حدود ألحقيقة و آلمَجاز

ألحقيقة و آلمجاز .. أيّهما يتقدم على آلآخر .. أو بتعبير أدقّ ؛ (أيّهما الأسمى و آلأهمّ و الأساس لتحقيق الهدف من وجودنا)!؟قبل الأجابة على ذلك السؤآل الحساس و المصيري؛ يجب أن نعرف مكانة و دور و أثر الفيلسوف في الحياة .. بإعتباره هو ألقائد و المخطط الكونيّ الأول في مجال الحضارة و المدنيّة .. و يصطفّ معه بدرجة أقل الأديب و الفنان و سائر من يحملون فناً أو إختصاصاً في مجال معيّن من مجالات البناء و الحضارة و الرّقي بشرط معرفة علاقة أختصاصهم مع المحيط و الكون ..و السبب في تقدم (الفيلسوف) ثم أؤلئك المختصون لقيادة العملية التغييرية بإتجاه تحقيق فلسفة الحياة : هو إنّهم يعيشون في عالم المجاز و الوهم و الذي يحتاج لعقل كبير لغوض غمار آلمعركة و عبور المحطات الكونيّة السّبعة ..في عالم المجاز يكون آلفيلسوف فقط حيّاً و منتجاً .. و يصل الذروة في تألقه و سموّه حين يُترجم ما تصوّره على أرض الواقع ليستفيد منه الناس لتحقيق الهدف من الوجود و علّة خلقهم .. و المجاز و التصورات واقع في عقل و ضمير الفيلسوف و ربما آلمُثقّف و المفكّر بدرجة أقلّ(1) و لا يستطيع العيش بدون عالم المجاز .. لكونه عالم رحب و ممتدّ إلى ما لا نهاية و لا يدخله إلا من وسعت روحه و عقله الظاهر مع الباطن ليقحمه ساعياً لكشف الحقائق التي تؤدّي و تُسهّل عمليّة ألأبداع و آلأنتاج لتحقيق الأستخلاف و الغاية من الخلق(2).ألمجاز فضاء رحب و لا متناهي لرسم ألمستقبل لا يرفضه إلّا أصحاب التفكير السطحي البسيط الذي لا يتعدّى البطن و ما دونه بقليل لأنّألحقيقة مُجرّد وجود يُقيّد الواقع ألذي نعيشه في اللحظة التي نحيا فيها و هو محدود الأبعاد و المديات و آلآثار ..عالم المجاز يتقدّم على الواقع و يخرق حُجب المستقبل اللامنظور و اللامرئي و آللامحسوس لأنّ آلجهاز الكاشف المستخدم  لرؤية تلك العوالم يختلف آليّاته عن الحواس الخمسة المعروفة التي لا ترى سوى الماديات المحدودة جداً في واقعنا.إن الفكر و التأمل يتحرك عبر الأثير ليأتينا بآلكلمات و الرؤى و النظريّات المختلفة بعد عمليات نانويّة و فنّيّة طبقاً لنظريّة الكَوانتوم.ألفيلسوف .. خصوصاً ألكونيّ ؛ يرى الدّنيا و الأكوان كلّها حين يُريد التنظير لموضوع مُعيّن و لا يحصر عقله ضمن قانون محدود أو مسالة فقهيّة أو ضرورة من ضرورات الحياة الآنيّة .. و كما هو الحال مع الفقهاء أو المختصّين في علم أو مجال معيّن من مجالات الحياة العديدة التي تُدرّس في الجامعات أو الحوزات و المراكز المختلفة, خلاصة الأمر ؛ إنّ الفيلسوف غير محدود بزمان أو مكان و مناخ أو إختصاص معيّن .. بعكس الآخرين ألذين يعيشون المحدوديّة في الزمان و المكان و الاختصاص و الأجواء المادية المحيطة به.ألفيلسوف الكونيّ يربط (الآن) بـ (الغدّ) وما يراه حتى الذّرة بآخر مرتبة من مراتب الوجود وهذا الكون ألغير محدود على أكثر الظن.بتعبير أدقّ يربط الواقع بآللامتناهي .. و لا تستطيع الحدود و القوانين العلمية أو الفقهية المتحجرة و لا كلّ قوى المادة أو معارضة الآخرين أنْ تمنعه أو تحدّه أو تحجّره أو تستميله عن هدفه لأتجاه آخر خاص أو حكومي أو حزبي أو ما شابه ذلك و تبقى طاقة إيجابية متحررة .. لأن ألأنسان الحيّ هو ذلك آلفيلسوف الذي عرف أبعاد الفكر و حافظ على آلضمير و أسرار القوى الرّوحيّة و مصدرها .. و هذه بآلمناسبة تحتاج إلى التجديد و الأبداع و معرفة قوانين الجّمال و عمل الخير و العلم و عشق الله تعالى و لطفه لتحقيق ذلك لنيل السّعادة عبر رسم المناهج العامّة و الخاصة لعمليّة التغيير .. بينما آلمتحجّرون ألمحتجزون داخل السجون السياسيّة والحزبيّة والفقهيّة والمذهبيّة يعيشون الماضي ضمن مناهج ضيّقة وأطر تحدّدت قبل مئات بل آلالاف ألسنين و كأنّهم يعيشون مع الموتى, لهذا غالباً مّا يؤدي سعيهم للفساد والخراب!إنّ آلذي لا يستطيع غور المستقبل و كشف المجاهيل و أسرار الوجود ؛ من المستحيل أن يحقق هدفه أو يُغيير من الواقع أو يكشف الجمال .. لهذا كان المجاز – و كما يُسميّه أهل المنطق – أبلغ من الحقيقة .. بل و أعلى مرتبة من آلمادة و الشكل و الصورة لأنها هي الأصل و المنطلق لفهم أوسع و أعمق لمراتب آلوجود و لما دار و يدور في هذه الحياة التي إبتلينا بمعاناتها بسبب الجاهلين الذين لا يرون سوى أرنبة أنوفهم.ألعارف ألحكيم : عزيز حميد مجيد.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) درجات العلم في الفلسفة الكونيّة ألعزيزية سبعة مراحل .. تبدأ بـ:قارئ – مثقف – كاتب – مفكر – فيلسوف – فيلسوف كونيّ – عارف حكيم.(2) لمعرفة التفاصيل؛ راجع ألعلل الأربعة في الوجود, في كتابنا [أسفارٌ في أسرار الوجود], و كذلك (نظرية المعرفة الكونية).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here