تمخضت تدقيقات أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” لشهور في “كنوز” من التقارير الاستخباراتية الروسية في أوكرانيا عن تفاصيل العمليات التجسسية الروسية داخل أوكرانيا قبل بدء الحرب، لكنها نوهت إلى أن موسكو باءت بـ “الفشل” في نواح عدة.
ونشرت الصحيفة موجزا لبحثها الاستقصائي، الذي تضمن مقابلات مع مسؤولين أوكرانيين وأميركيين وأوروبيين رفيعي المستوى، تضمن بمجمله خمس نقاط أساسية:
فرع “سري” عمل في أوكرانيا منذ سنوات
ذكرت “واشنطن بوست” أن فرعا سريا من جهاز الأمن الروسي كان متورطا بعمق في “خطة الحرب الفاشلة” بأوكرانيا.
وأشارت إلى أن الفرع أكد للمسؤولين في موسكو أن حكومة أوكرانيا كانت ستسقط بسرعة، ليتم إرسال عملاء لتعيين حكومة مدعومة روسياً.
ولأعوام، تقول الصحيفة الأميركية إن الفرع المعروف باسم “دائرة إدارة المعلومات” أو “FSB” اختصارا نفذ عمليات سرية على مدى سنوات في محاولة لاختراق المؤسسات الأوكرانية ودفع رشاوى للسياسيين الموالين لروسيا ومنع البلاد من الخروج من بيئة موسكو.
وقال مسؤولون في الاستخبارات الغربية لـ “واشنطن بوست” إن “FSB” إما فشلت في توقع حجم المقاومة الأوكرانية، أو أنها لم ترغب في إيصال “المعلومات غير المرضية” للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ثقة زائدة
وذكرت الصحيفة أن العملاء التابعين لـ “FSB” كانوا واثقين للغاية أنهم سيحظون بالسلطة بسرعة في كييف، لدرجة أنهم أمضوا الأيام الأخيرة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا في الحصول على أماكن للإقامة في العاصمة، كييف.
وأظهرت الاتصالات الاستخباراتية التي اعترضتها أجهزة الأمن الأوكرانية أن العملاء الروس كانوا يسألون زملاءهم عن الشقق في العاصمة، وعن المواقع الآمنة التي يمكن اتخاذها كملاجئ آمنة أو قواعد للعمليات أو حتى الإقامة.
وقبل أيام من عبور القوات الروسية الحدود مع أوكرانيا، أعلم العملاء أنهم يجدر بهم مغادرة العاصمة وترك مفاتيح أماكن إقامتهم للعملاء الروس الجدد.
تغيير كبير في وقت قصير
وقال المسؤولون الاستخباراتيون للصحيفة إن قسم “FSB” لدى أوكرانيا خضع لتوسيع كبير في الفترة التي سبقت الاجتياح الروسي.
وأشاروا إلى أن عدد العملاء في القسم تضاعف، من 30 في عام 2019، لما وصل إلى 160 عشية الاجتياح، مؤكدين أن فرق “FSB” وزعت عبر أقاليم مختلفة بأوكرانيا وشلكات من “العملاء النائمين” داخل البلاد، وذكروا أن المسؤولين الأوكرانيين اعتبروا هذا التغيير تحذيرا مبكرا للهجوم قبل تنفيذه.
مسؤولون في حكومة وهمية
وذكرت “واشنطن بوست” أن “FSB” عملت عن كثب مع شركاء بارزين في أوكرانيا، وأن العملاء حضروا حكومتين على الأقل مواليتين لروسيا.
ومن بين أبرز شركاء “FSB” كان الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، الذي فر إلى روسيا في عام 2014، والأوليغارشي الروسي، فيكتور ميديفيدتشاك، الذي أصبح نائب رئيس الحزب الرئيسي الموالي لروسيا في أوكرانيا بعد أن جعته صداقة وثيقة ببوتين، وفقا لـ “واشنطن بوست”.
وكان يانوكوفيتش في مركز المجموعة التي اجتمعت في بيلاروسيا أوائل مارس الماضي، في إشارة تدل على تمركزه للدخول فور إحكام السيطرة على البلاد، وإعلان قيادته، وفقا للصحيفة.
وتقول “واشنطن بوست” إن مجموعة ثانية مكونة من الأعضاء القدامى لحزب يانوكوفيتش كانت متمركزة بمناطق أعلنت روسيا السيطرة عليها في الفترة الأولية للحرب جنوبي البلاد.
ماذا حصل بعد ذلك؟
تقول “واشنطن بوست” إنه “وعلى الرغم من الفشل المتكرر” فإن قادة “FSB” ظلوا في مراكزهم، ليعاد شمل العملاء في القسم، ووضعهم على دوريات تمتد كل منها ثلاثة أشهر في المواقع التي احتلتها روسيا.
وذكر مسؤلوون أميركيون وآخرون للصحيفة إنه لا توجد أدلة على أن بوتين نحى أيا من رؤساء وكالات التجسس من مراكزهم أو حاسبهم على الفشل في أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن مدير “FSB”، إلكسندر بورتنيكوف، ورئيس الفرع المخصص لأوكرانيا، سيرغي بيسيدا، لا يزالان في منصبيهما.