دوغين ليس بقال فهو مستهدف

دوغين ليس بقال فهو مستهدف، نعيم الهاشمي الخفاجي

تناقلت وسائل الإعلام خبر وقوع عملية تفجير عبوة ناسفة في سيارة شخصية سياسية روسية قريبة من الرئيس الروسي بوتين، وأن العملية تسببت في مقتل أبنة الشخصية الروسية المستهدفة.

وسائل الإعلام ذكرت اسم الشخصية الروسية المستهدفة وتبين أن الشخص المستهدف لم يكن بقال وإنما مفكر وفيلسوف لديه أفكار تتحدث عن أنشاء قوة اقتصادية وسياسية تجمع دول متعددة لتكون قوة عالمية مؤثرة وضاغطة لها وجود ومكان في صنع السياسة العالمية. الشخص هو الفيلسوف الروسي دوغين صاحب «النظرية السياسية الرابعة»، الفيلسوف دوغين يريد إيجاد نظرية جديدة رابعة بعد ان جربت دول العالم النظريات الليبرالية و الاشتراكية والفاشية.

الفيلسوف دوغين طرح رأي في إنشاء قوة عظمى أوراسية عبر دمج روسيا مع الجمهوريات السوفياتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد تسمع للدول المنطوية ضمن هذا التحالف بالتمسك بالقيم التي تؤمن بها سواء الدينية والعرقية، نظرية تضمن حقوق التدين بالمجتمع وعدم تشريع تشريعات تسيء المجتمعات وقيمها، دوغين ليس مفكراً سياسياً فحسب، بل هو أيضاً مدرس وعالم معروف. ترأس في 2009 – 2014 قسم علم الاجتماع للعلاقات الدولية في كلية علم الاجتماع في جامعة موسكو الحكومية، وهو أستاذ فخري في الجامعة الوطنية الأوراسية وفي جامعة طهران. وأستاذ زائر في الجامعة الفيدرالية الجنوبية، وزميل باحث أول في جامعة فودان (شنغهاي).

لكتابات وأفكار دوغين تأثير في النخب الثقافية والسياسية هناك فئات مجتمعية تسمع أفكاره، ولكتابات وافكار دوغين دور مهم في تطوير آليات التفكير السياسي الروسي، شغل مناصب عديدة منها منصب رئيس لقسم مركز الخبرة الجيوسياسية التابع لمجلس الخبراء الاستشاري المعني بقضايا الأمن القومي تحت رئاسة مجلس الدوما. ومنذ مارس (آذار) 2012 عضو في المجلس الاستشاري لرئيس المجلس.

في عام 2014 بعد ضم شبه جزيرة القرم تم إدراج دوغين على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي، وفي العام التالي أدرج على اللائحة الأميركية وفي عام 2016، وصف الخبير السياسي الأميركي غلين بيك دوغين بأنه بين «أخطر رجال في العالم»

نظرية دوغين الأوراسية تعني إحياء الاتحاد السوفياتي على خلفية آيديولوجية جديدة تجمع مابين الليبرالية والاشتراكية، ظهرت نظرية دوغين في عام 2014 الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، انهيار الاتحاد السوفياتي بين ليلة وضحاها ترك اثر سيء لدى الكثير من الساسة والقادة من دول السوفيت وبعد انهيار السوفيت مباشرة، رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف كان ولازال مؤيد لاعادة دول الاتحاد وكذلك الرئيس الروسي بوتين كان من الناس الذين اسائهم تهيكل الاتحاد السوفياتي وسقوط المعسكر الشرقي، لذلك تبنى بوتين فكرة إيجاد تجمع يضم دول الرابطة السوفياتية واصدقاء روسيا بالعالم للتعاون الاقتصادي والسياسي، بل كانت توجد افكار سابقة تعود عشرينات القرن التاسع عشر حول الحاجة إلى إنشاء اتحاد أوروبي آسيوي يشكل تحولاً تدريجياً للاتحاد السوفياتي إلى اتحاد أوراسي واسع، عن طريق تغيير الأيديولوجية الشيوعية إلى الأوروآسيوية.

