الله تعالى قاصم ظهر الجبارين بمناسبة ذكرى نهاية طاغية العراق صدام (ح 3)

الله تعالى قاصم ظهر الجبارين بمناسبة ذكرى نهاية طاغية العراق صدام (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

القضاء على الحكام الطواغيت في القرآن الكريم اعتبرها الله آيات “تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ” (البقرة 252) (الجاثية 6). كل ذلك لان هؤلاء الحكام لم يتبعوا الحكمة لانهم لم يعطوا الحق للمستحقين ولم يحكموا بين الناس بالعدل “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ” (النحل 90).

والحكام الظالمون البعيدون عن الحكمة لهم نهاية مغزية، فهذا نمرود انهته بعوضة وفرعون الطاغية بعصا وغرق. وبسبب قتل داوود عليه السلام للظالم جالوت “وقتل دَاوُدَ جَالُوت و ءاته الملك” (البقرة 251) فان الله تعالى أعطاه الملك والنبوة والحكمة وجعل ابنه سليمان عليه السلام ملكا.

من الحكام الطواغيت في التأريخ حاكم روما جايوس حكم بين 37 الى 41 ميلادية وكان يستمتع باذى رعيته باغلاق مخازن الغلال ومنعهم من استغلالها للطعام. والحاكم الروماني فلاد الثالث الذي كان لا يأكل وجبة الطعام الا وامامه ضحاياه يعذبون. وقام حاكم زيمبابوي بحرق قرى كاملة ليحرم ثلاثة ملايين مواطن من منازلهم.

جاء في الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية حول انهيار الوحدة الوطنية في ظل حكم صدام حسين: أما الكتلة العشائرية التي استند إليها الرئيس والمكونة من الحلفاء العشائريين المتحلقين حول عشيرة الرئيس العراقي ، فقد اخترقت تركيبة الجيش عبر تولي ضباطها المناصب ؛ والمسؤوليات الحساسة ضماناً لخلق أداة ولاء أخرى داخل الجيش ، لشخص الرئيس وعلى هذا الأساس تحول الجيش إلى تنظيم قبلي. كما كانت هناك عوامل متشابكة أدت إلى تدهور البناء العسكري للجيش ، وأهم هذه العوامل هي افتقاده إلى عقيدة عسكرية متماسكة ؛ توفر الدليل لمسائل التنظيم والقيادة والسيطرة والاستخدام للقوة العسكرية ؛ بغية تحقيق الأهداف القومية للدولة فهي التي تحدد للقيادة العسكرية العليا الإطار الإستراتيجي لتطبيق القوة ومستويات الحرب ومبادئها الملزمة وهي التي تضع الأسس للمفاهيم العملياتية في ميادين القتال ، وبسبب عدم توفر هذه النظرية فقد انهار الجيش العراقي وبالتالي انهار كيان الدولة كلها ، ونوضح أسباب هذا الانهيار من خلال الأمور التالية: غياب المؤسسة العسكرية المسئولة عن صياغة العقيدة العسكرية لحساب طغيان الرئيس وانفراده السلطوي لقرار الحرب والسلام ، دون مراجعة أو تدقيق. تطبيق نظرية التبعيث وتفرد الكتلة العشائرية في مؤسسة الجيش من الأمور التي أدت إلى تراجع وتصفية كوادر الضباط الأكفاء على المستوى المهني والاحترافي. غياب الهرمية في هيكلة مؤسسة الجيش لحساب خطوط متوازية من السلطات التي تنتهي في مكاتب الرئاسة بالقصر الجمهوري. الآثار المدمرة للحرب العراقية الإيرانية على اعتبار أن طول أمدها وانعكاساتها ليس فقط على نواحي التدريب والتسليح فحسب ، بل انعكست إفرازاتها على قوات الحرس الجمهوري كنخبة مميزة على حساب القوات النظامية ، وتسلل النعرة الطائفية إلى داخل المؤسسة العسكرية.

والذي يتجسس لصالح الظالم فانه يشاركه في جرمه قال الله عز وجل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا” (الحجرات 12).

الآيات القرآنية من سورة النازعات تبين قصة للعبرة بين طاغية ومصلح وهي قصة فرعون مع موسى عليه السلام قال الله عز وجل “اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ (20) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ (22) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ (25) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ (26)” (النازعات 17-26).

كتب الدكتور عصام بيطار: على مدى عقدين من الزمان، اختفى أكثر من مائتي ألف عراقي في سجون صدام حسين دون أثر: قصص انتزاع الأظافر، وتقشير العيون، والإغراق بالدلو، واغتصاب زوجات وبنات السجناء لإجبارهم على الاعتراف بكل ما يحلو له، كلها تملأ المذكرات والشهادات والتقارير السرية التي خرجت من سجون الجحيم تلك. لم يتردد صدام حسين من خداع المجتمع الدولي واستغلال جوع شعبه في تعبئة جيوبه الخاصة، ففي سنة 1999، تم ضبط سفينة محملة بأكثر من ألفي طن من الأرز في طريقها إلى خارج العراق لتصدير تلك المعونات مقابل المال بدلًا من استخدامها لإطعام الشعب العراقي.كما تم العثور على مئات الأطنان من حليب الأطفال الذي تم بيعه للعراق من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء في الأسواق في جميع أنحاء الخليج، مما يدل على أن صدام حسين كان يحرم شعبه من السلع التي هو بأمس الحاجة إليها لتحقيق أرباح غير مشروعة. تسببت سرقات صدام حسين وأعوانه تلك بارتفاع أعداد وفيات الأطفال في العراق لأكثر من الضعف بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وحليب الأطفال، بينما في ذات الوقت قدرت أرباح صدام حسين وعائلته من المتاجرة بأرزاق شعبه وحياة أطفالهم بأكثر من ستة مليارات دولار سنويًا للفترة الممتدة ما بين 1997 و2003. لقد كان حكم صدام حسين عبارة عن قصة رعب تمتلئ صفحاتها بالتعذيب، والإعدام، والتهجير، والإرهاب، والإبادة بلا محاكمات، والاعتداء، وقطع الرؤوس ميدانيًا، التي نفذت في كثير من الأحيان من قبل عصابة فدائيي صدام الإجرامية التي قادها نجل صدام الأكبر عدي حسين، والذي له سجله الخاص الحافل بالإجرام و السادية والوحشية. ومع كل هذا، يتفاجأ القارئ الواعي حين يرى مقدار الإعجاب والتبجيل والتقديس الذي يصل إلى حد العبودية تجاه هذا المجرم من قبل الكثير من العرب، خصوصًا في مجتمعات بلاد الشام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here