اشارات السيد محمد حسين فضل الله قدس سره عن الحج والقرآن الكريم (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب تفسير القرآن الكريم للسيد محمد حسين فضل الله قدس سره: أحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم: “وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنعام إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ” (الحج 30) ممّا حرّمه في سورة المائدة في قوله تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ” (المائدة 3). هذا إذا فهمنا المعنى الاستقبالي من الفعل المضارع في كلمة يتلى، لأن المائدة هي آخر ما نزل من القرآن، والمعنى: أن الله قد أحلّ لكم الأنعام إلا ما استثناه في كتابه، فحافظوا على حدوده فيها، فلا تحرّموا حلالها، ولا تحلّوا حرامها، ففي ذلك تعظيم عملي لحرمات الله في خط الالتزام. وقد رأى بعض المفسرين أن استخدام صفة الحاضر في عبارة: “مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ” (الحج 30) كان قد نزل في سورة الأنعام، إشارة إلى استمرار التلاوة، باعتبار (أن محرمات الأكل نزلت في سورة الأنعام وهي مكية، وفي سورة النحل وهي نازلة في آخر عهده صلى الله عليه واله وسلم بمكة وأول عهده بالمدينة، وفي سورة البقرة، وقد نزلت في أوائل الهجرة بعد مضيّ ستة أشهر منها على ما روي ولا موجب لجعل يُتْلَى للاستقبال وأخذه إشارة إلى آية سورة المائدة كما فعلوه. والآيات المتضمنة لمحرّمات الأكل، وإن تضمنت عدة أمور كالميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله، إلا أن العناية في الآية بشهادة سياق ما قبلها وما بعدها بخصوص ما أهلّ به لغير الله، فإن المشركين كانوا يتقربون في حجّهم وهو السنّة الوحيدة الباقية بينهم من ملّة إبراهيم بالأصنام المنصوبة على الكعبة وعلى الصفا وعلى المروة وبمنى، ويهلّون بضحاياهم لها، فالتجنب منها ومن الإهلال بذكر أسمائها هو الغرض المعنيّ به من الآية، وإن كان أكل الميتة والدم ولحم الخنزير أيضاً من جملة حرمات الله. ويؤيد ذلك أيضاً تعقيب الكلام بقوله: “فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأوثان وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ” (الحج 30)، فإن اجتناب الأوثان واجتناب قول الزور، وإن كانا من تعظيم حرمات الله، ولذلك تفرّع فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ على ما تقدمه من قوله: “وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ” (الحج 30)، لكن تخصيص هاتين الحرمتين من بين جميع الحرمات في سياق آيات الحج بالذكر ليس إلا لكونهما مبتلى بهما في الحج يومئذٍ، وإصرار المشركين على التقرب من الأصنام هناك وإهلال الضحايا باسمها). وهذا الرأي قريب إلى الاعتبار، ولكنه ليس متعيناً، لأن ما أهلّ لغير الله به مشترك بين الآيات المذكورة.

اجتنبوا الأوثان وقول الزور: “فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الاْوْثَانِ” (الحج 30) لما تمثّله من قذارة روحية تشوّه صفاء التصور والمشاعر، لربطها العبادة بالأوثان، ولما توحيه من قذارة فكرية تمثلها حالة التخلف التي يجسدها خضوع الإنسان للأحجار الجامدة، التي لا تملك أيّة قيمة ذاتية ولا أي معنًى، ولا تنطوي على أي سر من أسرار القوّة إلا ما تصنعه الأوهام الزائفة، ولما تحركه من قذارة معنوية عملياً على مستوى أقوال الإنسان وأفعاله، فهو عندما يتعبّد لها في صلاته، ويبتهل إليها في دعائه، ويقدم لها القرابين في نذوراته، ويهلّ بها في ذبائحه، تنفذ الوثنية إلى روحه وفكره وممارساته، فيتحجّر ويتحوّل إلى مخلوقٍ محدودٍ في آفاقه، قذرٍ في مشاعره وتطلّعاته، ولهذا لاحق الإسلام كل مظاهر الوثنيّة في حياة الإنسان، ليبعده عن كلّ الكلمات والحركات والعلاقات التي تمتّ إلى الوثنية بصلة قريبة أو بعيدة، لينأى به عنها من الداخل والخارج. ولذا جاء هذا الأمر القرآني باجتناب معاني القذارة والخبث الكامنة فيها، بحيث يصبح أمر اجتنابها طبيعياً كما هو اجتناب أيّة قذارة حسيّة في الحياة، وجاء أمر اجتنابها في مناسبة الحج، عند الطواف بالكعبة أو الصفا والمروة، حثّاً لهم للابتعاد عن عبادة الأوثان التي كان يلمّ بها المشركون و يذكرونها على الذبائح أو القرابين، من أجل أن يكون الحج نظيفاً من ذلك كله. “وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ” (الحج 30)، الذي يمثل الباطل في الفكر والعاطفة والحياة، والذي يتحوّل إلى انحراف في الخط العملي للإنسان، لأن الكلمة تعني الموقف، في ما تعبر عنه من حركة الموقف في الداخل وفي الخارج، ولذلك فإنها قد تترك تأثيراً سلبياً على مجمل الواقع من حولها، فتشوّه صورته، وتزيّف معانيه، وتنحرف به إلى اتجاه آخر، يضيع الحقوق إذا تحوّل إلى موقف شهادة زور، ويبدل صورة الحقيقة في حركة الواقع إذا تمثل في كلمة كذب في حياة الناس، ويثير المشاعر القلقة الهائجة في مواقع الغريزة إذا انطلق في أجواء الفحش والانحلال. إنها الدعوة إلى الابتعاد عن كلمة الباطل باعتبار أنها ضد كلمة الحق التي جاءت الرسالات من أجل تأكيد الدعوة للاقتراب منها، أو الالتزام بها، والالتصاق بمعانيها والانفعال بإيحاءاتها ومشاعرها، في الجوّ والحركة والموقف. لتكونوا “حنفاء للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ” (الحج 31) مستقيمين في الحق ومائلين عن الباطل، وذلك بالالتزام بالتوحيد الخالص الذي يرفض الشرك من موقع صفاء التصور والفكر والشعور، وحركة الحق في داخل الذات. فقد اتّخذ الإسلام موقف التوحيد في مواجهة الشرك، وموقف حق في مواجهة الباطل، وكان هدف كل عباداته ومعاملاته ومفاهيمه وقوام طريقته في إدارة العلاقات وأسلوبه في الحركة ومنهجه في الحياة، الوصول إلى هذين الأمرين، باعتبار أنهما يمثلان الخط العريض لحركة الإسلام في الفكر والتصور والعمل، وهذا ما جعل الآية تؤكد على اجتناب الرجس من الأوثان وقول الزور، في سياق الحديث عن العبادة في الحج، لأن الحج موقفٌ لتأكيد التوحيد في العقيدة والعبادة وكلمةٌ لترسيخ الحق في أعماق الذات. وقد وردت عدة أحاديث تؤكد على تفسير الزور بالغناء، ورأى فيها الفقهاء دليلاً على حرمة الغناء، وربما جاء ذلك نتيجة المضمون الداخلي لكلمات الغناء التي كان الباطل يغلب عليها، ما يجعل تحريم الغناء مختصّاً بالمضمون الكاذب، أو الباطل فيه. وربما كان ذلك نتيجة طبيعة اللحن الذي ينأى بالمشاعر عن الحق أو يثير الأحاسيس الغريزية والشهوات الجامحة التي تبتعد به عن طريق الهدى والحق.. وقد تحتاج دراسة مثل هذه الأحاديث الواردة في التفسير لمعرفة ما إذا كانت تتناول الكلمة في معناها الشامل، أو بعض مواردها الخاصة، لأن ذلك يؤثر على المواقف الفقهية المتخذة على مستوى القضايا العملية.

