المؤرّخ إبراهيم خليل العلاف‮ ‬يتحدّث ‬عن مدن لا تموت‮:‬ الموصل كطائر العنقاء ستنهض لتعود لأهلها

المؤرّخ إبراهيم خليل العلاف‮ ‬يتحدّث لـ‮ (‬الزمان‮) ‬عن مدن لا تموت‮:‬ الموصل كطائر العنقاء ستنهض لتعود لأهلها

سامر الياس سعيد

في‮ ‬الخامس من حزيران‮ (‬يونيو‮ ) ‬من عام‮ ‬2012‮ ‬كنت في‮ ‬طريق لمركز الدراسات الاقليمية‮  ‬بجامعة الموصل‮  ‬حاملا اوراقي‮ ‬واسئلتي‮ ‬متوجها‮  ‬الى قامة علمية اكاديمية‮  ‬كانت على درجة عالية من التميز‮  ‬خصوصا في‮ ‬مدينة الموصل‮  ‬لاطرح امامها عددا من الاسئلة المتعلقة عن التوثيق والارخنة ودور مراكز التعليم والمؤسسات الاكاديمية‮  ‬ولم تكن تلك القامة الا‮  ‬شخصية موصلية حظيت بمحبة اهل المدينة‮  ‬فضلا عن النخب المثقفة ممن استعانوا بها في‮ ‬سبيل تحصيلهم العلمي‮  ‬حيث ابرز‮  ‬الدكتور‮  ‬ابراهيم العلاف فلسفة علمية‮  ‬بكونه حمل مصابيح العلم والتاريخ لينيرها امام ابناء جلدته‮  ‬وبمناسبة مرور عقد على ذلك الحوار‮  ‬الذي‮ ‬اعتز به فقد عاودت الكرة‮  ‬لاطرح اسئلة‮  ‬برزت محاورها خلال فترة العقد وما حفلت فيه من محطات ومؤشرات لاسيما بما عانته مدينة الموصل‮  ‬من حملات الاستهداف والتي‮ ‬خرجت منها‮  ‬تنوي‮ ‬الاستشفاء وقبل الولوج في‮ ‬حوار‮  ‬كهذا لابد لنا من اطلالة على ابرز المحطات التي‮ ‬حملتها سيرة العلاف والتي‮ ‬نقرا فيها بكونه‮  ‬استاذ جامعي‮ ‬،ومؤرخ‮ ‬،وكاتب‮ ‬،وصحفي‮ .‬متخصص بالتاريخ الحديث‮ .. ‬استاذ متمرس‮ ‬– جامعة الموصل‮ ‬– العراق عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب،‮  ‬رئيس اتحاد كتاب الانترنت العراقيين‮ .‬له قرابة‮ (‬70‮) ‬كتابا منشورا،‮ ‬واكثر من‮ (‬3000 ) مقالة،‮ ‬ودراسة،‮ ‬وبحث‮ .‬عمل‮  ‬مديرا لمركز الدراسات الاقليمية بجامعة الموصل ولأكثر من مرة على مدى ربع قرن‮ ‬1985-2013‮ ‬رئيس تحرير مجلة‮ ((‬دراسات اقليمية‮ )) ‬سابقا وعضو الهيئة الاستشارية لها حاليا‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬مجلة اكاديمية‮ ‬يصدرها مركز الدراسات الاقليمية بجامعة الموصل‮ .‬كما انه عمل لسنوات‮ ‬2004-2009 مستشارا لهيئة تحرير جريدة فتى العراق‮ (‬الموصلية‮ ) .‬مواليد مدينة الموصل سنة‮ ‬1945‮.‬
مؤلفات منشورة
