بغداد/ تميم الحسن
ثاني اسوأ اختيار لإجراء انتخابات هو في هذا التوقيت، بحسب وجهة نظر الإطار التنسيقي الذي يظهر بمظهر “الفئة الشريرة” في صراعه مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ورضيت القوى الشيعية التي شكلت فيما بعد “الإطار” على مضض ابان احتجاجات تشرين 2019، الذهاب الى انتخابات مبكرة للبرلمان خسرت فيها عشرات المقاعد.
وقد يبدو “انزعاج التنسيقي” من مطالبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بـ “انتخابات مبكرة” امراً هيننا مقابل معلومات عن خطوات تسبق الاجراء الاول يتمثل بـ “تغييرات جذرية”.
فحسب المعلومات المتداولة ان الخطاب المتلفز الاخير لزعيم التيار الصدري “لم يُفهم بشكل واضح من الجميع”، او ان هناك محاولات لـ “حرف الخطاب”.
المعلومات وبحسب مصادر مقربة من التيار الصدري، تؤكد لـ(المدى) ان “الصدر لن يكتفي بإجراء انتخابات جديدة دون تغيير في المعادلة السياسية”.
وكان “الصدر” في خطابه التلفزيوني قال متحدثا عن تصوراته للمرحلة المقبلة: “لن يكون للوجوهِ القديمة مهما كان انتماؤها وجودٌ بعد الآن”.
ولتقليل مخاوف القوى الشيعية التي وصفت اقتحام انصاره البرلمان الاسبوع الماضي بـ “الانقلاب”، اضاف قائلا عن آلية التغيير: “من خلال عملية ديمقراطية ثورية سلمية أولا ثم عملية ديمقراطية انتخابية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي”.
وتعامل “اطاريون” مع كلام زعيم التيار الصدري عن “انتخابات مبكرة” و”حل البرلمان” وكأنهم وجدوا كنزاً بعد عملية بحث شاقة وقلقة عن ماذا يريد الصدر من حركته الاخيرة؟
وفسر اوساط “التنسيقي” الكلام الاخير لزعيم التيار بانه “تراجع عن التغيير الجذري” الذي تحدث به قبل الخطبة الاخيرة.
واعتبرت مصادر من داخل “الإطار” تحدثت لـ(المدى) ان “التيار الصدري قد احرق كل مراكبه ولم يعد امامه الا الدعوة الى الانتخابات المبكرة”.
وفق تلك المصادر ان التيار “لم يكن يريد اجراء انتخابات مبكرة على اساس انها ستعيد انتاج نفس مشكلة الثلث المعطل ومعارضة مشروع حكومة الاغلبية”.
ولذلك بدأ “التنسيقي” في التعاطي مع الخطاب الاخير بعد استدراك “فضيحة الانقسام” التي فجرها اثنان من قادة الكتلة عقب خطاب “الصدر”، للتحضير الى الحوار.
وكان في فورة ردود الفعل على “خطاب الصدر” قد أسرع هادي العامري زعيم تحالف الفتح ليؤيد ما دعا اليه زعيم التيار الصدري، قبل ان يلملم “التنسيقي” انجراف “العامري”.
وقال زعيم الفتح في بيان: “نؤيد اجراء الانتخابات المبكرة التي دعا اليها السيد مقتدى الصدر، سيما وان الانتخابات السابقة شابتها الكثير من الشبهات والاعتراضات”.
وأضاف مدافعا عن رغبة بلقاء زعيم التيار، أن: “هذا يتطلب حوارا وطنيا شاملا من اجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات اجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية”.
وكان العامري قد التقى حينها بممثلة الامم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، وتسربت حينها معلومات عن “وساطات” تجريها الاخيرة لضمان حوار بين زعيم الفتح و”الصدر”.
وفي اليوم الثاني زارت بلاسخارت زعيم التيار في مقر اقامته في الحنانة بمحافظة النجف، ووصف اللقاء بـ “الجيد”، وقالت للصحفيين عقب خروجها من مقر اقامة “الصدر” بانها “ناقشت مع السيد الصدر أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية”.
وقبل ذلك كان حيدر العبادي، زعيم النصر قد رحب بما جاء بخطاب الصدر. وقال في بيان متحدثا عن دعوة زعيم التيار الى انتخابات مبكرة بانها: “تلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة”.
وأضاف، “أُحيي خطواته وجميع الإخوة لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح”، فيما التزم شريكه في تحالف قوى الدولة عمار الحكيم الصمت على مضمون خطاب “الصدر”.
وكانت تغييرات في مواقف “التنسيقي” قد جرت عقب اقتحام الصدريين للبرلمان، حيث صعد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم لأول مرة من خطابه ضد التيار، في وقت التزم فيه “العامري” بصداقته مع “الصدر”.
وكان زعيم التيار قد دعا العامري أكثر من مرة لترك “التنسيقي” آخرها الاسبوع الماضي، قبل ان يطالب بـ “تغيير جذري”.
وقبل ان يتطور الموقف اجتمع الإطار التنسيقي يوم الخميس في منزل الحكيم في بغداد، واشترط اجراء انتخابات مبكرة لإخلاء البرلمان.
