بمناسبة استشهاد الامام علي زين العابدين عليه السلام: صفاته في قصيدة الفرزدق

الدكتور فاضل حسن شريف

قدم هشام بن عبد الملك للحج برفقة حاشيته وقد كان معهم الشاعر العربي الفرزدق وكان البيت الحرام مكتظاً بالحجيج في تلك السنة ولم يفسح له المجال للطواف فجلب له متكأ ينتظر دوره وعندما قدم الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب انشقت له صفوف الناس حتى ادرك الحجر الاسود فثارت حفيظة هشام وأغاضه ما فعلته الحجيج لعلي بن الحسين فسأل هشام بن عبد الملك من هَذا؟ فأجابه الشاعر العربي الفرزدق هذه القصيدة وهي من أروع ماقاله الفرزدق: هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ * وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ * هذاالتّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ هذا ابنُ فاطمَةٍ إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ * بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا وَلَيْسَ قَوْلُكَ مَن هذا بضَائرِه * العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا * يُسْتَوْكَفانِ وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ إذا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها * إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ يُغْضِي حَياءً وَيُغضَى من مَهابَتِه * فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ * رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ اللَهُ شَرَّفَهُ قِدمًا وَعَظَّمَهُ * جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ.

بين الشاعر الفرزدق صفات الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين عليه السلام بأنه خير عباد الله وهو التقي فيه طهارة و ونقاوة المنبت والعلم (هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ * هذاالتّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ) نسبة الى الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم. وكيف لا وهو ابن فاطمة الزهراء عليها السلام وجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الانبياء (هذا ابنُ فاطمَةٍ إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ * بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا). وقد رد الشاعر على خلفية سؤال هشام بن عبد الملك (وليس قولك من هذا؟) ونكرانه لامامته عليه السلام الذي يضره شئ لان العرب والعجم تعرفه (وَلَيْسَ قَوْلُكَ مَن هذا بضَائرِه * العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ).

ومن صفات علي بن الحسين عليه السلام الملقب بالسجاد وزين العابدين وهي من صفاته ايضا، فانه كريم كون كلتا يديه غياث مثل المطر لا ينعدمان (كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا * يُسْتَوْكَفانِ وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ) ولا يتوقفان عن الكرم (إذا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها * إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ ). والتعامل معه عليه السلام سهل لسجيته وطبعه السهل لان خلقه حسن وصاحب شيمة لا يهادن الحق ( يُغْضِي حَياءً وَيُغضَى من مَهابَتِه * فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ). ومن صفاته حمل هموم الناس من مختلف الاقوام لذلك فتحوا له المجال لتقبيل الحجر الاسود ( يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ * رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ). وعندما يطلب منه أحد حاجة لا يقول لا إلا عند التشهد لا يقول نعم (لا اله الا الله). وعلمه واحسانه الذي عم البرية حتى انقشعت غياهب الجهل والفقر. وهو كريم لا نهاية لكرمه كما تشهد له قريش. ويتصف الامام السجاد عليه السلام بالحياء والهيبة فهو يخفض بصره عند سيره. وصفته التبسم كما كان حال جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتصدر منه رائحة كرائحة الخيزران من كفيه ووجهه ذات الهيبة والشيمة. والإمام عليه السلام له علاقة بالبيت الحرام ومنه الحطيم المحيط بالكعبة وركنه وهو الحجر الاسود (يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ * رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ)، وبسبب شرفه وعظمته عرفه الحجيج، والقلم يعجز عن رسم لوحة الشرف هذه (اللَهُ شَرَّفَهُ قِدمًا وَعَظَّمَهُ * جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here