الحل موجود.. لكن العناد موجود ايضا

بقلم: علي مصطفى طالب

كلما اقرأ عن “فاجعة ” اختيار مرشح كوردي لتسنم منصب رئيس الجمهورية كلما اقتنع اكثر واكثر بما قاله المرحوم عادل مراد عندما سألته عن السبب وراء وضعنا البائس, اذ اجاب المرحوم بالحرف الواحد “ان لم نكن هكذا لكانت دولتنا الكردية قائمة قبل مائة عام”. سالقي شيئا من الضوء لتوضيح الامر.. كانت تربطني علاقة صداقة بالمرحوم بعيدة عن اي ارتباط حزبي .. اذ انني لا انتمي الى اية جهة حزبية والمرحوم كان على علم بذلك لذا فانه كان يناقشني في شتى الامور والمواضيع بكل صراحة لانني كنت اعلق و اناقش بصدق وفقا لما يمليه علي ضميري وحرصي على المصلحة الوطنية العامة استنادا الى مؤهلاتي وامكانياتي وشهاداتي ومهنتي الصحفية.. كان المرحوم يستمع ويتنهد في بعض الاحيان وكأنه يقول “ليتني كنت مثلك.. طليقا بلا قيود ايديولجية او حزبية.. لاستطيع ان اقول ما اريد قوله”.
اعود الى موضوعنا الرئيسي هنا اي اختيار مرشح كوردي لتبوأ اعلى منصب رسمي في العراق.. ان الخلاف في الرأي شيء طبيعي في كل المجتمعات كما ان ايجاد حل توافقي هو الآخر امر وارد في كل المجتمعات .. فاذا لم تستطع القيادتان (البارتي واليكتي) التوصل الى تسوية تسند احد اهم المكاسب التي حصلنا عليها بفضل تضحيات البيشمركة وغالبية ابناء الشعب من حزبيين وغير حزبيين.. فاذا لم يكن بالامكان ايجاد تسوية ترضي الطرفين .. فان الحل يكمن في ترشيح شخص ثالت مستقل يتمتع بما يؤهله لاداء هذا الدور المهم في حياة البلاد العامة.
هذا الشخص موجود الآن .. انه البروفسور كمال قيتولي, علما بانني استغرب كثيرا كيف انه في خضم نجاحاته الاكاديمية وشهاداته الجامعية ووظائفه المرموقة يريد اقحام نفسه في وظيفة رسمية تعصف بها الرياح . على كل حال انا وبتواضع على اطلاع بماضي هذا الرجل.. ومن هذا المنطلق اقول ان الروح الوطنية هي الدافع وراء الترشح لهذا المنصب.
اوجه كلامي الى قيادتي الحزبين الرئيسين في كردستان العراق واقول ان الكرد الفيليين ساهموا في بلوغ نجاحات الحزبين بل وفي تأسيسهما وفي حمل السلاح دفاعا عن مصالح الوطن وابنائه وفي جمع التبرعات لتغطية جانب من نفقات الثورات الكردية,وانا شخصيا شاهد عيان على بعض تلك الحملات. كما ان بيوت الفيليين في بغداد بشكل خاص كانت ملاذا وحاضنة لكثير من القيادات الكردية لدى زيارة العاصمة لاسباب شخصية او حزبية عندما كان الاعدام هو مصير الشخص الذي يقوم بذلك ولعل المناضل يد الله كريم اطال الله في عمره يؤكد هذا الكلام.. بل اتذكر وانا صغير السن ان المرحوم الملا مصطفي بارزاني (خلال عهد الزعيم عبد الكريم قاسم) عندما التقى بالوالد (المرحوم الشيخ مصطفي طالب) فانه بادر الى تقبيل يد الشيخ الذي كان بمثابة الزعيم الروحي للكرد الفيليين في بغداد وجنوب العراق .. ولن ابالغ اذا قلت ان هذه المبادرة من القائد بارزاني ترك اثره العميق في اوساط الفيليين ولاسيما الشباب منهم اذ صار هؤلاء يتعاطفون اكثر واكثر مع الثورة الكردية بعد ان كانوا ولاسيما الشباب منهم ينتمون الى احزاب وطنية اخرى. وكنت اعمل في جريدة التأخي في مقتبل سبعينات القرن الماضي عندما شدد المرحوم بارزاني على وجوب منح الفيليين حقوقهم واصر على ترشيح الفيلي حبيب محمد كريم لمنصب نائب رئيس الجمهورية تنفيذا لاحد بنود اتفاقية آذار مع الحكومة العراقية الا ان تعنت هذه الاخيرة حينذاك وترشيحها للعسكري طه محي الدين معروف لهذا المنصب اطاح بفرصة فوز احد المناضلين الفيليين بهذا المنصب.ولعل البعض على علم بان مناضلا فيليا غامر بحياته(مطلع سبعينات القرن الماضي) وحل محل المرحوم ادريس بارزاني في اثناء مرور سيارته على قناة الجيش ببغداد بعد ان علمت اجهزة الامن الكردية بوجود محاولة لاغتيال بارزاني. ومن جهة اخرى فان قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني وفي عام 2003رشحت المرحوم عادل مراد ليكون عضوا مناوبا في مجلس الحكم بديلا عن جلال طالباني بل ان المرحوم مام جلال بادر الى تشكيل مكتب لشؤون الكرد الفيليين تابع لرئاسة الجمهورية , كما ان المرحوم طالباني وبشكل لا يقبل الشك وبكلمات مؤثرة وعميقة ايد قضية الكرد الفيليين حتى اعتقد البعض انه واحد من هؤلاء الاكراد.. فما الضير اذن من ترشيح احد الاكاديميين الفيليين لتسنم منصب رئيس الجمهورية.. هذه الخطوة ستكون لها اثارها وتبعاتها الايجابية داخليا وخارجيا .. انها ستكون بمثابة نوع من الدعم المعنوي لهذه الشريحة المظلومة من شرائح الشعب العراقي هذه الشريحة التي عانت ويلات الحكم البائد, بل انها سترسخ عراقية الفيليين بعد ان حاول البعض نزع هذه الصفة عنهم بالرغم من ان التاريخ يشهد على ان احد الفيليين حكم بغداد قبل وصول العثمانيين اليها كما ان احد الفيليين كان مرشحا ليكون ملكا للعراق مطلع عشرينات القرن الماضي الا ان ” المصالح العليا” لغير العراقيين منع ذلك. لقد أن الاوان لتعديل الامور وتصحيح المسار.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here