من مؤلفاته المنشورة‮ :‬نشأة الصحافة العربية في‮ ‬الموصل‮ ‬،تطور التعليم الوطني‮ ‬في‮ ‬العراق‮ ‬،تركيا المعاصرة‮ ‬،نحن وتركيا‮ ‬،‮ ‬تاريخ الفكر القومي‮ ‬العربي‮ ‬،تاريخ الوطن العربي‮ ‬في‮ ‬العهد العثماني‮ ‬،‮ ‬تاريخ الوطن العربي‮ ‬الحديث والمعاصر‮ ‬،‮ ‬خارطة الاتجاهات الاسلامية في‮ ‬تركيا‮ ‬،المياه والموارد المائية في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬،القدرات النووية في‮ ‬الشرق الاوسط‮ ‬،تاريخ الخليج العربي‮ ‬الحديث‮ ‬،تاريخ الموصل الحديث‮ ‬،شخصيات موصلية‮ ‬،تاريخ العراق الثقافي‮ ‬المعاصر‮ ‬،‮ ‬تاريخ العالم الثالث الحديث‮ ‬،قضايا عربية معاصرة‮ .‬أوراق تاريخية موصلية‮ ‬،المفصل في‮ ‬تاريخ العراق المعاصر‮ (‬بالاشتراك‮ ) ‬،نينوى بين الماضي‮ ‬والحاضر‮ (‬بالاشتراك‮ ) . ‬أصدر الجزئين الاول والثاني‮ ‬من موسوعته‮ : ” ‬موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين‮ ” ‬عن دار ابن الاثير للطباعة والنشر‮ -‬جامعة الموصل‮ ‬2011-2012‮ ‬كما اسهم في‮ ‬تحرير موسوعة حضارة العراق‮ (‬11‮) ‬مجلد ب‮( ‬5‮) ‬فصول وفي‮ ‬موسوعة الموصل الحضارية‮ (‬5‮) ‬ مجلدات وذلك ب‮ (‬7‮) ‬فصول وفي‮ ‬موسوعة اعلام العرب والمسلمين ب‮ (‬9 ‮) ‬مواد،‮ ‬وفي‮ ‬موسوعة الصحافة العربية،‮ ‬وفي‮ ‬موسوعة تكريت‮ ‬،وفي‮ ‬موسوعة اربيل،‮ ‬وفي‮ ‬موسوعة الحضارة الاسلامية‮ .‬حضر عددا كبيرا من الندوات والمؤتمرات داخل العراق وخارجه‮..  ‬وأحدث اصداراته كتاب‮ ( ‬شخصيات عربية واجنبية‮ ) ‬صدر عن دار ماشكي‮ ‬في‮ ‬الموصل‮ ‬2022‮. ‬وسوف‮ ‬يصدر له قريبا كتاب‮ (‬نساء عراقيات‮ ) ‬فضلا عن مذكراته‮ (‬جنى العمر‮ ..‬سيرة وذكريات‮) .‬
منح وسام المؤرخ العربي‮ ‬من اتحاد المؤرخين العرب سنة‮ ‬1986‮ ‬تقديرا لجهوده في‮ ‬خدمة التاريخ العربي‮ ‬والانساني‮ .‬كرم‮  ‬بشهادة تكريم في‮ ‬الاول من‮ ‬يناير‮ ‬– كانون الثاني‮ ‬سنة‮ ‬2007‮ ‬من قبل الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب تقديرا لإسهاماته المتميزة في‮ ‬ميادين اللغة والفكر والثقافة العربية‮ .‬
واليكم حصيلة حواري‮ ‬معه‮ :‬
‮{ ‬يمر على لقائنا الاول المنشور في‮ ‬جريدة الزمان نحو عقد كامل تعرضت فيه مدينة الموصل لشتى صنوف الاستهداف والمحن‮ ‬،‮ ‬كمؤرخ موسوعي‮ ‬واكاديمي‮ .. ‬كيف تعرف تلك المحن وهل لها القدرة على ابراز متانة المدن وترسيخها كحاضرة تاريخية مهمة لها من الاصالة على نفض‮ ‬غبار تلك الاستهدافات والانطلاق من جديد تماما كطائر العنقاء ؟
‮-‬اولا اشكرك اخي‮ ‬الصحفي‮ ‬العزيز الاستاذ سامر الياس سعيد على استذكارك اللقاء واود ان اقول انني‮ ‬اعتبره من اللقاءات الثرية التي‮ ‬اجريتها طوال السنوات الخمسين الماضية وكم كنت سعيدا وانا وانت نبتدأ عصر الانترنت في‮ ‬العراق حيث اطلعت على ما كنت افعله في‮ ‬مجال التدوين والفيسبوك فأنت من لقبتني‮ ‬ب(شيخ الفيسبوك‮) ‬،‮  ‬وانت من لقبتني‮ ‬ب‮ (‬رائد التدوين في‮ ‬العراق‮) .‬
نعم انا كنت من اوائل الكتاب والصحفيين والاساتذة العراقيين الذين تعاملوا مع شبكة المعلومات العالمية‮ ‬– الانترنت وقد اخبرتك في‮ ‬حينه انني‮ ‬كنت امتلك انترنت في‮ ‬بيتي‮ ‬قبل‮ ‬2003‮ ‬اي‮ ‬قبل الاحتلال ومن خلال شركة الوركاء الحكومية وعبر ما كنا نسميه‮ (‬المودم‮ ) ‬والتلفون الارضي‮ ‬هو الواسطة وكان هذا سنة‮ ‬2001-2002‮ ‬واتذكر ان الامر لم‮ ‬يكن بالسهولة التي‮ ‬عليها الان فكان لزاما ان‮ ‬يتصل الهاتف بالموقع وعندئذ‮ ‬يتم‮  ‬التواصل‮ .‬
كما اننا مع عدد من الشباب والشابات وبقيادة الاخ الاستاذ حيدر حمزور عقدنا عدة اجتماعات‮  ‬في‮ ‬مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق وانبثقت عن ذلك‮ (‬شبكة انسم‮) ‬وابتدأ التدوين والمدونون العراقيون‮ ‬يأخذون فرصتهم في‮ ‬الكتابة والتدوين الالكترونية واتذكر انني‮ ‬شاركت في‮ ‬جامعة مؤته بالأردن ببحث عن الصحافة الالكترونية‮ .‬
اعود الى الشطر الثاني‮ ‬من السؤال اخي‮ ‬الاستاذ سامر فأقول انك تعرف انني‮ ‬لم اغادر مدينتي‮ ‬الموصل خلال سيطرة عناصر داعش‮ ‬2014-2017 وبقيت في‮ ‬داري‮ ‬حفاظا على مكتبتي‮ ‬التي‮ ‬تضم اكثر من عشرة الاف كتاب‮  ‬وتتوزع على ثلاث‮ ‬غرف في‮ ‬داري‮ ‬المتواضع في‮ ‬حي‮ ‬النور‮ . ‬خفت على مكتبتي‮ ‬من ان تحرق كما انني‮ ‬كنت اقول لمن‮ ‬يسألني‮ ‬ولماذا بقيت كنت اقول ولمن اترك الموصل ولماذا اترك الموصل وهي‮ ‬مدينتي‮ ‬فيها نشأت وفيها ملعب صباي‮ ‬وفيها ذكرياتي‮ ‬وفيها قلبي‮ ‬وروحي‮ ‬ولعلك تذكر رواية‮ (‬شظايا فيروز‮ ) ‬التي‮ ‬كتبها الروائي‮  ‬الاخ الاستاذ نوزت شمدين وتحدث فيها عن‮ (‬الحاج بومة‮ ) ‬وكان المقصود هو انا فأنا من‮ ‬يدون وانا من‮ ‬يوثق وانا من‮ ‬يدفن الموتى وانا من‮ ‬يشيعهم في‮ ‬المدينة‮ .‬
لذلك بقيت في‮ ‬الموصل وكنت اجمع الوثائق والكتب والكراريس والصحف التي‮ ‬يصدرونها وانجزت بحثا‮  ‬عن الموصل خلال سيطرة عناصر داعش احوالها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وما جرى فيها‮  ‬القي‮ ‬بعد التحرير في‮ ‬مؤسسة بيت الحكمة التابع للأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي‮ ‬وكان بحثا علميا اثار الاعجاب بموضوعه وتوثيقه ونتائجه وتوصياته‮ .‬
