بلاد الملائكة!!

إستعانت الملائكة بالشياطين للتمكن من الحكم في بلاد كانت منطلقا للوجود فوق التراب , وحسبت أنها ستصنع الحياة التي كانت في فضاءات تخيلاتها وسرابات تصوراتها , وعندما جلست على كراسي المسؤولية , أخذت تحدق بوجوه بعضها وتتوسل بالشياطين لإخراجها من محنة الكرسي.
فجاءتها الشياطين بدستور الغنيمة , الذي بموجبه يكون لكل منها حصته , وعليه أن يفترس وبوحشية ما يشاء من بدن البلاد التي تمكن فيها , فالملائكة لها الحق أن تفعل ما تشاء , لأنها مفوضة من رب العالمين , وبعضها ينوب عنه!!
ومضت الملائكة في إفتراسها المُؤديَن , والشياطين تصفق وتهلل لما تقوم به من أعمال تدميرية وتخريبية , ونهب سافر للثروات والأموال وحشوها بأفواه الطامعين بها في مصارف الدنيا , المتلهفة للملايين القادمة إليها من بلاد الملائكة المستعينة على العباد بالشياطين.
ودارت الأعوام وتراكمت الآلام , وتسيّد الفساد والحرام , والكل ملائكة وصار إبليس فاعل مجهول لئيم , يتربص ويأتي بما يؤذيها ويخرجها عن الصراط المستقيم.
وأصبح للملائكة برلمانات وحصص ووزارات وحمايات وقصور فارهات , والشعب يتضور من الحرمان من أبسط الحاجات , فالملائكة تحكم بالقهر والجور , لكي ينال الناس جنات النعيم.
وفقدت دولة الملائكة سيادتها وعزتها وكرامتها , وتناهبتها المجاميع المسلحة وفرضت إرادتها عليها , فالغاب يقضي بإرادة القوة , فهي العدل والدستور والقانون.
ودولة الملائكة تحسب أن إستيراد نظام حكم يسمى ديمقراطيا خديجيا , بحاجة إلى حاضنات ومصحات , سيهديها إلى مسارات الحكم الرشيد , وتوهمت أن الإنتخابات بلسم , وهي لا طائل من ورائها , وناعور ويلات وصراعات وسفك دماء , لأن البلاد بلا دستور وطني يحكم الجميع , ويضبط سلوكهم بإرادة المواطنة والمصلحة العامة , ولأنها ملائكة فلا تستمع لمن ينادي بدستور وطني قويم , تنتظم تحت لوائه أطياف الوجود البشري , فيتمكن الوطن من الحفاظ على هويته الحضارية .
فهل للملائكة أن تدرك فحوى الدنيا والدين , وتعرف الوطن الأمين؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close