خطب وكتابات السيد محمد محمد صادق الصدر عن الامام الحسين عليه السلام (ح 4)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ما خُط في قانونه العام على البشرية كالرزق والمرض والموت كما قال تعالى، “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ” (ال عمران 185) ، وقال الحسين في نفس الخطبة (خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة)، إلا أن الذي يظهر من سياق الكلام من (يوم خُط بالقلم) ، يوم شهادته ، هو يريد يطبقه على نفسه سلام الله عليه ، كما قال في اول الخطبة (وخير لي مصرع انا لاقيه كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا )، فيكون المراد انه لا محيص لي عن يومي الذي خط لي بالقلم ، كما لا محيص لأحد عن يومه الذي خط له بالقلم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

يقول السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: : ان الحسين عليه السلام أصابه فضل من الله بالشهادة ، والفرد يتمنى ان ينال من هذا الفضل. وقد سبق ان قلنا : ان هذا الفضل من دواعي الاستبشار لا من دواعي البكاء. مع العلم انهم يجعلونه مقدمة للبكاء كما هو المعهود اكيدا . ومعه فلا يكون وضعه في هذا الموضع مناسباً. الأمر الثاني: ان الفضل الذي ناله الحسين واصحابه من الله سبحانه ليس مجانياً ولا يمكن أن يكون كذلك. ولذا ورد: لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة. فقد دفع الحسين عليه السلام تحمله لانواع البلاء الدنيوي بما فيه نفسه ونفوس أهل بيته وأصحابه فداءً لذلك الفضل العظيم . فهل سيكون الفرد على استعداد ان يشاركه في جزائه ام يتمنى الفرد ان يحصل على ثواب الحسين عليه السلام مجاناً مع أن الحسين عليه السلام نفسه وهو المعصوم لم يحصل عليه إلا بالثمن الغالي. ان هذا من سخف القول حقاً.

جاء في منتدى جامع الائمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: كان الاعتذار اساسا للشعراء حين يريدون التجنب عن الكذب فانهم يقولون وكذلك بعض الخطباء الحسينيين المتورعين يقولون: ان هذا بلسان الحال لا بلسان المقال. وهذا مسموع وماشي جيلا بعد جيل. فنسالهم انك هل تعرف حالهم سلام الله عليهم بلسان الحال حقيقة لتقول ان كلامك بلسان الحال وهل ان حالهم كما تقول انت لكي تكون صادقا او ان حالهم ليس كذلك وانما انت الكاذب. فمثلا لو اكد الشاعر على الجانب الاسري او الجانب القبلي اللذان ذكرناهما بعنوان انه بلسان الحال لكان كاذبا لا محالة وكان من الكذب على المعصومين سلام الله عليهم ونحن لا نريد من اي شاعر او ناثر ان يكذب على الحسين عليه السلام واصحابه وانما لا بد ان يبين حالهم بأقصى ما يستطيع من الصحة والدقة وبحسب ما نستطيع ان ندرك من حالهم سلام الله عليهم فان له عدة جوانب اي واحدة منها اخذناها كانت حقا على اي حال. وقليل التعرض لها مع شديد الأسف في شعر الشعراء في القريض والعامي معا: الجانب الاول: التمرد على كل ظلم وطغيان وخاصة ظلم وطغيان بني امية او حكم بني امية عامة ويزيد الشارب للخمور واللاعب للقرود كما يصفه الحسين عليه السلام خاصة، وبيان ذلك للمجتمع عمليا بحيث لا يكون معه مجال للشك. الجانب الثاني: عرض البديل او الايدولوجية الصالحة والحقة بعد ان فشلت وتفشل إيديولوجيات الظالمين والمستعمرين متمثلا اي الايديولوجية الحقة بالإسلام الحقيقي الذي دافع عنه الحسين بكل وجوده. الجانب الثالث: بيان ان هداية المجتمع والدفاع عن الطبقات المحرومة والمستضعفة يستحق الفداء بأعظم الفداء واعظم انواع التضحية بالنحو الذي قدمه الحسين عليه السلام في عرصة كربلاء كما قال تعالى: “فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ” (النساء 75).

