السيد مقتدى الصدر…. الخطة “باء”

السيد مقتدى الصدر…. الخطة”باء”
ساهر عريبي

[email protected]

شكّك الكثيرون بجدوى استقالة أعضاء الكتلة الصدرية من مجلس النواب العراقي رغم أنهم تصدروا الانتخابات النيابية الأخيرة ورغم أنهم عقدوا تحالفات سياسية كادت أن تمكنهم من الاستحواذ على ثلثي مقاعد البرلمان البالغة 329. كان الصدريون قاب قوسين أو أدنى من تشكيل حكومة أغلبية وطنية, كانت لتدخل العراق في مرحلة سياسية جديدة بعيدا عن سياسة المحاصصة الكارثية التي تشكلت وفقا لها الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003.

لم يكن هدف الصدريين من تشكيل حكومة الأغلبية سوى إنقاذ العراق من براثن الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة والعميلة التي هيمنت على المشهد منذ الاحتلال الأميركي. لم تنجح الخطة ألف للصدريين بعد تخاذل بعض من يدعون أنهم مستقلون , لكنهم سقطوا في أول اختبار لـ وطنيتهم, وبعد أن وضعت المحكمة الاتحادية العصي في دواليب الخطة باشتراطها ولأول مرة حضور ثلثي النواب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية! مرة أخرى تدخلت المحكمة الاتحادية لإنقاذ الفاسدين بعد أن فعلت ذلك في العام 2010 عندما أعطت تفسيرها الشاذ المخالف لروح الديمقراطية لمفهوم الكتلة الأكبر, فمكنت الخاسر حينها نوري المالكي من تشكيل الحكومة, فكان الفساد وسقوط ثلث العراق بيد داعش.

أرادت المحكمة الاتحادية هذه المرة إعادة الكرة فنجحت في تعطيل الخطة ألف للسيد مقتدى الصدر, فكانت استقالة الكتلة الصدرية التي منحت أغلبية مقاعد المجلس لتحالف الفاسدين والفاشلين والعملاء. اعترتهم نشوة نصر كاذب حتى ظنوا أن السلطة باتت قاب قوسين أو أدنى من أيديهم الملطخة بالفساد ودماء العراقيين. فلعابهم يسيل لموازنة مهولة بفضل ارتفاع أسعار النفط, وبريق الكرسي يلمع بين عيونهم حتى تقاسموا المناصب والامتيازات فأجمعوا على وضع شخص في الواجهة هو أداة بأيديهم يطيع أمر الزعيم الذي سيكون هو رئيس الوزراء الفعلي من وراء الكواليس.

وإزاء هذه التطورات شكك الكثيرون بجدوى انسحاب الصدريين من المشهد وهم قوة وازنة يمكنها ممارسة دورها التشريعي والرقابي والمشاركة في تشكيل حكومة تكون لهم فيها حصة الأسد. ذهب البعض إلى حد اعتبار خطوة الصدريين جهلا سياسيا بل انكفاء وتسليما للعراق إلى حفنة من الفاسدين والفاشلين يعبثون بحاضره ويدمرون مستقبله.

لم يراودني التشكيك قط بتلك الخطوة, فليس لدي أدنى شك بوطنية الصدر وحرصه على مستقبل العراق واستعادة قراره السيادي الذي لم تعد بغداد الحضارات مركزه. ولم يراودني شك بأن الصدر صادق في محاربة الفساد وهو الزعيم العراقي الأوحد الذي حاسب الفاسدين من أتباعه, على العكس من غريمه الذي يرفع من شأن أتباعه الفاسدين. ثم جاءت التسريبات لتكشف مرة أخرى المعدن الرديء للمتاجرين بالدين وتضحيات العراقيين.

عاش الإطاريون أحلام اليقظة ظنوا أن الموعد يوم السبت حيث يلتئم شمل المجلس لتمرير مرشح لرئاسة الجمهورية يكلف مرشحهم لرئاسة الوزراء. فكان السيد مقتدى الصدر لهم بالمرصاد, أراد أن يجر آذانهم الصماء عن سماع قول الحق فأحبط مشروعهم في مهده, أخذوا يضربون أخماسا بأسداس مستعينين بالمنقذ الذي خرجت خيوط اللعبة من بين بيده بسبب اعتماده على هذه الثلة الفاسدة والفاشلة.

فات الأوان, فحاشى للصدر أن يترك العراق لقمة سائغة بين أفواههم الشرهة وحاشى للصدر أن يترك الفاسدين يخضمون مال العراق خضم الإبل نبتة الربيع, فقد وهنت الدنيا في عينيه فلا يغرّه بريق ذهبها الأصفر أو الأسود, وهو محصّن برجال كزبر الحديد, هم رهن إشارته يخوض به اللجج ويضحون من أجل العراق بالمهج بعد أن ضحوا بالامتيازات التي منحهم إياها مجلس النواب.

واليوم يتطلع العراقيون الوطنيون بعربهم و كردهم بسنتهم وشيعتهم وباقي طوائفهم نحو السيد مقتدى الصدر ولسان حالهم العراق ياسماحة السيد أمانة بين يديك فاقطع بسيفك البتار أيدي المتطاولين عليها, فالله والشعب والتاريخ معك لا مع السمسار الذي تسلط على بلاد بين النهرين على حين غفلة من الزمن!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here