وباء العدوانية!!

وباء العدوانية!!
الدنيا تستعر في أرجائها العدوانية الشرسة وبتفاقم وإزدهار , خصوصا في الدول التي ترفع رايات الديمقراطية , وتوهم الناس بأنها حرية التعبير عن الشرور , وفقا لإدّعاءات الدفاع عن النفس والحفاظ على الحرية والحقوق الإنسانية.
فالديمقراطية بحاجة لقوة تحميها , وسفك دماء ترويها , فالحرب العالمية الثانية نشأت بين دول ديمقراطية , وما يحصل اليوم بتأليب وتأجيج منها , في زمن تمتلك البشرية أفظع أنواع أسلحة التدمير الفائق.
والعدوانية طاقة كامنة في المخلوقات كافة ومنها البشر , وبتزايد أعداده تفاعلت مشاعره العدائية , وتعاظمت حتى إنبعجت في سلوكيات متنوعة , ستتوجها حروب ذات منطلقات فتاكة ومدمّرة لكل شيئ.
وما تقوم به الدول والجهات المختصة إلتفافات غير مجدية حول الموضوع , لأنها لا تجرؤ على مواجهة أسبابها الحقيقية , وأكثرها تريد الإستثمار فيها والتفاعل معها بعقلية (بزنزية) , فمنطلقات الديمقراطية الأساسية إقتصادية , وإن بدت غير ذلك فلتبرير النزعات الربحية الكامنة في معطياتها , ولهذا تجد المنتخَبين , من الأثرياء وأصحاب الإمتيازات الكبيرة.
وما أن يتم إنتخابهم حتى يعملوا بأقصى طاقاتهم للحفاظ على مكتسباتهم الشخصية ولا يعنيهم غير ذلك , فهل وجدتم نوابا حققوا ما ينفع الناس في المجتمعات المراهقة ديمقراطيا؟
أي أنهم يعبّرون عن العدوانية بآليات جديدة , مما يتسبب بتنميتها وتسميم العلاقات الإجتماعية , ووضع الحواجز بين الناس , ودفعهم لمزيد من التصارعات الخسرانية المروعة.
وعندما ينتشر وباء العدوانية تتعطل العقول وتُستنفَر المشاعر السلبية في مرابع النفوس المتأججة , المصابة بالعماء والإندحار الذاتي والموضوعي , فتتحقق مواجهات ضارية بين أبناء كل شيئ واحد , لأن النفوس المستعرة ستندفع نحو البحث عمّا يبرر بشائعها , وتجد أسهل وسيلة للتعبير عن شرورها أن تقرن ما تأتي به من المآثم والخطايا بدين , فتلقي بعواقب ما تقوم به على قوة كبرى تؤمن بها , وتحسب أنها مأمورة لتنفيذ ما تمليه عليها وفق ما ترى وتتصور وتعتقد.
وتلك محنة البشرية الحقيقية التي لن تفلح في الإنتصار على وباء العدوانية , ولن تجد لقاحا يوقيها من أضراره الشديدة.
فهل لنا أن نعي أجيج العدوانية المستعر فينا؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close