بمناسبة الفيضانات الحالية المدمرة في السودان: التفكر في القرآن الكريم (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف

خلق الله الأرض وجعل فيها خليفة “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة 30). ثم طلب منه استثمار ما في الأرض وباطنها ومنها المياه “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا” (البقرة 29) فالمياه ثروة ثمينة على الانسان ان يحافظ عليها لا ان تتسبب في دماره وذلك بعمل قناطر وسدود وقنوات وخزانات لتجميعها عن الامطار وخاصة في حالة الفيضانات والعواصف. استثمار ثروات الأرض واحدة من مهام الإنسان الذي أعطاه الله التفكير لكي تكون تحت منفعته “وَسَخَّرَلَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”(الجاثية 13)، وكلما جهد بها كسب منها “كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” (المدثر 38) فاستخدام الفكر في تحديد الاراضي المنخفضة وطبوغرافية الارض لمنع السكن في المنخفضات وبناء السدود في المرتفعات. الاستثمار نوع من الإنفاق على استخلاف الأرض”آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ” (الحديد 7) ولهذا يتطلب استثمار السدود لانتاج الطاقة الكهربائية وتوفير المياه للشرب والزراعة والصناعة مما تجلب ارباح للمستثمر.

إن المجتمع الذي يعمل شئ يضر بالاخرين او البيئة ولا يجد له الحلول وهو ما يسمى منكرا فبئس ذلك المجتمع حتى وإن كان يدعي الإيمان والتقوى كما قال الله عز وجل “كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ” (المائدة 79).

وعلى أساس الموقف القرآني، وما رفضه من التقليد، وما شجّع عليه من التفكير والتدبّر، كانت الأمّة التي صنعها القرآن الكريم مصدرَ العلم والثقافة في العالم، بدلاً من جمود العقول اليوم في امة تقرأ القرآن ولا تدبره، حتّى اعترف المؤرّخون الأوروبيّون بهذه الحقيقة أيضاً، فقال المؤرّخ الهولندي رينهارت دوزي: (إنّ النبيّ جمع قبائل العرب أمّة واحدة رفعتْ أعلام التمدّن في أقطار الأرض، وكانوا في القرون المتوسّطة مختصّين بالعلوم، من بين سائر الأمم، وانقشعتْ بسببهم سحائبُ البربريّة التي امتدّت إلى أوروبا).

جاء في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي عن ماذا تقترح لمشكلة فيضانات السودان؟ إنشاء خنادق بالخرسانة المسلحة تحيط بالمدن والمناطق الأثرية التي يخشى عليها من ضرر بحيث تكون هذه الخنادق بعمق مترين وعرض متر ونصف الأمر الذي يسمح بتدفق أسرع للمياه. يتطلب مشاريع متعلقة ببناء السدود والحواجز المائية وصيانة قنوات توزيع المياه ودعم الدولة السودانية للمواطنين والمشاريع بهذا المجال. الاستفادة من تجربه الدول النهرية بأوروبا وأمريكا اللاتينية. تنفيذ مشاريع وبنية تحتية تتواكب مع المتغيرات والتحديات. ومشاريع بمواصفات عالمية متميزة وتنفيذ هذه المشاريع من خلال شركات عالمية لديها الخبرة والتجربة. فتح المجال لشركات عالمية هندسية واستشارية لتقديم المشورة الفنية والتقنية واشراكها بمشاريع استثمارية. توعية المجتمع بالأخطار الناتجة عن البناء العشوائي وعدم الالتزام باللوائح والقوانين. ومنع السكن في الوديان والخيران ومجاري السيول والاستعانة بالساحة والبناء وفق الكنتور، تعلية حواف شواطئ الأنهار ورصف الشاطئ بمواد ثابتة والتي اثبتت فعاليتها في شارع النيل ام درمان. إنشاء سدود أرضية في شاطئ النهر. ترحيل جميع المواطنين الذين يسكنون في أماكن منخفضة بالقرب من النيل إلى أماكن آمنة. الاستفادة من الأماكن المنخفضة بالقرب من النيل في الزراعة بدل السكن. إجراء عملية تقييم شاملة للجانب الهيدروليكي بحيث توضع حلول قصيرة الامد وبعيدة الامد للفيضان. الاستفادة من كميات المياه وإدراك أهمية وجود السدود المتينة. إعادة توجيه المياه إلى المنخفضات أو فتح البالوعات. إقامة القناطر والسدود وأيضا بالوعات وأماكن صرف المياه الزائدة من النهر أو الفروع الرئيسية له. إقامة نظام تنبيه للفيضانات. إقامة سدود تخزن المياه ويتم استخدام مياه الفيضانات المخزنة في السدود عند أيام الجفاف. البنية التحتية تحتاج إلى عمل مجرى للمياه وتجميعها في خزانات تحفر في الأرض وتستخدم في الزراعة والري. يجب التفكير في شق مجرى للنيل باتجاه غرب السودان للمساعدة في الزراعة في تلك المناطق و استيعاب الفائض من مياه النيل. بناء السدود مثل السد العالي في مصر. بناء سدود كبير لإنتاج الكهرباء و لحجز المياه والانتفاع بها. تغيير الموقع السكاني الأكثر أمانا للعيش بسلام.حفر قنوات فرعية تذهب إلى السهول و الوديان المجاورة لخط سير السيول (عبارة عن خنادق صغيرة ) بتفريع شجري إلى المناطق الأخرى. رفع الطمي من النيل واستخدامه مرة أخرى. رفع مستوى الضفة مقدارا يحول دون حدوث ذلك في المدينة، وهذا وإن كان مكلفا، فإنه أقل كلفة من غرق المدينة. شفط مياه الفيضانات وبناء سد لها. عدم إعادة السكان المتضررين من الفيضان في أماكنهم التي غمرتها مياه النيل. يمكن تعويضهم في أماكن أخرى والاستفادة من هذه الأراضي في الزراعة أو غيرها من المشاريع الاستثمارية المفيدة للبلد. عمل سدود او قناطر قرب المدن الكبرى ومنها الخرطوم. عمل مفيض للمياه مثل مفيض توشكي في مصر. مشاريع حصاد المياه لتخزينها عند الفيضان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here