كاتب .. مطبخ ..صديق .. قراء : قصة قصيرة

كاتب .. مطبخ ..صديق .. قراء : قصة قصيرة

بقلم مهدي قاسم

كان جهاز الاتصال يرن بإلحاح و طول بال عنيد ، بينما يديه أصبحتا مبللتين بقطرات ماء ، بسبب انهماكه في عملية الطبخ وغسل الخضار ، في أثناء ذلك تصور أن المتصل سيمّل و من ثم يقفل الجهاز أخيرا ، إلا أن المتصل ترك جهازه يرن رنينا متواصلا حتى بعد مرور دقائق طويلة ، برنين مزعج أشبه بزعيق زرزور محصور جناح بين أصابع يد قوية ، فتحتم عليه أن ينشّف يديه ليمسك جهازه حتى يرد على المتصل ــلم يكن صديقا مقربا أو حميما فاستغرب أكثر من هذا الإلحاح ــ و الذي بادره دون إلقاء تحية أو سلام بالتعبير عن استيائه وتذمره من الرد المتأخر ، فاعتذر هو معبرا عن أسفه في عدم الرد السريع لكونه منهمك في عملية الطبخ ، و أن يديه كانتا مبللتين ، فهذا هو السبب في واقع الحال لعدم الرد السريع على المهاتفة ..

و بدلا من أن يتفهم ويقدر هو الوضع ، و يقول أنه أسف للأزعاج سوف يتصل فيما بعد ، بدلا من ذلك فقد ابدى استغرابه له من أنه كيف هو الرجل يطبخ بدلا من زوجته ، أضاف ناصحا أنه لا ينبغي تدليل الزوجة الأوروبية إلى هذا الحد ، فالدلال المفرط والمبالغ به يفسّد الزوجة ، و أن مكان المطبخ في النهاية للزوجة وليس للرجل .. و ..

قاطعه هو مؤكدا على أنه غير متزوج في الوقت الراهن ، و بالتالي فهو يفضّل أن يطبخ في البيت حسب ذوقه و تصوره الصحي للطعام بدلا من الذهاب إلى مطاعم التي ليس بالضرورة تقدم له طعاما نظيفا و صحيا في نفس الوقت ــ وأضاف بنبرة قلقة أنه أسف لكونه مضطرا الآن لئن يغلق السماعة ( إذ كلما أراد أن ينبهّه إلى أنه يجب عليه أن يهتم الآن بالطبخ قبل أن يحترق فكان الآخر يلحّ مواصلا طرح أسئلته بلا مبالاة عجيبة ) سائلا إياه هل يأكل لحما مذبوحا بالحلال ؟ ، فيجب عليه أن لا ينسى هذا الأمر المهم ، و أنه يجب عليه أن يتزوج ليكمل نصف دينه و .. في أثناء ذلك لاحظ هو كيف إن ماء الطبخ أخذ ينشف شيئا فشيئا ، وعلى احتراق وشيك .. شعر بتوتر أعصابه مع موجة استياء .. بينما ذاك استمر بتوجيه نصائحه وإرشاداته من قبيل أنه :

ــــ من الضروري أن تتزوج وتنجب أطفالا .. فالأطفال هم زينة الحياة … و .. فلم يتحمل هو أكثر من ذلك ، بعدما طفح عنده الكيل .. فقطع الخط بضربة أصبع حانقة .. بعدما داهمه انزعاج شديد من هذا الإلحاح واللامبالاة والاستخفاف بأوقات الناس عن عمد وسبق إصرار أحيانا ..

بعد ذلك سأل الكاتب قراء و متلقين : هل أخطأ هو عندما أضطر لقطع المكالمة ، وفيما إذا كان رد فعله كان مناسبا .؟

فغالبية القراء ردوا بأن ظروفا استثنائية تستوجب موقفا حاسما ، و ضمن هذا المنظور فهو لم يخطئ ، وربما كان تصرفه مناسبا إلى حد ما ، و ذلك حماية للطبخ من احتراق محتمل ــ على الأقل ..

بينما بعض آخر من القراء اعتبروا عملية قطع المكالمة تصرف قد يتسم بفظاظة و غلاظة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close