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: من الاسرار الالهية التي لا يطلع عليها الا خاصة الخاصة ولكن فهمها ممكن يكون على عدة وجوه منها: اولها : ان كون الحسن والحسين من رسول الله صلى الله عليه وآله واضح لانتسابهم بالنسبة الحقيقية وكذلك انتساب الزهراء الى رسول الله صلى الله عليه وآله واضح لانتسابها بالنسبة الحقيقية. وأما كون النبي منهم فباعتبارهم سببا لنشر دينه وعلو الإسلام بجهادهم وجهودهم بما فيهم الحسين عليه السلام بتضحياته العظيمة والجليلة في واقعة الطف التي لولاها لمات دين الإسلام وانمسخت شريعة الله فقد احياها سلام الله عليه بمقتله وشهادته وبهذا صدق إن رسول الله صلى الله عليه وآله من الحسين لان استمرار دينه حقيقة بسببه وكذلك الباقون من اصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن عليهم السلام بمشاركاتهم المهمة في نصرة الدين. ثانيا: انه لا تكون طاعة الا بطاعة الادنى فلا تكون طاعة النبي الا بطاعة الحسين. وكذلك لا تكون طاعة الائمة عليهم السلام الا بطاعة العلماء والحوزة ولا تكون طاعة الحوزة الا بطاعة الوكلاء والمبلغين وهكذا فتكون طاعة الوكلاء هي طاعة الحوزة وطاعة الحوزة هي طاعة المعصومين وطاعة المعصومين هي طاعة رسول الله وطاعة رسول الله هي طاعة الله تعالى. فيكون من ضمن ذلك بل من اهم تطبيقاته ومصاديقه هو ان طاعة رسول الله صلى الله عليه واله بطاعة الحسين عليه السلام او قل ان طاعة الحسين هي طاعة رسول الله ومنه قوله تعالى: “مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ” (النساء 80). ثالثا : أن هذا الحديث (حسين مني وانا من حسين) مبني على المجاز والمجاز صحيح في اللغة بل هو الاتجاه الاغلب فيها وهو الاتجاه الاجمل فيها والادق تعبيرا والاكثر حسنا ادبيا حين لا يقوم التعبير الحقيقي به وذلك لمدى التقارب والتعاطف الواقعي بين رسول الله صلى الله عليه وآله وهؤلاء الاربعة الباقون من اصحاب الكساء عليهم السلام بما فيهم الحسين عليه السلام. ومن مميزاته وصفاته الخاصة سلام الله عليه ما روي فعلا في مصادرنا ومعاش فعلا في اذهاننا ان الله تعالى جعل العلم من ذريته والاستجابة تحت قبته والشفاء في تربته. وكل هذه الامور قطعية ومجربة ما عدا ما خرج بدليل كما يعبرون لوجود المانع الشديد عن تطبيق هذه القاعدة على بعض الافراد بحيث يكون تطبيقها مخالفا للحكمة والا فمقتضى القاعدة تطبيقها على الجميع من المستحقين من البشر باستجابة الدعوة تحت قبته والشفاء من تربته. وهنا ينبغي الاشارة باختصار إلى انه ليس كل دعاء فهو مستجاب وان الله تعالى قال : “ادعوني استجب لكم ووعده الحق” الا ان هذا لا ينطبق حسب الرغبة والشهوة ودعاوى النفس الامارة بالسوء بل لا ينطبق الا عندما يعلم الله سبحانه بصدق الدعاء وصدق النية وصدق التوجه وصدق الانقطاع الى الله سبحانه وعندئذٍ حاشا لله عز وجل ان يخلف وعده بالإجابة فإذا انضم الى ذلك بعض الامور الرئيسية المهمة عند الله عز وجل كما في الدعاء تحت قبة الحسين عليه السلام كان ذلك اولى بالاستجابة وأعظم للأجر وأعلى في الدنيا والاخرة. والمعروف ان هذه الامور الثلاثة قد وهبت للحسين عليه السلام من الله سبحانه بازاء شهادته وتضحيته العظيمة التي لا مثيل لها في التاريخ البشري. مضافا الى امور اخرى كثيرة من اهمها درجات الاخرة التي نسمع عنها في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله: (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة ). وقد مشى سلام الله عليه في هذا الطريق بهمة وطيبة قلب ولم يقصر طرفة عين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here