تعظيم شعائر الله علامة التقوى: “ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج 32). تحدثت الآية السابقة عن تعظيم حرمات الله، وأنه خير له عند ربّه لجهة ما يحصل عليه الإنسان من نتائج إيجابية على مستوى المصير نتيجة الوقوف عند حدود الله، والابتعاد عن محرماته، وفي هذه الآية حديث عن تعظيم شعائر الله التي تمثل العلامات البارزة في الخط الطويل الذي رسمه الله للإنسان في مسيرته إليه، وحدد له فيه مفردات العبادة والمعاملة والعلاقة والانتماء. فقد جعل الله في كل موقعٍ من مواقع الحياة علامةً على أوامره ونواهيه، في ما يصلح أمر الإنسان أو يبعده عن الفساد، ليكون التزامه بتلك الأوامر والنواهي دليلاً على طاعة الله، حيث يلتقي الإنسان به عند كل حكم من أحكامه، في مظهر حيٍّ من مظاهر الطاعة التي تتجسد في تعظيم الشعائر الدينية، تعظيماً لله.. ويتمثل ذلك في اهتمام الحاج بأن تكون الذبائح التي يقدّمها أضحيةً أو قرباناً لله لجهة شكلها وحجمها وطبيعتها، واحترامه لحدود الله عند ذبحها لتكون كاملةً غير منقوصة. وفي ذلك دليل على التقوى التي تكمن في عمق الإنسان الذي يستشعر عظمة الله ويخشع له في حركة العبادة في الداخل، لتتحول إلى تقوى في العمل الذي هو التجسيد الحيّ للمعنى الإيمانيّ الروحي في الخارج.. وبذلك كانت العبادة في الإسلام معنًى لا يتحدد في الشكل، بما يمثله من صورةٍ ظاهرة ذات ملامح خاصة، بل يمتد إلى المعنى الداخلي الذي يعيش في المضمون على مستوى التصور في الفكر، والخشوع في الشعور، والخفقة في الروح، ليتعمّق الحضور الإلهي في وعي الإنسان، بالإضافة إلى حضوره في حركة الواقع، ليجتمع له تقوى القلب والجسد، وليتكامل الموقف من خلالهما في تقوى الحياة كلها. “لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى” (الحج 33) في إشارة إلى ذبائح الحجّ التي يعدّها الحاج للهدي يوم النحر امتثالاً لأمر الله، فله أن ينتفع بلبنها وبركوبها إلى الوقت المحدد للذبح أو النحر، فإن إعدادها للهدي لا يجعلها محرّمة عليه قبل ذلك، لأنها تكون ملكاً له، لا مانع من تصرفه بها بما لا ينافي تقديمها لله في العبادة.. وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مرّ برجلٍ يسوق بَدَنَةً وهو في جهدٍ، فقال عليه السلام: اركبها. قال الرجل: يا رسول الله إنها هدي، فقال: اركبها ويلك. “ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ” (الحج 33) وهو البيت الحرام الذي يشمل الحرم كله، وهو أرض الحرام، ومنها منى، التي تذبح فيها الأنعام للهدي.

لكل أمّة جعلنا منسكاً: “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ” (الحج 34) من الأمم السابقة “جَعَلْنَا مَنسَكًا” (الحج 34) تتمثل فيه العبادة لله، ويُقدم فيه القربان الإلهي، وتذبح فيه الأنعام طاعة لله.. فقد شرّع الله ذلك في الأديان السابقة بطريقة قد تلتقي بتشريعات الإسلام، وقد تختلف عنها لجهة خصوصيات المكان والزمان والتصرف، لأن معاني العبادة الإيحائيّة تتنوع لجهة حركة الجسد في القيام والركوع والسجود، وفي الإنفاق، وفي الامتناع عن الطعام والشراب، وفي ذبح الأنعام التي رزقهم الله إياها لمنافعها، حيث يقومون بتقديمها إليه، كرمز للشكر على هذه النعمة التي تقيم حياتهم وتقوّيهم، أو كهديّةٍ رمزيّةٍ، أمام طلباتهم التي يريدون منه الاستجابة لها، أو ما إلى ذلك، مما لا يبتعد عن مصلحة الإنسان في الانتفاع بها بعد ذلك، “لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام” (الحج 34) فعليهم أن يذبحوها لله، لا للأصنام، ويذكروا عليها اسمه، دلالة على الإخلاص له، “فَإِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ” (الحج 34) فلا تشركوا به شيئاً في العقيدة والعمل، “فله أَسْلِمُواْ” (الحج 34) أمركم كله في الكلمة والممارسة، في ما يعنيه الإسلام هنا من الخضوع والانقياد والاستسلام لكل أوامر الله ونواهيه. “وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ” (الحج 34) الخاشعين لله المتواضعين له، المنفتحين على عظمته.

