تشهد منطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى في شمال العراق توتراً ومواجهات بين قوة من الجيش العراقي ومليشيا محلية تدور في فلك حزب العمال الكردستاني تحمل اسم “وحدات مقاومة سنجار”.
وأدت المواجهات إلى سقوط قتلى بين الطرفين وإلى نزوح نحو 4 آلاف شخص من الأيزيديين إلى إقليم كردستان.
موطن تاريخي
تُعد منطقة سنجار الموطن التاريخي للأقلية الأيزيدية، وجبل سنجار المترامي الأطراف كان ولا يزال الملاذ الأخير والحصن الحصين لهذه الأقلية الدينية الكردية التي تعرضت لعشرات المجازر والإبادات عبر القرون وآخرها هجوم ما يعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية” على المنطقة في عام 2014 حيث تعرض آلاف الرجال منهم للقتل وتم سبي وخطف الآلاف من الأطفال والنساء من قبل مسلحي التنظيم كسبايا ولا يزال مصير نحو 3 آلاف امرأة مجهولا.
وعندما اجتاح مسلحو الدولة الاسلامية منطقة سنجار كانت تتمركز في المنطقة وحدات من البشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان لكنها انسحبت من المنطقة دون أي مواجهة مع مسلحي التنظيم.
أصبح أبناء المنطقة تحت رحمة التنظيم ففر عشرات الآلاف منهم إلى جبل سنجار ولاذوا به.
فتح عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا ممراً آمنا لأبناء المنطقة للفرار من وجه التنظيم ولجأ عشرات الآلاف منهم إلى سوريا وبعدها عادوا إلى إقليم كردستان حيث أُقيمت مخيمات خاصة لهم.
وظلت المنطقة تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية ما عدا جبل سنجار الذي لم يحاول التنظيم اقتحامه لصعوبة المهمة من الناحية العسكرية وبسبب الضربات الجوية الأمريكية ضد مواقع التنظيم في محيط الجبل. وتقاسم السيطرة على مدينة سنجار تنظيم الدولة ومقاتلو حزب العمال الكردستاني.
في عام 2015 تم تحرير المنطقة من قبضة التنظيم لكن المدينة والمدن والبلدات التي كانت بيد التنظيم تعرضت لدمار شديد بفعل الغارات الجوية التي شنتها طائرات التحالف الدولي تمهيدا لدخول البيشمركة ليها.
لدخول البيشمركة ليها.
بعد طرد مسلحي التنظيم من منطقة سنجار سيطر مقاتلو حزب العمال الكردستاني ومليشيا وحدات مقاومة سنجار المقربة من الحزب على المنطقة وشكلوا إدارة خاصة بالمنطقة.
ولم يسمح لحكومة إقليم كردستان بإدارة المنطقة (عين الحزب الديمقراطي المهندس محما خليل بمنصب قائم مقام في قضاء سنجار لكنه لم يمارس عمله من هناك) الأمر الذي حرم المنطقة من الاستقرار والإعمار.
ولم يشجع ذلك أبناء المنطقة على العودة إلى قراهم ومدنهم من مخيمات النزوح في محافظة دهوك التي تأوي حوالي 200 ألف نازح أيزيدي منذ عام 2014.
البودكاست نهاية
في عام 2017 انسحبت قوات البيشمركة المتمركزة في المنطقة بعد المواجهات العسكرية مع الجيش العراقي في اعقاب استفتاء استقلال كردستان، وخرجت العديد من المناطق المتنازع عليها والمنصوص عليها في المادة 140 من الدستور العراقي من قبضة قوات البيشمركة ومن بينها مناطق سنجار وكركوك.
ويتقاسم السيطرة على المنطقة عدد من الجماعات والتنظيمات ذات الولاءات المختلفة. فإضافة إلى وحدات مقاومة سنجار وقوات حماية ايزيديخان تنتشر هناك فصائل عديدة تابعة للحشد الشعبي بينها عدد من الفصائل المقربة من إيران مثل عصائب أهل الحق.
وكانت الحكومة العراقية قد خيرت قوات مقاومة سنجار وايزيديخان بين الانضمام إلى الجيش العراقي أو الحشد الشعبي اواخر عام 2020 فاختارت الحشد وتم تشكيل الفوج 80 في قوات الحشد الشعبي من المكون الأيزيدي.
وجاءت تلك الخطوة بعد توصل حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية لاتفاق في أواخر عام 2020 برعاية الأمم المتحدة على تطبيع الأوضاع في سنجار عبر سيطرة الشرطة العراقية على المنطقة وإبعاد الجماعات المسلحة الأخرى عنها، لتهيئة الظروف لعودة أبناء المنطقة لقراهم ومدنهم، لكن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
البعد التركي
ورغم تأكيد مسؤولي قوات مقاومة سنجار أن عناصر حزب العمال الكردستاني قد غادرت المنطقة عام 2018 لكن تركيا استمرت في شن غارات بحجة استمرار تواجد عناصر الحزب واتهام وحدات مقاومة سنجار بأنها تابعة له وأن الحزب ينقل الأسلحة والأفراد عبر المنطقة من سوريا إلى قواعده في كردستان العراق.
وقتلت الطائرات التركية عددا من قادة هذه القوات مثل آمر الفوج 80 سعيد حسن سعيد في هجوم بطائرة مسيرة في شهر أغسطس/ آب 2021.
وتتهم القوى الإيزيدية المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي والحزب الديمقراطي الكردستاني بالتنسيق مع الحكومة التركية في الهجوم على قواتها.
وتعرضت القاعدة التركية في زليكان في شمالي العراق لهجمات صاروخية متكررة خلال الأشهر الأخيرة بينما تعالت أصوات داخل الحشد الشعبي تنديداً بالعلمية العسكرية التركية الأخيرة داخل العراق.
وجاء في تقرير أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية مؤخراً أن هناك “تنسيقاً” بين عناصر حزب العمال الكردستاني وفصائل من الحشد الشعبي في استهداف القواعد العسكرية التركية في العراق.
ويسود حالياً هدوء حذر في سنجار بعد فرض القوات العراقية سيطرتها على المنطقة.