ولا حتى 24 ساعة مستمرة!

حسين النجار

لا تشكل التصريحات المتكررة لممثلي القوى المتنفذة في وسائل الاعلام المختلفة أي جديد في المشهد السياسي، وأبناء شعبنا العراقي يدركون جيداً انها لا تسمن ولا حتى تشبع، وهي وأن تكررت لا ترقى الى مستوى مقولة جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازي (اكذب واكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدّق انت نفسك).
ومنذ اول مرة تأخر فيها تشكيل الحكومة، إثر اختلاف المتنفذين على اسماء مرشحيهم لها، انطلقت كذبتهم الشهيرة: سنتفق خلال 24 ساعة! والى يومنا الحالي يستمر ترديد هذا الادعاء، لكنه لم ينطل على غالبية المواطنين، لان اصحابه لا يجيدون حتى تسويق الكذب.
وقد حوّل المتنفذون موضوع تشكيل الحكومات الى ملف للارتزاق والتجارة، فيما يجري الحديث عن تسمية المرشحين على أساس التمثيل الطائفي – القومي – المحاصصاتي، بعد ترتيب تعهدات بخدمة مشاريعهم الخاصة النفعية الضيقة. ومنذ ذلك الحين والأطراف المختلفة تتقاذف الاتهامات فيما بينها، ولم تتفق على تسمية مرشح لهذا المنصب او ذاك، متجاهلة ضرورة الاستجابة لمطالب الجماهير المشروعة بتشكيل الحكومة على أسس النزاهة والخبرة والقدرة.
وبعد انسحاب الكتلة الصدرية من المشهد البرلماني، تعقدت مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، ما أدى للعودة الى نفس سيناريو الكذب السابق : “سنتفق في غضون 24 ساعة” او “نطلب من الجهات الكردية تسمية مرشحهم لرئاسة الجمهورية، ونحن لدينا مرشحنا لمنصب رئيس الوزراء”. ولكن هل العلة تكمن في الترشيحات، ام في هوية هؤلاء المرشحين؟ ومن الذي يرشحهم؟ وما هو برنامج ونهج حكومتهم الجديدة؟
ان المأزق الحالي اكبر من موضوع تشكيل الحكومة، فالأزمة تخص المنظومة السياسية الحاكمة كاملةً، والاحداث التي تجري تؤكد ان تغييرها بات ملحاً وضرورياً.
ان الأطراف التي ارادت تشكيل الحكومة على اساس الأغلبية الوطنية لم تتمكن من ذلك، كما لم تستطع الأطراف الأخرى اعتماد النهج السابق في تشكيل حكومة توافقية. وفي جميع الأحوال سيؤدي استمرار الازمة الى وقائع أخرى تنجم عن حراك جماهيري، قد يكون أوسع من انتفاضة تشرين.
وحتى إن صدق المنجمون وتشكلت حكومة “خدمة وطنية” جديدة، فسيطرح سؤال جديد حول دورها وامكانيات سيرها على طريق تغييرات تسهم في وضع الخطوة الأولى على طريق التغيير. وبعكس ذلك فان أية حكومة تتشكل وفق النسق السابق الذي تقف وراءه عناصر الازمة، وبموجب السياسات ذاتها، سيكون مصيرها الفشل التام.
ان الجهات التي انفتح الطريق امامها لتشكيل حكومة جديدة، غير قادرة على ردم الهوة الكبيرة امام العملية السياسية، لذلك لابد من تضييق هذه الهوة، وهذا لن يتحقق الا من خلال الطريق السلمي الدستوري بإعادة اجراء الانتخابات، خاصة وان الجهات ذاتها سبق ان هددت باللجوء الى العنف، فيما لو جرى ابعادها عن استحقاقها الانتخابي.
وهنا يتجدد التشديد على أهمية قيام حراك شعبي جماهيري كبير، ضاغط على طغمة الحكم لإجبارها كما في انتفاضة تشرين على إعادة اجراء الانتخابات، وفق المستلزمات التي تؤدي الى التغير.
وفي النهاية سيكون وقت انطلاق الانتفاضة التي ستجرف مشاريعهم، وحده الحقيقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الثلاثاء 19/ 7/ 2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here