كما ان الاستاذ عامر ابراهيم معد ومقدم برنامج‮ (‬طبعة محدودة‮) ‬في‮ ‬فضائية الشرقية‮  ‬جاء الموصل واجرى معي‮ ‬حوارا‮  ‬والموصل لم‮ ‬يكتمل تحريرها بعد وبث الحوار وايضا انا اول من قابله الاعلامي‮ ‬في‮ ‬قناة الشرقية الاعلامي‮ ‬عثمان الشلش وذهبنا الى المكتبة المركزية لجامعة الموصل وقد حرقت ووقفت داخلها اتحدث عن قيمتها واهميتها وتاريخها‮ .‬
لقد رفعت شعار‮ (‬بيتك قبرك‮ ) ‬ولم اتوقف عن النشر في‮ ‬الانترنت وفي‮ ‬الفيسبوك خلال السنوات‮ ‬2014-2017‮ ‬لحظة واحدة كنت ابحث عن كل وسيلة لأؤكد اصالة الموصل وعراقة الموصل وتعددية الموصل وقدرة الموصل على الصمود والنهوض‮ .‬
في‮ ‬كل هذا كنت اقول الموصل كطائر العنقاء كلما احترق له جناح تسامى‮  ‬في‮ ‬الطيران فالموصل من اقدم مدن العالم قاطبة وهي‮ ‬مثل دمشق استمر السكن فيها منذ ان خلقها الله حتى لحظة هذا الحوار وهي‮ ‬مدينة عتيقة ودائما اقول انها ليست مدينة فحسب بل هي‮ ‬تاريخ وتراث وموقف عمرها اكثر من‮ ‬7000‮ ‬سنة‮ .‬والموصل قد شهدت الكثير من النكبات لكنها نهضت لأنها تمتلك عناصر النهوض وعناصر نهضتها‮ ‬غناها البشري‮ ‬وتنوع سكانها وموقعها الجغرافي‮ ‬والاستراتيجي‮ ‬وثراها الاقتصادي‮ .‬وكنت اكتب واكتب واقول الموصل ستنهض وتعود وها هي‮ ‬تنهض وسيستمر النهوض لتعود الى اهلها ويعود اهلها لها‮.‬
مناطق عتيقة
‮{ ‬دائما ما ترحل كتاباتك لمناطق موصلية عتيقة‮ ..‬وهي‮ ‬تماما تلك المناطق التي‮ ‬تعرضت للدمار والخراب في‮ ‬حقبة ما بعد التحرير‮ .. ‬اقول هل لمقالاتك صدى بإعادة تلك المناطق من جديد نابضة بألقها الذي‮ ‬كان‮ .. ‬هل هي‮ ‬رسائل تدعو احفاد تلك المناطق للعودة واستئناف حياتهم فيها‮ .. ‬وما الذي‮ ‬ينتابك من مشاعر وانت تمر بين تلك المناطق وازقتها العتيقة ؟
‮-‬نعم انا ومنذ نصف قرن‮  ‬متعلق بمدينتي‮ ‬الموصل اكتب عنها قدمت عنها سنة‮ ‬1975‮ ‬رسالتي‮ ‬للماجستير والفت كتبا عديدة عنها ونشرت الاف المقالات وقدمت‮ ‬600‮ ‬حلقة من برنامجي‮ ‬التلفزيوني‮ ( ‬موصليات‮ ) ‬من قناة الموصلية ومن قبل ذلك تحدثت عنها في‮ ‬قناة‮ ( ‬الغربية‮) ‬الفضائية ويقينا انني‮ ‬اتلقى رود الفعل وادرك الرجع والصدى لما اكتب وادعو واحمد الله ان المسؤولين في‮ ‬المحافظة‮ ‬يعرفونني‮ ‬جيدا ويقرأون كتاباتي‮ ‬ويتصلون بي‮ ‬كتبت عن كل شيء في‮ ‬الموصل ومحافظة نينوى لم ابق زاوية الا وتحدثت عنها وكتبت عنها واشرفت على رسائل واطروحات في‮ ‬جامعة الموصل تخص الموصل سياسة وتاريخا وصحافة ومهنا وحرفا وثقافة واقتصادا ورموزا‮.‬
حالات نهوض