وقال الاطار في بيان عقب الاجتماع بانه: “يدعم اي مسار دستوري لمعالجة الازمات بما في ذلك الانتخابات المبكرة”، مشترطا ذلك: “بعد تحقيق الاجماع الوطني حولها وتوفير الاجواء الآمنة لإجرائها ويسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها”.
وأضاف البيان: “ويبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب”.
وكان موقف “التنسيقي” مختلفا قبل شهرين، حيث كان “الحكيم” وقيس الخزعلي زعيم العصائب قد دعيا في وقتها الى اجراء انتخابات مبكرة.
لكن وبحسب المصادر داخل “التنسيقي” ان “نوري المالكي المسيطر على التكتل الشيعي هو من اشد الرافضين للانتخابات خاصة في هذا التوقيت”.
وتشير المصادر الى ان “بعض الآراء داخل الإطار تقول بانه يظهر بمظهر الفئة الشريرة اللاهثة وراء السلطة بسبب الصراع الاخير مع الصدر”.
وكان المالكي قال ردا على خطاب “الصدر” بان: “إجراء انتخابات مبكرة أخرى يجب أن يكون وفق الدستور و”الاجماع الوطني”.
واضاف في تغريدة على “تويتر”: بان تلك الشروط تمنع “تكرار ما حدث في الانتخابات السابقة”.
وكان مجموع مقاعد 4 تحالفات في انتخابات 2018 من التي تشكل الان “الإطار” قد جمعت نحو 140 مقعداً، فيما حصل كل الشيعة (باستثناء الصدريين) في الانتخابات الاخيرة على اقل من 90 مقعداً.
ويسيطر “الإطار” حاليا على البرلمان بعد ان احتل مقاعد الصدريين المستقيلين، والصدر بذلك قد يكون غير قادر على احداث تغييرات على قانون الانتخابات او حل البرلمان.
وعلى الرغم من دعم محمد الحلبوسي رئيس البرلمان لخطاب زعيم التيار بحسب بيان صدر عن الاخير، الا ان خطوات حل البرلمان معروفة في الدستور وتتطلب تصويت غالبية النواب.
ومن هنا يزداد قلق “الاطاريين” من الآلية التي يريد زعيم التيار الصدري استخدامها في عملية التغيير، خصوصا مع تضاعف امل الحوار.
وبحسب ما تسرب من معلومات ان الصدر كان قد رفض وساطة بلاسخارت للحوار مع هادي العامري الذي فوض مجددا من الإطار التنسيقي لهذا الغرض.
وقال زعيم التيار في خطابه المتلفز الاخير متحدثا عن القبول بالحوار: “لا فائدة تُرتجى من الحوار وخصوصاً بعد أن قال الشعبُ كلمتهُ الحرة العفوية” في اشارة الى دخول أنصاره البرلمان.
وزاد قلق “التنسيقي” مع ظهور الصدر بشكل مفاجئ صباحا قرب مقر اقامة المرجع الاعلى علي السيستاني في النجف.
وادعت منصات مقربة من التيار ان الصدر التقى السيستاني، في “سيناريو” شبيه بما حدث في 2016 حين التقى الاثنان بعد نحو 5 أشهر من الاقتحام الاول لأنصار التيار البرلمان.
بالمقابل فان “الإطار” زعم ان وجود الصدر أمس في بيت المرجع الاعلى، هو لحضور مجلس حسيني سنوي يقيمه “السيستاني” لا يتطلب فيه ان يكون هناك لقاءً مع الاخير، في وقت لم يظهر فيه اي سياسي آخر في المجلس المفترض.
وحتى الان لم تبث لقطات – كما جرت العادة في اية زيارة معلنة للمرجع- بين زعيم التيار و”السيستاني”.
كما كان “الصدر” قد اثار قلق خصومه بإطلاق ما يشبّه بـ “خطة التغيير” التي كشف عنها في خطابه الاخير بالتزامن مع دعوات من قيادات احتجاجات تشرين ببيان رأي الاخير “جدية التغيير” و”محاسبة الفاسدين من تياره” اثناء تحضيرهم لتظاهرة في بغداد.
وقبل خروج التظاهرة التي جرت الجمعة في ساحة النسور غربي بغداد، كان زعيم التيار قد اوضح مطالبه وتوعد بمحاسبة كل المتورطين في الفساد ومن بينهم التابعون له.
ثم عاد زعيم التيار في اليوم الثاني لخطابه المتلفز ليتقرب من الحشد الشعبي، حيث قال في تغريدة يوم الجمعة متحدثاً عن خلافه مع “الإطار” بان ذلك لا يعني: “أن إخوتنا الأحبة في الحشد الشعبي محسوبون على إحدى تلك الجهتين”.
واضاف: “المجاهدون في الحشد الشعبي أقرب لآرائنا ومتبنياتنا نحن (آل الصدر)”.
كما كان المئات من أنصار الصدر قد تجمعوا نهار الجمعة لأداء صلاة جماعية في ساحة الاحتفالات داخل المنطقة الخضراء، رغم ارتفاع درجات الحرارة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط