العمالة الأجنبية.. قنبلة موقوتة تهدد أمن واقتصاد العراق

العمالة الأجنبية.. قنبلة موقوتة تهدد أمن واقتصاد العراق

شهد العراق تزايدا ملحوظا في أعداد العمالة الأجنبية الوافدة من الخارج، حتى باتت البلاد في قائمة الدول الجاذبة لها، في وقت تشكو من ارتفاع نسب البطالة بين أوساط الشباب لاسيما ضمن الخريجين وأصحاب الشهادات العليا.

ويتواجد في العراق أكثر من مليون عامل أجنبي يمارسون مهناً متنوعة، حيث يفضل أصحاب المشاريع الخاصة في مختلف المجالات، العمال الأجانب باعتبار أن لديهم الاستعداد للعمل لساعات طويلة والقبول بكافة الأعمال وبأجور زهيدة، كما يلجأ بعضهم إلى المبيت في المكان الذي يعمل به لتوفير أجرة السكن.

وهناك سبب آخر في عدم توظيف المواطنين من قبل أصحاب المشاريع الخاصة، يتمثل بالابتعاد عن المشكلات القبلية والاجتماعية التي قد يتسبب بها العامل العراقي معهم في حال حصول أي خلاف، فضلاً عن عدم قدرته على الضغط عليه لزيادة ساعات العمل، كما يحصل مع العمال الأجانب.

لكن في المقابل يحذّر متخصصون من ظاهرة العمالة الأجنبية في العراق، لما تحمله من تأثيرات سلبية على الشباب العراقيين الباحثين عن العمل، كما أن وجود أغلب العمال الأجانب هو خارج السياقات الرسمية للبلاد.

ويحذر هؤلاء أيضا من أن وجود العمالة الأجنبية داخل العراق يشكل خطراً حقيقياً على المستويين الأمني والاقتصادي، ما يستدعي إلى تشديد الإجراءات الخاصة بهم، وأخذ الموافقات اللازمة من الجهات الاستخبارية.

ولمواجهة هذه الظاهرة تقوم وزارة الداخلية العراقية بتسفير العّمال الأجانب الى بلدانهم بعد ثبوت عدم شرعية وجودهم داخل العراق، كما تحيل شركات في القطاع الخاص إلى القضاء، لعدم التزامها بقرار تشغيل نسبة من العمالة المحلية.

بدوره يجري حرس الحدود العراقي دوريات مكثفة لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد، وفي هذا الشأن، تقول مصادر أمنية في حرس حدود محافظة ميسان، إن “افواج حرس الحدود المنتشرة على الشريط الحدودي لمحافظة ميسان تمكنت من إحباط محاولات أكثر من خمسين متسللا عبر الحدود مع إيران خلال شهر تموز الجاري فقط”.

وتوضح تلك المصادر أن “هؤلاء المتسللين كانوا يرومون الوصول الى العاصمة بغداد من أجل العمل، حيث يحمل العديد منهم أرقام هواتف لأرباب عمل سبق وان عملوا معهم، وبعد مغادرتهم العراق لزيارة بلدهم، حاولوا إعادة الكرّة مجددا، وهذا التنقل كله يتم بواسطة شبكات التهريب”.

ويلجأ معظم العمال الأجانب إلى إيجاد وسيلة تهريب للدخول إلى العراق نظرا لتكلفة إجازة الاستثمار، ففي العادة تستخدم مكاتب التوظيف العمالة الأجنبية بناء على اجازات الاستثمار التي تجيز للشركات والمستثمرين دخول 50% من العمالة المطلوبة المقدرة لمشاريعهم، فهذه الطريقة الأصولية لدخولهم، بحسب الخبير الاقتصادي نبيل جبار.

ويضيف جبار  “لكن الحصول على هذه الإجازات واستحصال الموافقات يكلّف المستثمر، وحجم الضغوطات الإدارية والبيروقراطية لتمرير وإدخال العمالة ساهم في رفع تكاليف استخدام العمالة، وبالتالي فإن دخول العمالة بهذه الطريقة (التهريب) يُعفي المستثمر من استحصال الإجازة عن طريق مكاتب الاستخدام”.

وأقرت الحكومة العراقية قبل سنوات قانونا يلزم الشركات كافة بتشغيل 50 بالمئة من العمالة العراقية.

وتنص المادة 30 من قانون العمل الذي شرع في عام 2015 “على حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل التي تصدرها وزارة العمل مقابل رسم يحدد بتعليمات يصدرها الوزير”، فيما تنص المادة 31 من القانون على منع وحظر التحاق العامل الأجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل.

ويرى محللون متخصصون، أن العمالة الاجنبية غير الشرعية تشكّل استنزافا لموارد العراق المالية، من خلال تحويل العملة الصعبة إلى الدولار ومن ثم اخراجها عبر الحوالات المالية، ما يهدد الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي العراقي.

وفي هذا الجانب يذكر الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، أن “العمالة الأجنبية وخاصة غير الشرعية تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي، وذلك لانها تزيد من مستوى البطالة التي يعاني منها العراق”.

ويؤكد عيد  أن “أخطر ما في العمالة الأجنبية هو أن التحويلات النقدية تهدد وتستنزف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة للبلد، لذلك يجب وضع ضوابط مشددة على الأموال التي يتم تحويلها إلى الخارج”.

وعن قانونية وجود العمال الأجانب في العراق يشير الخبير القانوني علي التميمي، إلى عدم وجود قانون خاص بالعمالة الأجنبية في العراق، مبينا أن “القانون المطبق هو قانون العمل 37 لسنة 2015 وقانون إقامة الأجانب 118 لسنة 1978، واشترطت هذه القوانين حصول العامل على اجازة العمل كشرط للتواجد وجواز سفر وسمة دخول وشروط أمنية أخرى”.

ويبيّن التميمي أن “وجود هؤلاء العمال دون خطط يشبه كثرة السيارات المستوردة، له أثر على الاقتصاد والبطالة والعملة الأجنبية في البلد والأمن الجنائي”، وفيما شدد على أهمية تشريع قانون خاص بذلك، أوضح أن المعلومات تقول إن أعدادا كبيرة منهم يعملون بلا إقامة، ولا حل أمام القضاء سوى ترحيلهم إلى بلدانهم.

وتبلغ نسبة البطالة في العراق 13.8 في المئة، فيما تبلغ نسبة الفقر 25 في المئة، وفق أحدث إحصائية حكومية.

ويحتج العراقيون منذ سنوات على النظام السياسي في البلاد، على خلفية تصاعد مؤشرات الفساد المالي والإداري، وتراجع الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here