ابونؤاس، شاعر الحب والغزل !

ابونؤاس، شاعر الحب والغزل ! * د. رضا العطار

استلم الشاعر لواء شعر المجون ورفعه عاليا بعد ان اضاف اليه من دقة معانيه وبلاغته وحسن تجسيد صورته بل تعدى ذلك الى ولع العاشق برحيق الراح فأربى بشربها على جميع عشاقها الذين عطشوا اليها منذ زمن عاد وثمود.

استمع الى هذه الرائعة !

شجاني وابلاني تذكّر من أهوى * * * والبسني ثوبا من الضرّ والبلوى

يدل على ما في الضمير من الفتى * * * تقلب عينيه الى شخص من يهوى

وما كل من يهوى هوى هو صادق * * * أخو المحبّ نضو لا يموت ولا يحيى

خطبنا الى الدهقان بعض بناته * * * فزوجنا منهن في خدره الكبرى

وما زال يغلي مهرها ويزيده * * * الى أن بلغنا منه غايته القصوى

رحيقا أبوها الماء والكرم أمها * * * وحاضنها حرّ الهجير اذا يحمى

لساكنها دنّ به القار مشعر * * * اذا برزت منه فليس لها مثوى

يهودية الأنساب مسلمة القرى * * * شامية المغدى , عراقية المنشا

مجوسية , قد فارقت أهل دينها * * * لبغضتها النار التي عندهم نذكى

رأيت عندنا ضوء السراج فراعها * * * فما سكنت حتى امرنا به يطفى

وبينا نراها في الندامى اسيرة * * * اذ اندفعت فيهم , فصاروا لها اسرى

اذا اصبحت أهدت الى الشمس سجدة * * * وتسجد أخرى حين تسجد للمسرى

أأمنت بلذات الكؤوس نفوسهم؟ * * * فأنفسهم أحيا واجسادهم موتى

وساق غرير الطرف والذلّ فاتن * * * ربيب ملوك كان والدهم كسرى

حثثنا مغنينا على شرب كأسه * * * فتدركه كأس وفي كفه اخرى

فأمسك ما في كفّه بشماله * * * وأومأ الى الساقي ليسقي باليمنى

فشبّهت كأسيه بكفّيه اذ بدا * * * سراجين في محراب قسّ اذا صلّى

أدير علي الكأس تنكشف البلوى * * * وتلتذّ عيني طيب رائحة الدنيا

خمرا كأن البرق في لمعانها * * * تجلى لأبصار , فكادت به تعمى

اذا ما علاها الماء خلت حبابها * * * فقاقيع درّ , في جوانبها شتّى

فتزداد عند المزج طيبا , كأنها * * * أشارة من تهوى , الى كل ما تهوى

· مقتبس من ديوان ابونؤاس لعمر فاروق الطباع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here