الريبة والكراسي!!

الريبة والكراسي!!
الريبة: الظن والشك والتهمة.
الكراسي: كراسي المسؤولية أو المناصب
لا يوجد كرسي لديه سلطة أو مسؤولية ولا تحيطه زوبعة من الشكوك والظنون , فهذا طبع السلوك البشري , في غاب التفاعلات اليومية بأنواعها.
ففي الغاب عندما يصطاد الوحش فريسته , يبقى في محنة الحفاظ عليها من مداهمة المفترسات الأخريات الباحثات عن طعام.
والسلطة طعام الأقوياء , والبشر يسعى إليها بإندفاع غريب , ولا يمنعه رادع , ويتحين الفرص للإيقاع بمَن يمتلكها لإزاحته عنها.
ونسبة الشك تتعاظم كلما تقدم الكرسي في الموقع , وتصل ذروتها في الكرسي الأول , الذي يسيطر على البلاد.
فشخص الكرسي الأول في أي مجتمع , يكون في غاية الشك والظن بالسوء بأقرب الناس إليه , وهي ظاهرة سلوكية معروفة على مر العصور , وفعلت ما فعلته في المجتمعات , وكم نشبت حروب وأرتكبت بشائع بسببها , فالقتال كان يدور حول الكرسي , وبسببه سفكت الدماء , وقتل الأخ أخاه.
وأوضح مثال ما حصل لخلفاء الدولة العباسية , وكيف قضت الشكوك على وجود أقرب الناس من الكرسي.
هذه المشاعر السلبية لا تضبطها الدساتير والقيم والأديان والتقاليد والعقائد , ففي كل فترة يكون للشكوك دورها في صناعة الأحداث.
وتكون المعضلة أعظم عندما يجلس على الكرسي مَن يتسم ببعض صفات الشخصية الشكوكية , لأنها ستتعاظم وينجم عنها تفاعلات إندفاعية مأساوية.
وبموجبها تأكل الثورات رجالها , وأي نظام حكم يميل إلى التفرد ومحق مَن عنده رأي , أو فكرة لا تتوافق مع إرادة الكرسي المستعر بالشكوك.
وبعض المهووسين بالشك , يتخذون إجراءات بموجب حركات البدن والنظرات , مما يجعل التفاعل معهم صعبا وخطيرا , ويتسبب بإنهيارهم , لأن الخوف منهم يحجب الحقائق عنهم , فيعيشون في صوامعهم التي تحميهم من أوجاع الشك , حتى يتساقطوا في هاوية الحتف الشديد.
ويبدو أنها من ضروريات عدم الإستقرار في الحكم , وفقا لإرادة الدوران , التي تدفع إلى التبدل والتغير المتواصل , لكي تترمم إنهيارات الحياة.
وبموجبها يصح القول: ” ما طار طير وارتفع…إلا كما طار وقع”
ولكلٍ ميقاتُ غياب!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close