البُدن من شعائر الله: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ” (الحج 36)، فقد اعتبر الله نحر الناقة السمينة عند البيت الحرام من وسائل القرب إليه كمظهر من مظاهر عبادته وطاعته، في ما يوحيه من دليل على حضور الله في وعي المؤمن وفي حركته.. “لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ” (الحج 36) لما تنتفعون به من لبنها ولحمها ووبرها وظهرها عند ركوبكم عليها، وفي حملها أثقالكم من بلد إلى بلد، “فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ” (الحج 36) قائمات قد صفت أيديها وأرجلها عند النحر، ولا تذكروا عليها غير اسمه. وقد ذكر في صور النحر للإبل، أن أفضل صوره، هو أن يقام البعير واقفاً اتجاه القبلة وأن تعقل إحدى يديه، ويتجه الناحر إلى القبلة أيضاً، ثم يضرب في لبته بآلةٍ حادّة، من سكين أو خنجر أو نحوهما. “فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا” (الحج 36) أي سقطت جنوبها على الأرض، وهو كناية عن خروج روحها بالنحر، “فَكُلُواْ مِنْهَا” (الحج 36) فذلك مباح لكم، “وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ” (الحج 36) الراضي بما يعطى من غير مسألة، “وَالْمُعْتَرَّ” (الحج 36) الذي يتعرض لك بالمسألة لتعطيه، وكلاهما في مواقع الفقر والحاجة، “كَذلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ” (الحج 36) وأخضعناها لإرادتكم، وجعلنا منافعها في خدمة حياتكم لتنتفعوا بها، ولتدركوا مواقع النعمة في خلقها، “لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (الحج 36) الله الذي خلقكم وخلقها ورزقكم ورزقها، وجعلها من موارد رزقكم، فاستحقّ عليكم الشكر بالقول اعترافاً بجميل النعمة في صنعه، وبالعمل طاعة له في أوامره ونواهيه.

التقوى سرّ العبودية لله: “لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دماؤها” (الحج 37) فإن الله غنيٌّ عنها وعنكم، لأنه هو خالقها وخالقكم، فلم يتعبدكم بنحرها لترجع منفعتها إليه، تماماً كما هو الحال في العبادات كلها، التي لن يرجع منها شيءٌ إليه، لأنه الرب الغني عن عباده، الذي لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضرّه معصية من عصاه، “وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ” (الحج 37) في ما يعبر عنه موقف العطاء المادي بلا مقابل تقرباً إلى الله، من حركة داخلية تنمّي التقوى في النفس، وتثيرها في الواقع، ذلك أن الممارسة كلما امتدت في حياة الإنسان، كلما عمقت تجربته الروحية في الداخل، بحيث تصبح الحركة على المستوى العملي هي السلوك الذي يختزن الحالة الروحيّة في المعنى، وبذلك تصبح الممارسة أسلوباً في التربية التي تبني الداخل وتحدد ملامح الشخصية، الأمر الذي يجعلنا نسعى إلى تعميق الفكرة في النفس، عبر تكرار العمل الذي يطبع معناها ويعكسه في الواقع. والتقوى حالة روحيّة يتحسس الإنسان من خلالها في قلبه وروحه سرّ العبودية لله، لجهة وعي المسؤولية وتجسيدها حركة في الواقع، في شعور عظيم بالحضور الإلهيّ الذي يحيط بكل ما حوله ومن حوله، وما فوقه وما تحته، لأن الله هو المهيمن على كل شيء، والخبير بكل سرّ وعلانية، وهو على كل شيء قدير. وهي التي يمكن أن تضبط خطوات الإنسان في دروب الله، وتحقق نظام الحياة في نطاق إرادته، وتملأ الدنيا حركةً في المسؤولية، ومسؤوليةً في الالتزام، والتزاماً بالله في كل شيء، ولذلك كانت هدف الأهداف في كل تشريعات العبادة في جميع مجالاتها وأنواعها، وعلى اختلاف خصائصها القولية والفعلية. “كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ” (الحج 37) وتسبحوه وتعظّموه، وتستحضروا عظمته، وتتذكروا نعمته، وتتطلعوا إلى أسرار الإبداع في خلقه، والقدرة المطلقة في قوّته، فإن الالتفات إلى مواقع هداية الله توحي بذلك كله. “وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ” (الحج 37) الذين عاشوا الحياة إحساناً في الفكر والقول والفعل، على مستوى قضايا الحياة والإنسان، في خط إرادة الله، في أوامره ونواهيه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here