لماذا نترهب من الشيخوخة ؟

لماذا نترهب من الشيخوخة ؟ * د. رضا العطار

يقول المؤلف : ان الخوف من الشيخوخة هو صورة من صور الخوف من الفشل. فان الشيخوخة مظهر من مظاهر انحلال الحياة، وادبار الشباب، وهجوم المرض، ودنو الموت ! ونحن نخاف الشيخوخة لاننا نخشى ان تكون هذه المرحلة الاخيرة من مراحل الحياة، اي الانحدارا الى هاوية الفناء !

وقد حاولت الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار ان تصف لنا تلك التجربة الاليمة التي يعانيها الانسان حين يشعر بانه قد اصبح قاب قوسين او ادنى من الموت!

فقد ابرز فلاسفة الوجودية دور ( الوعي الجسماني) في تنمية ( شعور الانسان بذاته).

فليس بدعا ان نراهم يهتمون بدراسة شتى الخبرات الحياتية التي ترتبط بهذا الوعي الجسماني عبر المراحل المختلفة من العمر.

واذا كان اكتشاف الطفل لذاته لا يكاد ينفصل عن اكتشافه لبدنه، فان رؤية الرجل المسن او الشيخ الطاعن في السن لأمارات الشيخوخة التي قد تبديها له (المرآة) تمثل حدثا خطيرا في حياة الانسان.

والحق ان لتجربة المرآة دورا كبيرا في حياة الوجود البشري. فان هناك صلة وثيقة بين رؤية الطفل لنفسه في المرآة من جهة، ومعرفته لنفسه من جهة اخرى. وقد يكون الانسان الكائن الوحيد الذي يعرف صورته بوصفها كذلك فضلا عن انه الموجود الوحيد الذي يعرف نفسه من خلال صورته. ومعنى هذا ان العلاقة وثيقة بين تجربة المرآة من جهة والشعور بالهوية من جهة اخرى. ولعل هذا هو السبب في ان احساس المرء بالشيخوخة كثيرا ما يقترن برؤية صورته في المرآة. وكأن الانسان لا يهرم الا

(من الخارج) دون ان يكون قد شعر بذلك (من الباطن).

يروي لنا الكاتب الفرنسي المعاصر فرنسوا مورياك انه ذهل حينما رأى صورته لأول مرة في السينما. فما كان يظن ان ذلك الشيخ العجوز الذي كان يجلس في صالونه هو فرنسوا موريال ! ولم يكن شكل ذلك الرجل هو الذي اذهله بل لقد كانت نبرات صوته ايضا مثار دهشة كبيرة له !! والا هل من المعقول ان يكون هذا الشيخ الطاعن في السن هو نفسه ؟

* مقتبس من كتاب مشكلات الحياة لزكريا ابراهيم، استاذ الفلسفة في جامعة القاهرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here