حزنت على التدمير وقلت لنفسي‮ ‬ولمن حولي‮ ‬الموصل تعرضت للتدمير والتخريب والغزوات والاحتلالات والتطرف والقتل والنزوح مرات عديدة واذكر لهم هذه المرات واتحدث كي‮ ‬احفزهم واهيئهم لتقبل حالات النهوض المدن تسقط لكن لاتموت فكيف بالموصل المدينة العتيقة العريقة‮ . ‬احيانا ارى حالات احباط لكنني‮ ‬احاربها وازرع الامل واقول‮ (‬لايأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس‮) .. ‬هكذا‮ ‬يقول المفكرون‮ .‬
نعم انا دائما اؤكد على اهمية التاريخ للإنسان للشابات و للشباب لا صحاب المهن والحرف للقصاب والحداد والنجار والفلاح والعامل لابن المدينة ولابن الريف وشعاري‮ ‬هو انني‮ ‬اريد ان‮ ‬يكون التاريخ علما شعبيا
‮{ ‬يطيب لي‮ ‬ان اطلق عليك في‮ ‬هذا المقام لقب‮ (‬حامل مصابيح الموصل وقناديلها‮)  ‬لما تقوم به من عمل معرفي‮ ‬مميز‮ ..‬وفي‮ ‬هذا المقام أسأل‮  .. ‬هل اوفت المدينة حق ابنائها ممن تركوا بصماتهم راسخة في‮ ‬حواضرها وبرايك كيف‮ ‬يكون الوفاء والامتنان لتلك البصمات المهمة من جانب رواد المدينة ورجالاتها ؟
‮-‬اولا انا فرح جدا بهذا اللقب الجديد ونحن في‮ ‬الموصل لدينا رابطة الكترونية هي‮ ( ‬رابطة كُتّاب الموصل وتراثها‮) ‬تضم اكثر من‮ ‬350‮ ‬عضوا‮ .‬كما انني‮ ‬وبعد التحرير نشطت في‮ ‬القاء المحاضرات واصدار الكتب وتنشيط الحركة الثقافية من خلال‮ (‬اتحاد الصحفيين العراقيين‮) ‬و(الرابطة العربية للثقافة والتراث‮) ‬و(ملتقى الكتاب‮) ‬فضلا عن القائي‮ ‬محاضرات حول الموصل والتاريخ والفلسفة والعلاقة بين الادب والتاريخ والفلسفة في‮ ‬منظمات واتحادات من قبيل الاتحاد العام للأدباء والكتاب فرع نينوى وكذلك في‮ ‬جامعات الموصل ونينوى والحمدانية وكلية النور الجامعة وكلها كانت تصب في‮ ‬ذات الاتجاه وهو رفع مصابيح الامل في‮ ‬المستقبل كنت اقول الماضي‮ ‬يجب ان‮ ‬يكون نقطة لفهم الحاضر وركيزة لبناء المستقبل واذا بقينا نذكر الماضي‮ ‬فإننا كمن‮ ‬يتحاور مع الاموات‮.‬
والحمد لله الموصل وفية مع رموزها ها هي‮ ‬تذكر رموزها في‮ ‬العصور الاشورية وتفخر بآشور بانيبال وسنحاريب واسرحدون وهاهي‮ ‬تفخر برموزها في‮ ‬العصور العربية ومنهم ابو زكريا الازدي‮ ‬وابن جني‮ ‬وابن الاثير وابي‮ ‬تمام وها هي‮ ‬تفخر برموزها في‮ ‬العصور الحديثة سعيد الديوه جي‮ ‬وسليمان صائغ‮ ‬وحنا رسام وناجي‮ ‬سرسم ونجيب الريحاني‮ ‬ويوسف ذنون وسعد الدين خضر‮  ‬وبهنام حبابة‮  ‬ومثري‮ ‬العاني‮  ‬ومعد الجبوري‮  ‬ووليد الصراف‮ . ‬ومن جانبي‮ ‬كتبت عن الاف الرموز من خلال كتبي‮ ‬العديدة ومقالاتي‮ ‬ودراساتي‮ ‬وكلها منشورة وصفحتي‮ ‬الفيسبوكية نالت‮ (‬الشارة المائية الزرقاء‮ ) ‬شارة المشاهير وعدد من‮ ‬يتابعني‮ ‬في‮ ‬احد مواقعي‮ ‬وصل الى الثلاثة ملايين متابع وقارئ‮ . ‬كما دائما احث على وجود ذكر من له بصمة واقول للمثقفين والكتاب والادباء قولوا‮ (‬عفية‮ ) ‬لبعضكم البعض ترتفعوا جميعا وهكذا‮ ‬يدوم ويرتفع البنيان‮ .‬
