ألفساد ألمسلح

عندما تحولت منظمة ( الجيش الوطني للتحرير ) الكولومبية اليسارية في ذلك البلد الذي يقع في امريكا اللأتينية من منظمة تدعو الى أنصاف الفقراء و المعوزين وألأنحياز الى جانب الطبقات الكادحة من العمال و الفلاحين و الكسبة الى عصابة من عصابات المافيا تحترف تهريب المخدرات و تجارتها و بالتالي كانت تلك ( التجارة ) المحرمة و بغية استمرارها و ديمومتها يتطلب دفع الرشاوي الى المسؤولين الحكوميين و شراء ذمم الضباط في الجيش و الشرطة و تحت يافطة من الشعارات ( الثورية ) كانت تلك الحركة تمارس نشاطاتها ألأجرامية و كذلك تحول قادتها و زعمائها من ( مناضلين ) من أجل الحرية و العدالة الى ( تجار موت ) بتلك المواد السامة و التي تفتك و تقتل الناس و بالأخص فئة الشباب منهم ألأكثر هشاشة و ألأقل تجربة .

في العودة الى البلد الآسيوي ( العراق ) و الذي شهد تغيرآ في الحكم عقب أسقاط نظام ( صدام حسين ) و استيلاء القوات ألأمريكية على البلد و احتلاله و من ثم تنصيب حكومة تدير شؤون ( الدولة ) المنهارة حينها كان الحكم و السلطة من نصيب ألأحزاب ألأسلامية و بالخصوص الشيعية ذات النفوذ القوي المدعوم من ( ايران ) و شعبيآ ايضآ في بداية ألأمر لكن سرعان ما بدأت هذه ألأحزاب و التيارات بتشكيل افواج و كتائب عسكرية عدا عن تلك التي تمتلك اصلآ فصائل مسلحة قدمت من ايران فكان ابرز تلك الفصائل القادمة من ايران ( فيلق بدر ) و الذي كان يقاتل الى جنب القوات ألأيرانية في الحرب العراقية ألأيرانية ما أثار الكثير من علامات ألأستفهام و كذلك ألأستنكار و التساؤل عن مدى وطنيته .

في حين شكل التيار الصدري فصيل عسكري كبير سمي حينها ( جيش المهدي ) و الذي كان الرحم الذي سوف تنبثق منه فصائل و ميليشيات مسلحة تحت عناوين و مسميات مختلفة لكنها كانت تتلقى الدعم المعنوي و ألأوامر و ألأرشادات من الحرس الثوري ألأيراني فكان الفصيل البارز ( عصائب اهل الحق ) الذي ذاع صيته في مشاركته في الحرب السورية و كذلك كتائب ( حزب الله العراقي ) و غيرها الكثير من الفصائل و الميليشيات و كانت تلك ألانشقاقات عن جيش المهدي ضربة ايرانية موفقة وجهت الى ذلك الجيش و الذي تحول الى تسمية ( سرايا السلام ) و على الرغم من تلك ألأنشقاقات و التمردات بقيت ( السرايا ) متماسكة و قوية و مدججة بالسلاح و العتاد و الولاء و الطاعة الكاملة لزعيم التيار ( مقتدى الصدر ) .

كانت هذه الفصائل و الكتائب و الميليشيات بحاجة الى التمويل المالي في شراء ألأسلحة و ألأعتدة و دفع رواتب و مستحقات جنودها و مقاتليها و أعلامها الباهض التكاليف من فضائيات و صحف و منشورات و كانت الحكومة ألأيرانية عاجزة عن تقديم العون المالي او لا تريد ان تقدم ذلك الدعم خصوصآ و ان السياسة ألأيرانية تعتمد على ( ألأذرع ) ذات التمويل الذاتي خصوصآ و ان العراق المتخم بالثروات و الخيرات حيث حولت هذه الفصائل و الميليشيات العراق الى بوابة لكسر الحصار الأقتصادي المفروض دوليآ على ايران من خلال ضخ المليارات من الدولارات في الخزينة ألأيرانية عبر شبكات من التهريب و غسيل ألأموال و كانت هذه ألأموال الطائلة المنهوبة من الخزينة العراقية بمثابة شريان الحياة و الدعم القوي للأقتصاد الأيراني المترنح .

لقد انشئت هذه الميليشيات و الفصائل المسلحة هيئات تسمى ( مكاتب أقتصادية ) وظيفتها جباية ألأموال من اصحاب المهن الحرة و التجار طوعآ او كرهآ و كانت تلك ألأتاوات تفرض بالترهيب و قوة السلاح حيث تحولت هذه الميليشيات ( العقائدية ) و على شاكلة منظمة ( الجيش الوطني للتحرير ) الى عصابات مافياوية تمارس كل ألأعمال القذرة و المشبوه و الغير قانونية من التهريب بكل انواعه و صنوفه و بالأخص ( النفط ) و الذي تدر تجارته ألأرباح الطائلة أضافة الى ألأستيلاء على بعض المنافذ الحدودية البرية و البحرية و ألأستحواذ على عائدات تلك المنافذ و هذه العصابات صارت لا تتورع عن تهريب المواد المخدرة و ألأتجار بها و الحجة ( المبررة ) في ان المخدرات لم تخضع الى نص قرآني بالتحريم .

خطورة السلاح الذي تمتلكه الميليشيات ( العصابات ) كونه اصبح سلاحآ ( شرعيآ ) و تحت ستار الدولة ( المنزوعة الهيبة )حين تقيم تلك العصابات و تنظم ألأستعراضات العسكرية تحت رعاية و حضور ( القائد العام للقوات المسلحة ) و اذا كانت هذه العصابات ألأجرامية تستمد قوتها و سطوتها من الحرس الثوري ألأيراني و تعتبر فرع من فروع ذلك الحرس فأن الدولة العراقية لن تقوم لها قائمة مادامت هذه الفصائل و الكتائب و الميليشيات و السرايا ( العصابات ) متواجدة و تحت أي عنوان او مسمى ان كانت فصائل من ( الحشد الشعبي ) او فصائل ( المقاومة ) او ما الى ذلك من التسميات و العناوين و ما لم تحل تلك المنظمات و الفصائل سلمآ او حربآ فسوف تستمر هروب رؤوس ألأموال المحلية الى الخارج و سوف يمتنع رأس المال ألأجنبي الممول لعملية النمو ألأقتصادي عن القدوم الى العراق و سوف يبقى الفساد من التهريب و الرشاوئ و شراء الذمم و ألأتاوات و الغرامات غير القانونية تحت حراب السلاح ( الشرعي ) .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here