بمناسبة الهجرة النبوية: هجرة العراقيين بعد الثمانينات (ح 2)

بمناسبة الهجرة النبوية: هجرة العراقيين بعد الثمانينات (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

عن الاية الكريمة “وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا” (النحل 41)، فقد اكد الشيخ احمد الوائلي انها تبين لنا أن الهجرة عادة تكون لها أغراض وغايات وأهداف تختلف باختلاف نوايا الأناس المهاجرين ورغباتهم وإراداتهم. إن هذا يعني أن الإنسان من الممكن أن يهاجر إلى غرض معين يهاجر من أجل طلب العلم، أو يهاجر من أجل طلب المعيشة، او يهاجر فراراً من جور حاكم، أو ظلم سلطان غاشم يحاول أن يسلبه حريته وكرامته، فيهاجر طلباً للحرية، ونشداناً للفضاء الرحب الواسع، و للانطلاق في عالم الإنسانية الفسيح. أما هؤلاء الذين تحدِّثنا الآية عنهم، والتي هي بصدد بيان غاية هجرتهم، فإنهم إنما هاجروا في الله تبارك وتعالى وله ومن أجله، وهذا يعني أن الله تعالى يزكّيهم تزكية ليس بعدها تزكية؛ حيث إنهم قد هاجروا من أجل هدف ديني ورسالي.

الهجرة اساسها في القرآن الكريم هي ان تكون الى الله كما فعل الانبياء من قبل ” وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي” (العنكبوت 26) ونصرة رسله ” وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ” (النساء 100). والمهاجر تقابله الصعاب والعسرة في هجرته “لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ” (التوبة 117). اعطى الله تعالى للهجرة اهمية قبل الجهاد، والمهاجرون احق بالايمان من غيرهم “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا” (الانفال 74) و لهم درجة اعلى “الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون” (التوبة 20).

جاء في موقع الجزيرة: إن عدد اللاجئين العراقيين داخل وخارج العراق قد يكون أكبر بكثير من التقديرات الرسمية المعلنة. ويقدر الهلال الأحمر العراقي والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد الذين نزحوا داخل العراق أو غادروه إلى دول مجاورة بنحو 4.2 ملايين شخص. ويشمل هذا العدد نحو مليوني عراقي نزحوا قبل عام 2003 نتيجة للحملات التي شنها الرئيس العراقي صدام حسين ضد معارضيه. وتعتقد بعض المنظمات المهتمة بالعراق أن لاجئين تجنبوا تسجيل أنفسهم لدى الحكومات المضيفة أو لدى الحكومة العراقية خشية على سلامتهم وحرية حركتهم. لا يوجد في الواقع حصر لأن اللاجئين خارج العراق يعاملون كمهاجرين غير شرعيين وكثير من الناس يعتقدون أن أفضل ما يفعلونه هو أن يظلوا مختبئين. ويعتقد أن عدد العراقيين مع أولادهم الذين ولدوا بعد الهجرة عام 2022 تضاعف الى نحو 8 ملايين مهاجر منهم مهاجري الداخل ولو ان الرقم يبدو عاليا.

جاء في نشرة الهجرة القسرية: للعراق تاريخ طويل ومؤلم في مجال الهجرة القسرية، ففي العقد المنصرم وحده، كان العراق مشهداً لما لا يقل عن أربع موجات مختلفة من التهجير والعودة. وأول موجة حدثت بعد مدة قصيرة من سقوط حزب البعث من السلطة حيث تبع ذلك عودة ما يقدر بنصف مليون عراقي ما بين مارس/آذار 2003 وديسمبر/كانون الأول 2005. وفي حين أنَّ حركة العودة هذه كانت من حيث المبدأ ظاهرة إيجابية كبيرة لمزايا تغيير نظام الحكم فقد جاءت أيضاً بجملة من التحديات التي ما زال العراق يعاني منها إلى يومنا هذا. أما الموجة الثانية من التحركات السكانية بعد نظام صدام حسين فقد شكل غالبيتها كلاً من الأشخاص الذين كانوا يخشون التعرض للأذى على خلفية ارتباطاتهم الفعلية أو المتصوَّرة بالنظام السابق، والأشخاص الذين أُجبروا على الهرب بضغوط العائدين والأشخاص المسلحين في بعض الحالات الذين كانوا يدعمون هؤلاء العائدين. لكنَّ أزمة التَّهجير الكبرى وقعت بين شهر فبراير/شباط 2006 وأواخر عام 2007 نتيجة العنف الطائفي الذي خرج عن السيطرة مسبباً نزوح 1.6 مليون عراقي داخل العراق وتهجير عدد مقارب لذلك إلى خارج البلاد خاصة إلى البلدان المجاورة. ومع أنَّ هذه الموجة الثالثة انحسرت مع انخفاض تهديد اندلاع حرب أهلية شاملة في العراق فهناك تقارير تشير إلى أنَّ الأقليات الصغيرة في العراق ما زال لديها شعور بأنه لا مناص من مغادرتها بلد يتضاءل إحساس الطمأنينة فيها يوماً بعد يوم. وعلى ضوء النِّزاع في سوريا، يجد اللاجئون العراقيون أنفسهم مجبرين على العودة إلى العراق حيث ليس لديهم سوى قليل من الممتلكات إن كان لهم ذلك أصلاً وبذلك يصبحون فعلياً مهجَّرين في بلدهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here