‮{ ‬في‮ ‬السياق ذاته‮ ..‬تحفل مكتبات الموصل اليوم بسياق‮ ‬يكاد‮ ‬يكون موحدا في‮ ‬التعريف برجالات الموصل عن طريق كتب موسوعية تكاد تكون مشابهة بتفاصيلها ومعلوماتها التي‮ ‬تضيء لسيرة اهل المدينة‮ .. ‬كيف تجد هذه الحالة‮ .. ‬هل هي‮ ‬صحية برغم تكرار مضامينها واستهلاك معلوماتها الموجودة في‮ ‬اكثر من كتاب بالمعلومات نفسها ؟
‮-‬نعم المكتبة العامة في‮ ‬الموصل وتعود في‮ ‬نشأتها الى مطلع القرن الماضي‮ ‬القرن العشرين ابتدعت افضل طريقة لتخليد الرموز وهي‮ ‬انشاء خزانات للكتب تحمل اسمائهم هم وورثتهم‮ ‬يديمونها وهذه ظاهرة رائعة والان جامعة الموصل ضمن مكتباتها وكل جامعات محافظة نينوى تفعل الشيء ذاته وكثيرا ما اشجع الكتاب والمؤلفين ان‮ ‬يودعوا في‮ ‬مركز دراسات الموصل ومكتبات جامعات الموصل المركزية اصداراتهم الجديدة وهكذا‮ ‬يستمر التفاعل والحمد لله المكتبة العامة للمدينة نجت من الحرق وقد افتتحت بعد صيانتها وتجديدها كما عادت المكتبة المركزية لجامعة الموصل ولا تنسى اخي‮ ‬الاستاذ سامر ان الموصل كلها مكتبة والموصل‮ ‬يخجل عندما تزوره ولا تجد‮  ‬مكتبة في‮ ‬بيته ولو صغيرة تضم بعض الكتب‮ .‬
‮{ ‬دائما ما تذكر بان للصحافة الورقية سطوتها برغم انتشار مواقع التواصل الاجتماعي‮ .. ‬برأيك‮  ‬ولديك باع طويل في‮ ‬ميدان صاحبة الجلالة السلطة الرابعة‮ ..‬ماهي‮ ‬اخر الحروب التي‮ ‬يمكن ان تخوضها تلك الصحافة للمحافظة على مكانتها وموقعها بين القراء الذين‮ ‬يتناقصون ؟
‮-‬الان الصحافة الورقية والصحافة الالكترونية اصبحتا شقيقتان وهما تصدران جنبا الى جنب‮ .‬انا شخصيا اقرأ الصحف‮ ‬يوميا ورقيا تصلني‮ ‬وانا مشترك بها والان بيدي‮ ‬عدد اليوم‮ (‬6-6-2022‮) ‬من جريدة‮ (‬الزمان‮) ‬وهكذا‮ .‬نعم اثرت الصحافة الالكترونية وقللت من تأثير الصحف الورقية لكن ثق لا‮ ‬يمكن ان نستغني‮ ‬عن‮ (‬الكتاب الورقي‮) ‬و(الجريدة الورقية‮) ‬و‮( ‬المجلة الورقية‮) ‬ولتقاليد قراءة الصحف الورقية قيمة ونكهة لا‮ ‬يمكن الاستغناء عنها بأي‮ ‬حال من الاحوال‮ .‬
