمات، والأخيرة لا تقتصر على الانسداد السياسي وإنما تطول عيشة المواطن الذي يجد نفسه فجأة يعاني من أزمة طاقة وغذاء وفقدان للأمن ويعاني أيضا من أوبئة كثيرة وعواصف ترابية وبالنهاية ينغمس الشعب في همومه بينما الصراع السياسي يستمر على رهان من يتعب أولا.
سوسن وهي موظفة على الدرجة الرابعة تقول: أنا لا أفهم ما يقولون وأعتقد أن من غير المناسب عرض البرامج الحوارية على التلفزيون لأنها بلا معنى. نحن نريد حوارا دسما تطرح فيه سبل الخروج من أزمتنا المعيشية. نريد من يتحدث عن تحقيق الأهداف بأقصر وقت . نريدهم أن يتكلموا عن أزماتنا وكيف يخلصوننا منها وليس كلاما فارغا عن أحقية هذا وذاك في الحصول على الكراسي.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here