تقرير اقتصادي: العراق ليس “المنقذ” لأزمة النفط العالمية

استبعدت صحيفة “ايكونو تايمز” الكورية الجنوبية، يوم الثلاثاء، ان يتمتع العراق بالقدرة على تأمين البديل لسوق الطلب العالمي على النفط، في ظل النقص الذي يعانيه، مشيرة الى سلسلة من التحديات التي تواجه العراق، وبشكل خاص الفساد الذي يتم التعامل معه على اساس انه من “قواعد اللعبة” القائمة وليس مجرد آفة.

وبعدما أشار التقرير الاقتصادي الى ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قال خلال قمة الدول السبع الاخيرة في المانيا، ان السعودية والإمارات، وهما من اكبر الدول المصدرة في أوبك، قد لا يكون بمقدورهما زيادة إنتاجهما النفطي في الشهور الستة المقبلة من أجل التعامل مع زيادة الطلب العالمي على النفط، الا انه اعتبر ان هذا الكلام يطرح تساؤلا مفاده: إذا كانت السعودية والإمارات ليستا قادرتين على ضخ المزيد من براميل النفط، فمن هو الذي سيفعل ذلك؟.

وباء كورونا والأزمة الأوكرانية

وأوضح التقرير أن اسواق النفط العالمية ظلت طوال شهور تكافح تحت تأثير الركود الذي سببه وباء كورونا وبدء التعافي العالمي، الا ان الازمة الاوكرانية أثارت الفوضى في الاسواق العالمية، حيث ادى الارتفاع السريع في الطلب، الى تراجع تقلص الامدادات ثم ارتفاع الأسعار في أنحاء العالم.

ولفت التقرير إلى أن قادة العالم يحاولون اقناع الدول المصدرة بزيادة الاستخراج من احتياطاتها النفطية وبالتالي رفع الإنتاج، وجرى تعليق آمال كبيرة على السعودية التي يزورها الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد يومين، بالرغم من تعهده بعزلها بسبب ممارساتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

وفي حين أشار الى تعليقات ماكرون التي أكدتها الامارات، تظهر ان لا السعودية ولا الامارات لديهما الطاقة الاحتياطية اللازمة لضخ براميل اضافية، تابع ان بعض المحللين اعتبروا ان نظام اوبك بأكمله قد “انهار”، ولهذا فان هناك حاجة الى التطلع نحو دول اخرى لديها احتياطات نفطية غير مستغلة.

وبين ان واشنطن بدأت في الأسابيع الماضية، محادثات استكشافية مع فنزويلا وإيران، والمرجح أن تطالبا في المقابل، بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما، مقابل زيادة إنتاجهما.

أضغاث أحلام

وفي هذا السياق، أشار التقرير الى العراق تحديدا، موضحا أن لديه قدرة كبيرة على استخراج النفط وتصديره، حيث ينتج حوالي 4.5 مليون برميل يوميا، وهو استنادا الى وزير النفط العراقي، من المحتمل أن يرفع إنتاجه الى 6 ملايين برميل يوميا بحلول العام 2027، ثم الى 8 ملايين برميل.

وبعدما لفت التقرير الى ان زيادة الانتاج العراقي سيكون بمثابة “نعمة كبيرة” على إمدادات النفط العالمية، إلا أن التقرير استدرك قائلا ان “الفساد والشلل السياسي وانعدام الامن تجعل من العراق شريكا غير موثوق لتأمين براميل النفط الإضافية”.

وتحدث التقرير عن “اختلال السياسة العراقية” التي أتاحت حدوث تركز في ثروات البلد في أيدي اقلية من السياسيين والبيروقراطيين، وصار الفساد داخل النظام يكبد مليارات الدولارات ويخلق “دولة ضعيفة وليس بمقدورها السيطرة على مواردها الطبيعية”.

واشار الى ان “الميليشيات المدعومة من ايران تهاجم بانتظام البنية التحتية للنفط والغاز، في حين أن التشريعات غير الواضحة تترك الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان يتنازعان حول حقوق السيطرة على حقول النفط”.

وبالإضافة الى ذلك، فإن الشركات الدولية حذرة في القيام بأعمال تجارية داخل العراق بسبب مناخ الأعمال الذي لا يمكن التنبؤ به ودرجات الفساد العالية حيث تنتشر الرشاوى، مضيفا أنه بالنسبة لهذه الشركات التي تمكنت من الحصول على موطئ قدم، فإنها غير مؤمنة من التدخل اللا قانوني من الدولة بأعمالها.

“عجز” السلطة القضائية

وتناول التقرير غياب او عجز السلطات القضائية المحلية عن ضمان حقوق الشركات، مشيرا في هذا السياق الى قضية شركة “بتروفاك” التي حوكمت في بريطانيا العام الماضي وأمرت بدفع غرامة قيمتها 70 مليون جنيه استرليني بسبب مدفوعات غير قانونية قدمتها للحصول على عقود في دول من الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق.

كما ذكّر التقرير بقضية شركة “أجيليتي” الكويتية التي رفعت دعوى في الخارج ضد العراق لقيامه بشكل تعسفي بمصادرة 380 مليون دولار من استثماراتها في شركة “كورك” للاتصالات في اقليم كوردستان.

واعتبر التقرير أن مثل هذه القضايا والحالات المتعلقة بالفساد والاحكام، تظهر أن الفساد في العراق هو من “قواعد اللعبة، وليس آفة يجب معالجتها”، مذكّرا بأن “أجيليتي” في أعقاب الحكم القضائي الذي لم يكن لصالحها، اصدرت بيانا قالت فيه ان على المستثمرين الاجانب الذي يرغبون بالاستثمار في العراق، “يجب ان يفكروا مليا في مخاطر الاستثمار”.

التحديات المحلية

وختم التقرير بالقول ان كل ذلك لا يقدم الصورة الملائمة لشركات النفط الاجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة العراقي والشراكة معه، بهدف محاولة التغلب على الركود في انتاج النفط العالمي، برغم من اشارة التقرير الى ان العراق يتمتع بمكانة فريدة تمكنه من الاستفادة من الوضع وزيادة إنتاجه.

وخلص التقرير الى القول، ان “التحديات المحلية المألوفة تعني أنه ليس من المرجح ان يكون العراق، هو الحل لنقص النفط العالمي”، مضيفا ان “الفساد العراقي، من المواطنين العاديين الذين يتحتم عليهم دفع رشاوى، وصولا الى المستثمرين الدوليين الذين جرى خداعهم بمئات الملايين من الدولارات، هو بمثابة كارثة على الجميع، باستثناء المسؤولين العراقيين”.

وختم بالقول “يبدو أنهم يريدون ابقاءها على هذا الشكل”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here