وهنا ادعو للاهتمام بتطوير الصحافة الورقية وتنويع ما‮ ‬يكتب فيها واعادة الاعتبار‮ (‬للمقال الافتتاحي‮) ‬وابتداع طرق للتمويل مع المحافظة على رصانة الجريدة وضمان مستوى مقبول من الكتابة فيها ومنع انصاف المثقفين للوصول الى صفحاتها‮ ‬،‮  ‬واستكتاب الكتاب الجيدين‮ .‬
‮{ ‬بوصلة التأليف الغنية التي‮ ‬تمتلكها والتي‮ ‬لم توفر اتجاهاتها اي‮ ‬محور واغنته بالبحث والتأمل‮ ..‬برايك ماهي‮ ‬المحاور التي‮ ‬يمكن ان‮ ‬يسلط الضوء عنها خصوصا في‮ ‬الاطاريح الجامعية التي‮ ‬باتت تناقشها اروقة الجامعات لاسيما بما‮ ‬يتعلق بالتاريخ ؟
‮-‬منذ نصف قرن وانا‮  ‬منذ كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية وعضوا في‮ ‬لجنة الدراسات العليا بكلية الآداب في‮ ‬جامعة الموصل‮  ‬،‮ ‬قد كان لي‮ ‬يد في‮ ‬وضع استراتيجية الدراسات العليا في‮ ‬التاريخ وتقوم هذه الاستراتيجية بأن تكون مثلا الموصل هي‮ ‬نقطة الانطلاق في‮ ‬الدائرة الاولى وفي‮ ‬الدائرة الثانية العراق ثم الدول العربية والدول المجاورة والعالم وهكذا هي‮ ‬نظرية الدوائر باتجاهات تناول الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والثقافية والفكرية والاعلامية وهكذا‮ . ‬المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة مدرسة متجددة واصيلة وتأخذ بالتهميش والتنصيص والتحليل والوصول الى النتائج مع التأكيد على تعددية العوامل والدوافع والموضوعية والامانة العلمية والرصانة‮ .‬
‮{ ‬حظيت في‮ ‬الآونة الاخيرة باكثر من تكريم وانت تستحقه ولديك معايير محددة في‮ ‬التكريم ابرزتها في‮ ‬منشور لديك على موقعك الشخصي‮ (‬الفيس بوك‮ )‬فهل‮ ‬يمكن الاطلالة على تلك المعايير وابرازها بعد ان حفلت اروقة المؤسسات بتكريمات وشهادات مختلفة ؟
‮-‬نعم لدي‮ ‬من التكريمات ما‮  ‬يعد ولا‮ ‬يحصى‮ ..‬اوسمة وشارات ونياشين وميداليات وكتب شكر‮  ‬ودروع وانا اشكر كل من كرمني‮ ‬ويكرمني‮ ‬واعتز بوسام المؤرخ العربي‮ ‬1968‮ ‬والذي‮ ‬كرمت به تقديرا لجهودي‮ ‬في‮ ‬الكتابة التاريخية‮ .  ‬التكريم‮ ‬يجب ان‮ ‬يكون عن استحقاق والتكريم من دون استحقاق‮ ‬،‮ ‬كالعملة بدون رصيد‮  ‬وانت تعرف قيمة‮ (‬السويسري‮) ‬وقيمة‮ ( ‬الطبع‮ ) .. ‬التكريم الحقيقي‮ ‬هو قبول الناس ورضاهم واعترافهم‮  ‬ب(استاذيتي‮) ‬فأنا دائما اقول انا‮ (‬معلم‮) ‬احمل رسالة ورسالتي‮ (‬تنويرية‮) ‬تؤكد على فكرتي‮  (‬الحرية‮) ‬و‮( ‬التقدم‮ ) ‬وادعو الله ان‮ ‬يوفقني‮ ‬لاستكمل مشواري‮ ‬واحقق هدفي‮ ‬في‮ ‬نشر رسالة التنوير والتجديد ومحاربة التخلف والتطرف والجهل والاستبداد‮ .‬

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here