مراقبون: الادعاء العام العراقي جهاز «خامل» يحتاج إلى إنعاش

يرصد متابعون للشأن العراقي ضعف جهاز الادعاء العام في أداء دوره، بتعقب الخروقات الحاصلة للقوانين، وتعدد ملفات الفساد التي ظهرت خلال الفترة الماضية، فضلاً عن التسريبات الصوتية التي ضجت بها الساحة العراقية، وسط مطالبات بضرورة تفعيل عمل هذا الجهاز الذي يمتلك صلاحيات كبيرة، وفق  القانون الخاص به.

وحفزت تلك الوقائع تساؤلات عن دور الادعاء العام في العراق، وسبب الغموض الذي يكتنف عمله، وكذلك عدم فاعليته.

وفي أيلول / سبتمبر من العام الماضي، قرر مجلس القضاء الأعلى تكليف القاضي نجم عبد الله أحمد بمهام رئيس الادعاء العام في العراق.

قانون «جيد»

وشرع البرلمان العراقي، قانون الادعاء العام، عام 2017، حيث تضمن جملة بنود اعتبرها قانونيون بأنها تصب في صالح عمل المدعين العموميين.

ونص القانون على أن من واجبات الادعاء العام إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والإداري ومتابعتها استناداً إلى  قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (٢٣) لسنة ١٩٧١ المعدل.

كما نص على أنه يحق للادعاء العام التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في  قانون العقوبات رقم (١١١) لسنة ١٩٦٩ (المعدل) طبقا لأحكام  قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (٢٣) لسنة ١٩٧١ المعدل على أن يحيل الدعوى خلال (٢٤) ساعة إلى قاضي التحقيق المختص من تاريخ توقيف المتهم.

وعلى رغم تلك السلطات والصلاحيات، فإن جهاز الادعاء العام في العراق ما زال غير فاعل، وهو بحاجة إلى إنعاش فوري، في ظل الحاجة الماسّة إلية.

ويرى مراقبون للشأن القانون، أنه يفترض بالادعاء العام الآن، تحريك الشكوى الجزائية تجاه من يظهر في المقاطع المسربة، ومن توجه إليه اتهامات بالفساد المالي والإداري، وملاحقة تلك الملفات لحين التوصل إلى خيوطها وإثباتها أو نفيها.

جمود مستغرب

ويعد جهاز الادعاء العام من الأجهزة الهامة والحساسة في غالبية المحاكم بسبب الدور الفعال الذي يقوم به المدعي العام في متابعة ومراقبة والتحقيق في القضايا المتعلقة بالحقوق العامة مثل قضايا الرشوة والفساد الأداري والمالي التي تحدث في مؤسسات الدولة المختلفة، لكن هذا الجهاز يعاني من التهميش في المحاكم العراقية بشكل عام.

ويرى المحامي العراقي عمار الحمداني، أن «الادعاء العام بحاجة إلى دفعات كبيرة من الدعم لأخذ دوره، فكما هو واضح للجميع، عدم تمكنه من أداء أي دور، ومن المستغرب أن يبقى القضاة في هذا الجمود، خاصة وأن البلاد تعاني انتشار الفساد المالي والإداري، وكثيرة الملفات التي تحتاج إلى متابعات، مثل التسريبات وقضايا الفساد وفضائح السياسيين وسوء الإدارة وغيرها».

وأضاف الحمداني في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «القوانين العراقية منحت المدعي العام حق رفع أية دعوى قضائية يريدها، وأعطته سلطات كبيرة في تعقب ملفات الفساد والتقصير في أداء الجهاز التنفيذي وحضور المرافعات القضائية ومراقبة كيفية تطبيق القوانين وغيرها».

فترة مظلمة

ويقول خبراء قضائيون، إن السلطة القضائية بشكل عام تمر بفترة مظلمة صبغت تاريخ القضاء العراقي، حيث تحوم شبهات فساد حول قضاة وجهت إلى البعض منهم تهم بذلك، ولم يقتصر الأمر على هذا، بل صرّح عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي بأن الكثير من ملفات الفساد التي ترسل إلى المحاكم العراقية، سواء من قبل مجلس النواب أو من جهات حكومية أخرى أو من المواطنين، تضيع داخل دهاليز المحاكم وتترك على الرفوف ليعلوها الغبار مع مرور الزمن.

كما أن دور المحكمة الاتحادية خلال الأزمة السياسية، بدا واضحاً بأنه يميل إلى طرف سياسي على حساب الآخر، حيث أصدرت المحكمة قراراً بما عُرف بـ «الثلث المعطل»، حيث منعت تحالف ‹إنقاذ الوطن› من عقد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، فضلاً عن نقضها عدداً من الإجراءات التي صبت في صالح قوى ‹الإطار التنسيقي›.

كما أن بعض السياسيين والمسؤولين والنواب الحاليين والسابقين المتهمين بجرائم، وآخرين وجهت لهم اتهامات بالفساد، لا يزالون يمارسون عملهم بشكل رسمي وجميع قضاياهم أغلقت تماما من قبل القضاء العراقي.

وعلى رغم إعلان مجلس القضاء في العراق فتح تحقيق بشأن عدة قضايا، مثل التسريبات الصوتية لرئيس ائتلاف ‹دولة القانون› نوري المالكي، لكن الرأي العام في العراق يرى في هذا الإعلان بأنه يأتي لذر الرماد في العيون، ولا يمكن أن يُسفر عن شيء، وما دعم تلك النظرة هو عدم اتخاذ إجراءات جديدة لغاية الآن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here