عواطف الإنسان ضرورة حياتية ام مصدر ألم

عواطف الإنسان ضرورة حياتية ام مصدر ألم :
بقلم (كامل سلمان )

ماهي العواطف وما أهميتها عندما تفقد الحبيب وتودعه الى الأبد ، عندما تعتصر آلما لمنظر فيه ظلم كبير ، عندما تشتاق لرؤية اشياء او احباب افتقدتهم لفترات طويلة ، عندما تحزن ولا تجد غير دموع العين تواسيك عندما تظن الناس لا تنصفك ولا القانون وحتى يصل ظنك احيانا برب العالمين … هذه هي العواطف التي نتمنى لو أنها لم تكن موجودة لما نحصد منها من هموم وآلام وقد ندفع اعمارنا ثمنا لارتفاع منسوبها … ومن ناحية أخرى هناك عواطف لا نتمنى الابتعاد عنها ولو للحظة واحدة وخاصة حب الحبيب ومتعة القرب منه وحب الحياة والسعادة فيها وحب الطبيعة والتمتع بها وحب الاقربون وسندهم للنفس ، الارتباط بالوطن بالارض بالماضي وغيرها من عواطف ضرورية لإعطاء نكهة لكل لحظة يعيشها الإنسان . فوران العواطف من الأشياء التي يمكن نسيانها ، فهي بسبب عوامل الزمن وعوامل التغيير في طبائع الإنسان تمر بثلاث مراحل ، المرحلة الابتدائية ثم مرحلة القمة ( عندما تكون العواطف في أوجها ) ثم مرحلة الفتور ويحدث ذلك بعد مرور الزمن . العواطف المجتمعية تختلف عن عواطف الأفراد ، فالعواطف المجتمعية تحركها حركة المجتمع وتفاعل المجتمع العاطفية التي تنعكس بشكل مباشر على احاسيس الفرد الذي هو جزء من المجتمع وكذلك تأثير الكلمات والخطب وسرد الاحداث فهي بالاساس عواطف مصنعة قد تسلب في اكثر الاحيان قدرة التفكير الصحيح عند الإنسان عكس العواطف الطبيعية الفردية فإنها في اكثر الاحيان تنمي القدرة التفكيرية عند الإنسان ، فقد ينجرف الفرد في العواطف المجتمعية ويصبح اداة لتنفيذ مآرب لافكار معينة او يصبح ضحية لعواطف لم تمسه سوءها ولن تنفعه حسنتها ، واكثر الناس خضوعا للعواطف المجتمعية هم الناس الذين يعانون من فراغ نفسي وتيه في المفاهيم وسذاجة وطيبة نفس . وغالبا ما تكون العواطف المجتمعية هي موروثات تصاحب الإنسان منذ الصغر وتصبح جزء من التركيبة الشخصية للفرد داخل المجتمع فتكون ذات نكهة .
كل المزايا الحسنة في الإنسان يمكن ان يحولها اعداء الإنسان الى مزايا سيئة بعد ان يتم استغلالها بشكل بشع ، فكيف يستطيع كائن اسمه إنسان ان يذبح أخ له في الخلقة والتركيب دون عداوة شخصية سابقة لولا انه خضع لتلوث عاطفي مر ، نعم كل الاعمال الجمعية السيئة لأفراد المجتمع إنما هي نتاج عاطفي منحرف ، اليك بعض منها ، الهوسات والدكات العشائرية والاقتتال العشائري دائما ما تجد وراءها عواطف واندفاعات ملوثة . الاقتتال المذهبي والديني والقومي دائما ما تجد وراءها عواطف واندفاعات ملوثة بالرغم من محاولة نسبها الى المعتقد ولكن هذا كلام هراء لأن المعتقد هو بناء لذات الإنسان وليس تدنيس للقيم الاخلاقية ، فالعواطف الملوثة تدنس القيم الاخلاقية وتلغيها ….
الإنتقام كردة فعل لفعل بسيط لا يستوجب الانتقام ولكن بسبب الزيغ العاطفي وعدم القدرة على السيطرة على النفس تصل ردة الفعل الى مستوى الانتقام والامثلة كثيرة في المجتمعات التي تتحكم بها نوازع الشر والعادات المستحكمة والتقاليد المتجذرة في العقول . المجتمعات التي تقودها عواطف ملوثة هي تشكل نقطة اختلال التوازن لباقي المجتمعات المجاورة او المتعايشة معها وخاصة في مجتمع مثل المجتمع العراقي الذي هو خليط لكم هائل من المجتمعات التي تحمل قسم منها عواطف سلبية تخلق العداوة والبغضاء وتدمر الاواصر التاريخية ويمكن استغلالها بكل سهولة من قبل اعداء تلك المجتمعات المتجاورة المتحابة لمئات السنين ، وهذا ما حصل فعلا وسببت انهارا من الدم لن تجف الا بقدرة قادر ، وأن جفت فإنها تبقى نار تحت الرماد ، ولن ترى تلك المجتمعات الامان ثانية ثمنا لما اصاب المجتمع من سوء العاطفة التي فرضت نفسها على الجميع ، نعم هذا هو الإنسان ، كل شيء فيه متوازن ومفيد عندما يكون تحت السيطرة وتكون عواطفه ايجابية ، ويتحول الى كارثة عندما يزيد او يقل عن مستواه الطبيعي .
كثرة الندم واللوم للنفس من صفات المجتمعات المتهورة عاطفيا او الملوثة عاطفيا ، وقد يحدث هذا الشيء اي الندم مرة واحدة في العمر ولكن تكرارها باستمرار دليل وجود خلل كبير وعطب لا يمكن اصلاحه في العاطفة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here