اضطرابات مناخية.. إخماد حرائق الجزائر وتفاقم سيول السودان وأمطار بأوروبا تخفف حدة الجفاف

تثير حالة الاضطراب المناخي في مناطق مختلفة بالعالم قلقا دوليا متزايدا، وعلى نحو ينذر بنتائج وخيمة لطالما حذر منها خبراء المناخ والبيئة.

فقد ارتفع معدل حرائق الغابات على نحو غير مسبوق بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف في أكثر من دولة، ولا تزال الحرائق مشتعلة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في إسبانيا والبرتغال وفرنسا وصولا إلى الجزائر والمغرب وتونس.

كما تعرضت دول أخرى لسيول وفيضانات عارمة خلفت خسائر بشرية ومادية قدرت قيمتها بمئات ملايين الدولارات.

وبالتزامن، استفحلت موجات الجفاف مع تراجع حاد في معدلات هَطل الأمطار وذلك في دول يعتمد قطاعها الزراعي والمائي على الأمطار.

حرائق الجزائر

السلطات الجزائرية أعلنت أمس الجمعة السيطرة على غالبية الحرائق التي اجتاحت البلاد على مدى يومين خصوصا في شمال وشرق البلاد.

وقالت المديرية العامة للحماية المدنية إنها سيطرت بشكل كامل على الحرائق في ولاية الطارف شرقي البلاد، وأعلنت إخماد جميع الحرائق التي اندلعت في عدة ولايات شمالي البلاد.

وقالت الحماية المدنية إن طواقمها سيطرت على 73 بؤرة اجتاحتها الحرائق خلال الـ24 ساعة الماضية.

ورصدت كاميرا الجزيرة الأوضاع في ولاية الطارف شمال شرقي الجزائر وحجم الخسائر التي لحقت بالسكان وممتلكاتهم بعد إخماد الحرائق. بينما بدأت النيابة العامة في كل الولايات التي شهدت حرائق، تحقيقات قضائية لمعرفة الأسباب وراء هذه الحرائق المتزامنة.

وأعلنت نيابة سوق أهراس شرقي البلاد اعتقال شخص يُشتبه في تعمده إشعال نيران، بينما قال الدرك الجزائري بولاية الطارف إنه اعتقل 3 أشخاص للاشتباه بهم في منطقة بحيرة الطيور، وإن التحقيق جار معهم الآن.

ويرى خبراء أن نقص التجهيزات وبخاصة الطائرات وكذلك عدم تحصين الغابات بالشكل الجيد، هي من أهم الأسباب التي تتسبب في اندلاع الحرائق.

كما دعا الخبراء إلى بذل جهود أكبر من أجل تعزيز القدرة على مكافحة النيران في أكبر دولة أفريقية تضم أكثر من 4 ملايين هكتار من الغابات.

حرائق المغرب

أما في المغرب، فقد اشتعلت الحرائق مجددا، الجمعة، في غابات محافظة الحسيمة شمالي البلاد، بعد يومين من السيطرة على أخرى التهمت أكثر من 125 هكتارا بمحافظة المضيق الفنيدق شمالي المملكة.

ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر مسؤول في الوكالة المغربية للمياه والغابات أن حريقا اندلع صباح اليوم في غابة جبل أغندرو بمنطقة كتامة في محافظة الحسيمة.

وشهدت معظم محافظات المغرب ارتفاعا كبيرا في الحرارة طوال الأيام الماضية بلغت 45 درجة بالمناطق التي اندلعت فيها الحرائق.

سيول السودان

وفي السودان، قالت لجنة الطوارئ بمحلية المناقل بولاية الجزيرة إن 2600 منزل انهارت بشكل كلي، وتضرر نحو 5 آلاف منزل بشكل جزئي، كما غمرت السيول نحو 5 آلاف فدان.

وتعد هذه السيول الأسوأ منذ أمد طويل، مما استدعى مناشدة المنظمات الدولية إغاثة المنكوبين، خاصة وأنهم عرضة للأوبئة.

وفي مدينة أم دافوق في ولاية جنوب دارفور غربي السودان، قالت السلطات المحلية إن مساحات واسعة غمرتها المياه إثر انهيار جزئي في سد أم دافوق المائي المجاور للمدينة.

وأكدت السلطات أن شخصين قتلا، وأن عشرات العوائل شردت، ودمرت عشرات المنازل، وأن مياه السد قطعت الطريق البري الرابط بين السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وباتت المدينة معزولة ومطوقة بالمياه من كل الاتجاهات.

كما أعلنت سلطات ولاية شمال دارفور عن تضرر 1800 أسرة نازحة تقيم في معسكر “زمزم” من الأمطار الغزيرة والسيول التي شهدتها المنطقة على مدار اليومين السابقين.

وأشارت إلى حاجة السكان لمساعدات عاجلة تساعدهم على تجاوز الأوضاع الإنسانية والصحية الحرجة.

وتأثرت مناطق واسعة من السودان بصورة كبيرة بالأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي تركت وراءها عشرات الضحايا، وتسببت بتدمير عشرات الآلاف من المنازل.

وتعتبر ولاية نهر النيل شمالي البلاد والجزيرة (وسط) وكسلا في الشرق ودارفور في الغرب أكثر المناطق تضررا من هذه التقلبات المناخية.

مناخ أوروبا

وفي خضم تراجع الأمطار في أوروبا، تعرضت مناطق شاسعة من إقليم توسكانا الإيطالي لعواصف وأمطار غزيرة، وتسببت الرياح القوية في اقتلاع أشجار بصورة كلية وإحداث أضرار جزئية بأخرى والإلقاء بها فوق السيارات والمنازل.

كما لحقت الأضرار بشبكات الكهرباء والاتصالات وغيرها من الخدمات، ويضاف إلى ذلك الخسائر في قطاع النقل والسيارات التي عصفت بها الرياح.

وفي مدينة البندقية (فينيسيا) الوجهة السياحية الأبرز في البلاد بثت صور لرياح قوية وهي تجتاح قلب المدينة وعلى نحو أجبر السياح والسكان على الانزواء واللجوء إلى أماكن آمنة.

وفي شرق إسبانيا، ساعدت الأمطار عناصر الإطفاء في احتواء الحريق المستعر في منطقة فالنسيا، لكن ألسنة اللهب لا تزال تتسع بسبب الرياح بعد أن أتت على مساحة 19 ألف هكتار.

وكان مئات من رجال الإطفاء المدعومين من مروحيات وطائرات، يعملون منذ أيام في مواجهة حريق يمتد على أكثر من 120 كيلومتر اقترب بشكل خطير من منتزه سييرا كالديرونا الطبيعي.

ووصف رجال الإطفاء من وحدة الطوارئ العسكرية الليلة بأنها كانت “صعبة” ونشروا صورا لألسنة اللهب العملاقة على تويتر.

وشهدت إسبانيا منذ بداية العام 391 حريق غابات أتت على 283 ألف هكتار، وفق النظام الأوروبي للمعلومات عن حرائق الغابات، أي أكثر 3 مرات من العام 2021.

وإلى فرنسا، فرغم سقوط أمطار كثيفة خلال الأسبوع الحالي فإن البلاد تواجه أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 60 عاما، بسبب تراجع مستوى تساقط الأمطار بصورة كبيرة عن معدلها السنوي.

ولا تزال موجة الحر الثالثة التي بدأت أواخر يوليو /تموز الماضي تهيمن على جميع أنحاء البلاد تقريبا، مما عمّق حدة الجفاف الذي وصل إلى مستوى تاريخي.

المصدر : الجزيرة + وكالات

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here