هِدْ واني اهِدْ

د.عبد الكريم السوداني

في طفولتنا كانت ذروة الخلاف بين اي طفلين او صبيين تصل الى امساك احدهما بالاخر ثم ينظر احدهما الى الاخر ويبدا الاول باطلاق كلمة واحده وهي ( هد) اي ارفع يدك عني ويجيب الثاني بنفس الكلمة ( انت هد) .

يتطور الحوار ليكون بثلاث كلمات (هد واني اهد ) ليجيب الاخر (انت هد واني اهد) . ثم يتقلص الحوار ( هدني واهدك) لتأتي الاجابة ( اذا متهدني ماهدك) … وهكذا يتصاعد الصراع ثم يهبط ثم يتصاعد الى ان يتدخل بينهما ابن حلال اكبر منهما عمرا او صديق مقرب جدا من الاثنين ليرفع ايديهم بنفس اللحظة ويقف بينهما مبتسما بوجه هذا وذاك ليعود الجميع الى ماكانوا عليه يلعبون ويمرحون.

للاسف الخلاف بين التيار والاطار اعاد للذاكرة هذه الصورة فالتيار امسك بالاطار والاطار امسك بالتيار الاول يقول (احل البرلمان )يجيب الثاني ( اني احل البرلمان)يقول الاول (اريد انتخابات مبكرة ) ويجيب الثاني ( اني اريد انتخابات مبكرة ) يصرخ الاول (لا اتخلى عن محاربة الفساد )يجيب الثاني (نحن نطالب بمحاربة الفساد ) يعود الاول ( لابد من تغيير الدستور )يكمل الثاني (وفق الاطر الدستورية).

يصمت الاثنان ويتبادلان النظرات ويصرخ الثاني ( نغيير الحكومة ونجعلها حكومة تصريف اعمال ) يكمل الاول ( بشروطي ) يعترض الثاني ( وفق الاطر الدستورية نغير الحكومة وقانون الانتخابات )

يهدد الاول ( اطلع مليونية ) يرد الثاني ( اني هم اطلع مليونية ) يصرخ الاول( احل البرلمان ) يجيب الثاني ( اني احل البرلمان ) ويعود نفس الحوار ….

والسؤال متى يتدخل ابن الحلال لحل هذا الخلاف بين الطرفين ؟ ماذا ينتظر ؟ومن هو ابن الحلال الذي يقوم بهذه المهمة ؟

اذا كان هناك من يعتقد ان ابن الحلال سيخرج من الاحزاب والكتل المشاركة في العملية السياسة فهو واهم لان المتخاصمين لايذعنان لاي شخص من هؤلاء فضلا عن كون هؤلاء اولاد الحلال هم متخاصمون فيما بينهم وينتظرون ابن حلال ليتدخل بينهم ويحل خلافهم !!

اذا ابن الحلال الذي ننتظره سيأتي من خارج الاحزاب والكتل السياسية .

واكاد ان اجزم هنا ان لدينا ابن حلال واحد لاغيره يستطيع حل هذا الخصام وعن بعد وبالاشارة . نعم انه المرجع المبارك السيد علي السيستاني الذي اغلق بابه وتركهم يلهثون .

والسؤال هنا لماذا ينتظر الطرفان المتخاصمان ان يتدخل بينهما ابن حلال؟

لماذا لايقومان بحل الخلاف كما لو تدخل ابن الحلال بينهما؟

بالتاكيد ان اولى خطوات الحل التي سيلجأ اليها ابن الحلال هي الامر بسحب جماهير كلا الطرفين من المنطقة الخضراء والمناطق المحيطة بها وايقاف جميع التصريحات والعمل على تنفيذ النقاط المشتركة بين الطرفين والتي هي اقرار الموازنة واجراء التعديلات على قانون الانتخابات التي حددتها المحكمة الاتحادية والاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة خلال مدة محددة يتفق عليها جميع الاطراف وليس الطرفان المتخاصمين فقط ..

وكل هذا يتطلب عقد جلسة للبرلمان وانتخاب رئيسا للجمهورية ثم تكليف احدى الشخصيات لرئاسة مجلس الوزراء وتحديد مهام الحكومة المؤقتة وينتهي كل شئ .. ولعل البعض يتسأل هل يمكن ان يكون الحل بهذه السهولة ؟ نعم لان لاحل سوى هذا الحل .

فكيف للبرلمان ان يقر الموازنة ويجري التعديلات على قانون الانتخابات وكيف له ان يشكل الحكومة دون ان يجتمع ؟

وكحل وسط يضمن هيبة الطرفين نقترح سحب جمهور التيار الصدري الى ساحة التحرير ليراقب من هناك القرارات واذا اراد العودة الى البرلمان اعتراضا على اي قرار فأن المنطقة الخضراء اصبحت ملعب الخضراء بأمكانهم دخولها في أي وقت .

لقد طال خصامكم وطال انتظارنا ولم يأت ابن الحلال .

عليكم ان تستوعبوا ان الاوضاع خطيرة جدا وان ابن الحلال رفع يده عنكم ولن يتدخل فاحسموا الامر وارفعوا ايديكم ويكفيكم من( هد واني هد)

واستمعوا الى شعبكم الذي بات يغني (عد واني اعد ونشوف ياهو اكثر هموم).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here