افق بناء المشاريع السكنية مع مصر ممكن ؟

ماجد زيدان

العلاقات بين العراق ومصر ستنتقل من الدبلوماسية والمشاريع على الورق الى المجال الاقتصادي والاستثماري الفعلي  بعد طول انتظار , فقد اعلنت وزارة التخطيط العراقية ان شركات مصرية  ستنفذ مشاريع سكنية في البد , وهذه الخطوة من ثمار العمل المشترك العراقي- المصري- الاردني اذا ما سارت الامور بشكلها الطبيعي من دون عوائق . حين بدء التنسيق بين هذه البلدان الثلاث توقعت شعوبها اكثر مما   هو متحقق لغاية , لاسيما بالنسبة بلدنا الذي يشكل اقتصاده مجالا خصبا ومربحا للاستثمار في المشاريع المشتركة  التي تتوفر مستلزماتها وخبراتها لدى الاشقاء وتكون عناصر اساسية في بناء  نواة التكامل الاقتصادي بين الاشقاء  على وفق خططها التنموية وحاجات شعوبها ومنفعتها .

العراق يعاني من أزمة سكن خانقة نظراً لتزايد عدد سكانه قياساً بعدد المجمعات السكنية، علاوة على عجز المواطن ذي الدخل المحدود عن بناء وحدة سكنية خاصة به بسبب غلاء الأراضي والمواد الإنشائية , وتمتلك مصر خبرة كبيرة  وتجربة واسعة في مشاريع السكن ,بل انها بنت مدن جديدة تكفل بأنشائها القطاع العام والخاص المصري اصبح يضرب المثل بها , الى جانب انها تعرف ظروف العمل في العراق ولها تاريخ فيه .

وتقدر وزارة الاعمار والإسكان حاجة العراق الى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية لسد ازمة السكن في البلاد مما يعني هذا القطاع سيوفر فرص عمل طويلة الامد  لشركات المنفذة ولصناعة المواد الانشائية المصرية المعروفة  في الاسواق العراقية والمرغوبة من العراقيين , وهذه  عناصر تسهم في تعزيز وتطوير  الشراكة بين القطاعين الإنشائيين في كلا البلدين  ولمنفعتهما اذا ما بنيت  هذه الشراكة على اسس صحيحة وواضحة .

من متابعة التجربة اننا نقع في اخطاء كثيرة مؤذية عند التعاقد وتنشأ  مشاكل وخسائر لا مبرر لها , وذلك لضعف وقلة خبرة المتعاقد الوطني , وللفساد المستشري الذي يقع في براثنه ضعاف النفوس , وبالتالي اللجوء الى المحاكم وفي حد ذلك يشكل خسارة جهد ومال وتملص من اكمال الاعمال …الخ لذلك لابد من ضبط هذه العقود ووضع اسس لها وعرضها على مختصين يتحملون المسؤولية عنها , ولا نكرر تجربة قناة الجيش مع شركة المقاولين العرب التي  كبدت العراق ملايين الدولارات , وايضا اجور العمالة المصرية التي دفعت ولو بعد حين وفقا للقانون , وكذلك اخطاء التعاقد في مشروع “بسماية ” التي ذهبت الى اروقة المحاكم البطيء وغيرهما ..على الجهات المفاوضة ان تضع نصب عينها المثل القائل ” المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين ”  وهذا لا يمكن  ان يكون فاعلا الا اذا فعلت المحاسبة الشديدة ازاء المقصرين .

ان  الحصول على سكن ملائم مسالة تؤرق ملايين العوائل والحاجة الملحة مستمرة لها ففي ايلائها  الاهتمام الضروري وجعلها اولوية  ليس مسالة اقتصادية فحسب , فأنها   اجتماعية ونفسية  , تمتلك  شيء من القداسة  كفلها الدستور والشرائع الاخلاقية والسماوية والحقوق  الانسانية الاممية ونصت عليها 

المواثيق الدولية , وبالتالي لا يجوز المماطلة في تنفيذها والتلاعب بها والمتاجرة بآمال الناس

   وحقهم في مأوى ليحقق لهم السلام الاجتماعي .    

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here