إنتشار ظاهرة الفساد عالميا

إنتشار ظاهرة الفساد عالميا :
بقلم ( كامل سلمان )
ظاهرة الفساد الحكومي او شبه الحكومي كانت الى وقت قريب ظاهرة محصورة في بعض البلدان الفقيرة ، لكن في السنين الأخيرة أصبحت وباء عالمي حيث أخذت هذه الظاهرة بالانتشار في مختلف دول العالم حتى وصلت الى الدول المتقدمة ، عكس سير مسيرة الحياة وعكس سير الاحداث ، وعكس كل الدراسات والتوقعات حتى الأنظمة الديمقراطية الرفيعة لم تسلم من هذا الوباء ، وباء الفساد الإداري ، وفي البلدان العقائدية أصبح الفساد علني وأمام الملأ وأصبح للفساد أسعار و نسب و تنظيمات خاصة تدير الفساد ، والعجيب في الأمر ان الفاسد يستشهد بأحاديث ونصوص دينية تبين شرعية فساده …. اما في الدول المتقدمة فنوعية الفساد تأتي تحت مظلة القانون والنص القانوني وهذا ما تقوم به الشركات الاحتكارية تحت انظار الدولة ووصل الامر في بعض الاماكن ان الدولة هي من تختلق الطرق الفاسدة لجمع الأموال سواء أكان من المواطنين او بالطرق الملتوية من الدول الاخرى ..
السؤال لماذا أنتشر الفساد عالميا بهذا الشكل بشكل مفاجأ وعكس كل التوقعات ؟ الجواب ببساطة البحث عن المادة او الاموال هو السر الخفي وراء ذلك ، لقد كان للتطور التكنلوجي الكبير أثر كبير على أنتشار الفساد ، فمع زيادة المنتجات الحياتية الضرورية التي صاحبت الإنسان من سيارات فاخرة الى سكن راقي الى أجهزة اتصالات الى الملابس ذات الماركات التجارية العالمية التي أصبحت ضرورات حياتية لا يمكن الحياد عنها ، كل هذه النتاجات التكنولوجية متوفرة في الاسواق وكل ما يحتاجه المواطن هو المال لإقتنائها وبما ان الاموال التي يحصل عليها الموظف او العامل او حتى المدير لا تلبي الحاجة لتغطية الحصول على وسائل التكنلوجيا الحديثة مع توفر البديل الذي يساعد على سرعة الحصول على هذه الاموال وهو المال الحرام ، مال السحت ، مال الرشاوي ، مال الفساد ومع ضغط الحياة وضغط البيت وضغط النساء وقلة وضعف الوازع الداخلي ( الضمير او الدين ) وترهل القوانين وامكانية اختراقها والقفز فوقها ، أصبح مال الحرام حلال بالنسبة للضعفاء أخلاقيا ، يجب ان نعترف بان المال اليوم هو عصب الحياة ، والمال قادر ان يجلب السعادة والوجاهة والقيمة الاجتماعية أسرع من العلم والمنصب ومن اي شيء أخر ، إذا التكنلوجيا هي السبب الاول للفساد والسبب الثاني الشركات الاحتكارية التي تبتدع الأساليب لسرقة أموال الناس وأموال الشعوب دون ان تتعرض للمحاسبة ، فأصبحت هذه الشركات المحفز لفساد الناس ، أما السبب الأخطر هو صعود قيادات فاسدة في معظم بلدان العالم عن طريق الخداع وتربعها على قيادة معظم بلدان العالم بإستخدام وسائل المكر والخديعة ، هذه القيادات الفاسدة الفاشلة جلبت معها كوادر فاسدة حد النخاع ، فجعلت المواطن العادي لا يهتم في كيفية الحصول على المال بسبب ضياع حقه وسرقته من قبل هؤلاء المسؤولين ، وبسبب سهولة الاتصالات بين الدول والمؤسسات وسهولة التنقل وهذا ما وفرته التكنلوجيا للناس أصبحت عملية انتقال المعلومة الفاسدة وتدريسها ايضا سهلة جدا ….
حياة الشعوب أصبحت جحيم لا يطاق لأن الفاسدين استطاعوا السيطرة على مصادر القرار واستطاعوا ايضا السيطرة على القوى الأمنية للبلدان ، لذلك أصبح المتنفس الوحيد للشعوب هو التظاهر الذي لا يعيد حق ولا يحرك ساكن او الانضمام الى منظمات الجريمة او الدخول في عالم التخدير من خمر ومخدرات ، وقليل جدا من يستطيع شق طريقه دون التأثر بكل هذه السلبيات وتحقيق النجاح بعيدا عن كل هذه الظواهر ، ، ، ليس الدين هو الحل لعلاج هذه الاوبئة وليست التوصيات الاخلاقية هي الحل وليست القوانين الكلاسيكية هي الحل ، الحل يكمن فقط في تفعيل قوانين صارمة ضد الفساد وخاصة في دوائر ومؤسسات الدولة وتأسيس لجان تتابع تطبيقات هذه القوانين ، فهذه الحالة في بعض الدول اصبحت عصية عن العلاج والحل ، …. اما في الدول المتقدمة فمازالت محدودة بسبب صلابة القوانين المطبقة ، الاستفادة من خبرة الدول الناجحة في القضاء على الفساد المستشري امر مهم وحيوي ، في المجتمعات القوية الناجحة تجد مدخول رجال القانون والقضاء هو الاعلى في البلد وحتى يفوق رواتب ومخصصات الوزراء والبرلمانيين وقد يكون هذا هو السبب في نجاح هذه البلدان .
ان الفساد بكل انواعه و أشكاله أسوأ الآفات التي تصيب المجتمعات ، وعلى كل الشرفاء ان لا يستخفوا عمل المفسدين مهما كلفت من ردة فعل ، فالفاسد يعيش في خدر وغيبوبة الفساد وغير قادر على إحياء نفسه لذا يجب تنبيهه بهذا الخطأ الكبير بأية طريقة ممكنة ، فالحياة لا يمكن ان تسير بهذا الشكل ولا يمكن ان تستمر ، فهي دعوة لنقد الفساد والصرخة بوجه الفاسدين ومطالبة الحكومات بتفعيل القوانين القوية لإيقاف هذه المهازل وكلما طالت فترات السكوت عن المفسدين كلما توسع الشرخ وتوسعت الالام والمآسي والهموم ، وضاعت الاجيال وضاع الشباب . إذا هي مسؤولية اخلاقية وإنسانية ودينية ووطنية ان نصرخ جميعا لا للفساد .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here