المالكي – الصدر: كلاهما على حق

المالكي – الصدر: كلاهما على حق
منذ أن تصدرا المشهد السياسي العراقي عقب عام 2003 بفضل الإحتلال الأميركي ، لم يحدث أن نطق نوري المالكي أو مقتدى الصدر كلمة فيها من الصدق كما يصف اليوم كل منهما الآخر ؛ فالمالكي لم يجانب الواقع عندما وصف مقتدى بالكذب و النفاق و النهم للمال و السلطة و قابليته للارتباط بجهة أجنبية وتحشيده لطبقات من الرعاع الذين ينعقون خلف كل ناعق فضلا عن لهاثه للانفراد بالرمزية الدينية من غير استحقاق أخلاقي أو مؤهلات علمية ، فبوسعنا دائماً استحضار حديث مقتدى لشاشة العربية في نيسان 2003 وهو يرحب بجنود الإحتلال الأميركي واصفاً إياهم بالضيوف ، كما بوسعنا استحضار أوامره لرعاعه بحصار بيوت المراجع الدينية بعد أن أنذرهم بمغادرة النجف خلال ثلاثة أيام لولا تصدي عشائر جنوب العراق لهذيانه ولا تزال ماثلة في الذاكرة و في أرشيف وزارة العدل مذكرة التوقيف التي أصدرها القضاء العراقي بحق مقتدى بعد ارتكابه جريمة قتل عبد المجيد الخوئي و رفاقه عن سابق تصميم وقد أوشكت وقتها قوة القانون على الاقتصاص منه لولا تدخل سيء الذكر ابراهيم الجعفري بإيعاز مباشر من السفارة البريطانية ، وقد استتبع ذلك فتح الباب لمقتدى ورعاعه بالمشاركة بالعملية السياسية حيث مثله زمرة من أشد الناس فساداً و تجرداً عن القيم الوطنية والأخلاقية ، ولم يتجنّ المالكي على مقتدى عندما تحدث عن طبيعة أفراد تياره ، فهم بالوقائع الدامغة مجاميع من القتلة يقودهم حاكم الزاملي الذي ذبح بيده وكيل وزارة الصحة عمار الصفار عام 2005 و يقودهم أبو درع اللامي مجرم مجازر القتل الطائفي ، وعناصر تياره مجاميع من اللصوص و المبتزين و فارضي الأتاوات و تجار مخدرات و مغتصبي أملاك الدولة و أملاك العراقيين الغائبين وبالذات المسيحيين منهم ، ولم يتوقف أحد ليسأل مقتدى عن مصدر أملاكه في لبنان و دبيّ و النجف ولا عن مستوى الرفاهية الملكي الذي يرفل به عقب 2006 ! ولم يكن المالكي مفترياً عندما وصف مقتدى بالنفاق ، فمنذ سنوات طويلة اتخذ من التهجم على حزب البعث تجارة لازمة ، في حين أنه هو وأباه بل وأسرته كلها أتخموا من موائد دولة البعث و جهاز الأمن العام التابع لها على مدى ثلاثة عقود ! وحتى بعد مصرع أبيه وشقيقيه استمرت دولة البعث كريمة معه وتشهد على ذلك برقياته و رسائله التي وجهها للرئيس صدام حسين . وإنصافاً لمقتدى فإنه ولأول مرة منذ أن أطل علينا عام 2003 نسمع منه كلمات حق وصدق تناول فيها نوري المالكي ، فلم يتجنّ مقتدى عندما وصف حكم المالكي في ولايتين أنه من أسوأ صفحات العراق فساداً ، وأنه لم يحقق إنجازاً واحداً لمصلحة البلد ، و لم يتجاوز مقتدى الحقيقة عندما حمّل المالكي مسؤولية سقوط ثلث العراق بيد قطعان الإرهاب وما تبعه من مجازر طالت ألوف العراقيين في سبايكر و الصقلاوية وأضيف من عندي جرف الصخر التي تجاهلها مقتدى لأن رعاعه شاركوا فيها ! كذلك لم يفترِ مقتدى على حزب الدعوة عندما وصمه بجحود أفضال ما يسميه بالصدرين ، لكن مقتدى تجاهل أن الدعوة تنكّر لما هو أهم من الصدرين بما لا يُقاس ألا وهو العراق وشعبه ، فكل السيارات المفخخة التي ضربت شوارع بغداد و أهلها الآمنين في ثمانينات القرن الماضي كانت من جرائم حزب الدعوة ، وكذلك الإعتداء على السفارات العراقية وخاصة سفارتنا في بيروت التي يتحمل نوري المالكي و أبو مهدي المهندس المسؤولية المباشرة عن تفجيرها ومع أن مقتدى ليس أكثر نزاهة وطهارة من المالكي إلا أنه محقّ عندما يصف المالكي و حزبه و المقربين منه بلصوص المال العام حيث هربوه بأرقام فلكية إلى كل أركان المعمورة ، يصدق مقتدى عندما ينعى على المالكي أنه وعلى مدى اثنتا عشرة سنة من حكمه المشؤوم هو و رفيقه حيدر العبادي لم يفكرا ببناء جيش مقتدر ولا جهاز أمن كفء ولا جهاز إداري منضبط ، ولم يُعبّد شارع واحد و لم يجر وضع حجر أساس لأي مشروع إنتاجي ، بل على العكس تماما أصبح العراق في عهد حزب الدعوة أشبه بالصومال !
برغم كل خطايا مقتدى الصدر ونوري المالكي وجرائمهما بحق البلد وأهله وبحق الأمة العربية ، إلا أن الإنصاف يفرض علينا قول كلمة حق ، فالرجلان قالا كلمة حق وإن جاءت متأخرة .
علي الحسن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here