المتابع لخطابات بوتين يكتشف بوضوح أنه تخلى عن النظرية الشيوعية التي كان يؤمن بها وتبنى أيديولوجية جديدة، حيث بات بشكل واضح حضور بوتين إلى الكنيسة واجتماعه مع العلماء المسلمين والقساوسة وتمسكه في القيم المجتمعية وضد الانحلال الاخلاقي، برزت في أوساط علماء السياسة الروس وبينهم دوغين «الآيديولوجية الاجتماعية المحافظة»، كبديل عن «الليبرالية الديمقراطية الغربية»، وبرز أيضاً مجدداً مشروع «الاتحاد الأوراسي».

استهداف دوغين إنما استهداف مفكر وفيلسوف يريد إيجاد تجمع دول بزعامة روسيا يضمن وجود قطب عالمي اقتصادي وسياسي جديد بالعالم يحضى في دعم جزء من دول العالم الرافضة إلى هيمنة القطب الواحد.

طبيعة الإعلام العربي البدوي مرتبط في دول الناتو فهم يدفعون فواتير حروب الناتو الباردة والساخنة، بطبيعة العبيد يدافعون عن اسيادهم وإن انتهكوا أعراضهم وعامل وعاملوهم بالضرب المبرح وبكافة الأسلحة من الضرب بالبسطال والحذاء والبصق بالوجه والإهانة…..الخ، أحد مرتزقة الإعلام العربي البدوي طرح هذا التساؤل، ‏ماذا تتوقعون من الرئيس الروسي بوتين أن يفعل بعد محاولة استهداف مستشاره الخاص التي راح ضحيتها ابنة المستشار في تفجير سيارة في قلب موسكو.

اقول إلى هذا وامثاله، يفترض بالصحفي أن يكون مهني بطرحه، دوغين لم يعمل مستشار شخصي لدى بوتين، فمن أين هذا أتيت به ياصه……، هناك مبالغة عربية وعربية في بتقيم دوغين

عادة الفلاسفة والمنظرين يسبقون الساسة والسياسات زمنياً، لكن بحالة دوغين الأمر متماثل ومتكافىء بوتين رسم سياسته و دوغين شارك بوتين في ترسيخ أفكاره في تبني النظرية الرابعة في إيجاد قوة عالمية اقتصادية وسياسية تتبنى أفكار ليبرالية واشتراكية ومحافظة في آن واحد، بوتين رجل مخابرات متمرس ومعه مجموعة من المفكرين والفلاسفة الروس دوغين أحدهم، ‏‎محاولة استهداف شخصية روسية مهمة مثل دوغين والتي راح ضحيتها ابنته يتضمن رسالة صريحة من الغرب الى بوتين الى انه بالامكان استهدافه، هذه العملية ربما تفتح باب ساخن من حرب باردة جديدة.

روسيا دولة عظمى كل الإحتمالات واردة، ممكن الرد يكون عسكرياً على الجبهة الأوكرانية و ممكن الرد يكون عملية استخباراتية، بوتين حاله حال الذئب، تستطيع تقتل ابن الذئب وينتهي الأمر بالنسبة لك، لكن الذئب يبقى يخطط للثأر، حدثت قصة حقيقية عندما كنت شابا يافعا بالعراق قتلنا جرو ذئب، النتيجة الذئب أنتقم منا ومن الجيران في استهداف قطعان الحيوانات يفتك بأكبر عدد، لكن هذا الذئب كان يتحاشى مهاجمة البشر ابدا ليس لكونه مسالم ابدا، لكنه يخشى من عملية الثأر الشامل من ابناء المنطقة، يخشى من البشر حمل اسلحتهم لتفتيش المنطقة لقتل جميع الذئاب بالرصاص والحرق، في الختام وجود أنصار للتنظيمات الوهابية التكفيرية في روسيا هؤلاء أدوات مجانية لتنفيذ عمليات تستهدف روسيا من الداخل وخدمة مجانية لتنفيذ مخططات أعداء بوتين وروسيا.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

22/8/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here